حققت الاستثمارات الاجنبية المباشرة ارقاما غير مسبوقة في عام 2006 حيث بلغت نحو 7.4 مليار دولار وهو رقم يستحق التقدير حيث ان الحكومة تستهدف ان تصل قيمة هذه الاستثمارات إلي 8 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي وخاصة انها تعرض علي المستثمرين فرصا استثمارية واعدة في الكثير من القطاعات الاقتصادية والانتاجية والخدمية. ونحاول في هذه السطور تقديم كشف حساب لواقع الاستثمار والتشغيل باعتبارهما من البرامج الرئيسية للبرنامج الانتخابي للرئيس حسني مبارك ومن ثم الحكومة في عامها الأول والذي يتزامن مع بداية ونهاية العام 2006. وفيما لم تتوافر البيانات الكاملة عن العام 2006 يمكن رصد هذا النجاح الذي تحقق في جذب الاستثمارات من واقع أرقام العام المالي 2005/2006. كانت الزيادة في صافي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر ترجع بالأساس إلي زيادة تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر في القطاعات غير البترولية حيث بلغت 4279.2 مليون دولار مقابل 1361.5 مليون دولار خلال العام المالي 2004/2005 أي بنسبة زيادة تبلغ 214.3% بينما بلغ صافي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر في القطاعات البترولية نحو 1832.2 مليون دولار في العام المالي 2005/2006 مقابل 2540.3 مليون دولار خلال العام المالي 2004/2005. ويشمل صافي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر في القطاعات الاقتصادية غير البترولية 3347.8 مليون دولار حصيلة تأسيس شركات جديدة وزيادة رؤوس الأموال المصدرة وهو ما يمثل 54.8% من اجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر ويشمل كذلك 905.7 مليون دولار حصيلة بيع شركات واصول انتاجية لغير المقيمين والتي تمثل 14.8% من اجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام. المعوقات وفي المقابل وبرغم كل ذلك يرصد الخبراء والمسئولون العديد من المعوقات التي مازالت تقف حائلا أمام الاستثمار وابرزها الاجراءات المعقدة للحصول علي الأراضي ويوضح مدحت عبد العزيز خبير صناعة الغزل والنسيج انه برغم الاصلاحات التي تتم في القطاع المصرفي الا انه مازال الحصول علي التمويل والائتمان يمثل صعوبة امام نمو الاستثمارات بشكل عام، كما يري انه رغم استحداث دائرة خاصة لفض المنازعات الاقتصادية والاستثمارية في 2006 إلا أن وجود المحاكم الاقتصادية التي وعدت بها الحكومة يمثل أملا امام المستثمرين في وجود تشريعات تسهل من اجراءات وزمن التقاضي وتحقق العدالة. ويتفق معه في ذلك الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن جاب الله الذي يرصد ايضا عدم صدور قانون البناء الموحد الذي يمثل هدفاً كبيرا للمستثمرين، والمعروف ان الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار كان قد أكد هو الآخر ان كل هذه المعوقات مازالت تواجه المستثمرين. التشغيل ويبقي السؤال الأهم: هل كانت هذه التدفقات الاستثمارية خلال العام المالي 2005 - 2006 كافية لتحقيق فرص العمل وبرنامج التشغيل الذي وضعته الحكومة كترجمة برنامج الرئيس حسني مبارك الانتخابي الذي يهدف إلي توفير 4.5 مليون فرصة عمل خلال 6 سنوات؟ وهل يكفي المحقق خلال العام لتحقيق ذلك. اذا وضعنا في الاعتبار ان متوسط تكلفة توفير فرصة العمل الواحدة يصل إلي نحو 100 ألف جنيه، وهو رقم يتفاوت بالطبع بين قطاع وآخر. وكما يري الدكتور ايهاب الدسوقي استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة بالرغم من ارتفاعها خلال السنوات الاخيرة، إلا أنها لا تكفي لتوفير فرص التشغيل المطلوبة لمواجهة البطالة كما لا تكفي وحدها لتنفيذ المستهدف من سياسة التشغيل التي أعلنتها الحكومة. وفيما يخص تشغيل العمالة الأجنبية والاستعانة بها في الشركات القائمة أو الجديدة يري د.الدسوقي اننا وفي اطار الحرص علي مزيد من جذب الاستثمارات لا نستطيع منعها ولكن الأهم هو الالتزام بالنسبة المحددة لذلك. ويلفت الدسوقي إلي أن مدخراتنا أقل من استثماراتنا حيث بلغت نسبة المدخرات إلي الناتج المحلي الاجمالي 17% وبلغت نسبة الاستثمارات 30% وهو ما يتطلب تغطية هذه الفجوة وذلك من الاستثمار الاجنبي. وفي رأي الدكتور محمد عبد العزيز حجازي استاد الاقتصاد بجامعة القاهرة ان الفيصل في صحة تحقق وعود الحكومة بالنسبة للتشغيل عام 2006 يتوقف علي وجود كشوف تحليلية وتفصيلية بطبيعة الوظائف الجديدة لعام 2006 والجهات التي ألحقت عمالة جديدة وعدد العمالة التي احتاجها كل قطاع والمؤهلات التي تم تعيينها حتي يتم التعرف بدقة علي اجمالي فرص العمل التي تم ايجادها وفرص العمل التي احتاجها كل قطاع سواء خاصا أو حكوميا والمؤهلات التي تم تعيينها حتي يتم التعرف بدقة علي طبيعة الأرقام الاجمالية التي أعلنتها الحكومة عن فرص العمل. ويتفق معه الدكتور مختار الشريف استاذ الاقتصاد بجامعة بنها وعضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني مشيرا إلي أن البيانات التفصيلية عن فرص العمل الجديدة لعام 2006 لم تخرج بعد من الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء والذي عليه ان يترجم هذه البيانات إلي حقائق تفصيلية توضح توزيع هذه الفرص علي القطاعات المختلفة والبيانات المختلفة. ويوضح د.مختار ان عام 2006 قد شهد عددا من المشروعات الكبيرة الجديدة في الطرق والمياه بالاضافة لتراجع حالات الافلاس وزيادة عدد الشركات الجديدة ومن المؤكد ان كل هذا ساهم في زيادة فرص العمل، ويضيف د.الشريف ان الشارع المصري قد شعر بتراجع في البطالة عام 2006 عن العام السابق وان كان بقدر غير كبير.