بداية أعلن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء في المنتدي الاستراتيجي العربي بدبي في ختام العام الماضي ان حجم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلي مصر تضاعف أكثر 10 مرات في عامين وهذا يؤكد اننا نسير في برنامج الإصلاح الاقتصادي علي الطريق الصحيح وقال إننا نستطيع جذب 8 مليارات دولار في العام الحالي بدون قطاع البترول. ومؤخرا أعلن الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار ان الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام الماضي بلغت 6 مليارات دولار وهو ما يعني اننا يمكننا بسهولة استقطاب ال 8 مليارات دولار خلال السنة المالية الحالية. ويوضح السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب ان المؤتمر الأخير للأمم المتحدة حول الاستثمار أظهر ان مصر احتلت المركز الثاني بين الدول العربية الجاذبة للاستثمار حيث اجتذبت 4.5 مليار دولار وجاءت الإمارات في المركز الأول مجتذبة 12 مليار دولار خلال عام 2006. ويضيف ان ما تحتاجه مصر ليس 8 مليارات دولار حتي تحقق ما تحلم به وإنما تحتاج لاستقطاب 10 مليارات دولار لمدة 10 سنوات متصلة، ثم جذب 20 ملياراً ل 10 سنوات أخري متصلة حتي تستمر في تحقيق معدلات نمو منتظمة ومستمرة موضحا ان الحكومة لا يجب ان تركز علي رقم وإنما تركز علي سد الفجوة بين المدخرات والمستهدف كاستثمار لمواجهة متطلبات التنمية. ويشير بيومي إلي اننا من المفروض ان نستثمر سنويا 30% من الناتج القومي ولكن ما يتوافر حوالي 15% للاستثمار وهو ما يعني ضرورة استقطاب ال 15% الباقية من الاستثمار الأجنبي المباشر مؤكداً ان مصر يمكنها تحقيق ذلك وخاصة ان الصورة الاقتصادية لمصر خلال الخمس سنوات الأخيرة أفضل مما قبلها. ويوضح انها ليست أفضل من بداية التسعينيات وارجع ذلك لأسباب ليس لها علاقة بالسياسات الحكومية وإنما لطبيعة المناخ المقاوم للاستثمار سواء من طبقة رجال الأعمال أو الرأي العام بدليل ما حدث من اعتراضات لبيع عمر أفندي وشركات الأسمنت وهو ما يعني ضرورة بذل الحكومة لجهد إضافي لطمأنة الرأي العام إلي ان التوجه إلي رأس المال الأجنبي هو توجه مدروس ولا يضر بالصالح الوطني خاصة في القطاعات الاستراتيجية والبنية الأساسية والبنوك تحديداً. الضرائب أولاً وفي المقابل يقول يماني فلفلة رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المصري المغربي انه حتي نحقق هذه الأرقام يجب أولا "معالجة" الضرائب المفروضة علي المستثمرين وتخفيضها إلي 20% كما يحدث في كل دول العالم فلا يمكن معاملة المستثمر مثل أي قطاع آخر بالإضافة إلي كما يقول فلفلة تفعيل المحاكم الاقتصادية الخاصة مثل المغرب وتونس والتي تطبقها منذ 15 سنة وهذا الاحساس المستثمر المتوقع لأن هناك نظاما قضائيا يضمن سرعة الفصل في المنازعات. ويضيف يماني فلفلة بأن الاستمرار في الإصلاح السياسي والاقتصادي يؤدي لتحسين الصورة الذهنية عن مناخ الاستثمار في مصر بالإضافة إلي استقرار الأسواق من خلال تفعيل قانوني حماية المنافسة وحماية المستهلك. الأراضي الصناعية ويلفت فلفلة الانتباه إلي انه إذا كانت الحكومة تسعي لاستقطاب الاستثمار الأجنبي فأين الأراضي الصناعية لإقامة المصانع، مشيرا إلي تجربة مر بها مع أحد أجهزة المدن الجديدة فبعد الاتفاق علي الأرض لإقامة مصنع وتم تسديد 25% من قيمة الأرض لم يستلم للآن الأرض ولم توضح الجهة التنفيذية لماذا التأخير في تسلم الأرض وهو ما يعني انه علي مستوي السلطات التنفيذية هناك عوائق كثيرة أمام المستثمرين. الحصان الأسود ويضيف رئيس مجلس الأعمال المصري المغربي انه لا يجب ان نركز علي قطاعات بعينها مثل البترول أو الحديد أو الأسمنت فهذه القطاعات تبيع نفسها بنفسها، مشيرا إلي ان قطاع السياحة المصري هو الحصان الأسود لجذب استثمارات تليق بمصر خاصة ان دولة مثل اليونان لا يتجاوز منتجها السياحي 10% مما تملك مصر إلا ان تقرير منظمة السياحة الدولية يؤكد انها نجحت في اجتذاب 20 مليون سائح أنفقوا 20 مليار دولار خلال العام الماضي. ويقول فلفلة إن مصر تستوعب أكثر من 80 ملياراً سنويا في قطاعات كثيرة وليس 10 مليارات دولار التي تستهدفها الحكومة. أما الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام فيوضح ان الاستثمارات التي تحققت هي لشراء قطاعات بعينها مثل الأسمنت والغاز والعقارات ولكن إذا أردنا تحسين معدل الاستثمار فإن ذلك يحتاج إلي قرارات اجتماعية وهي احدي مشكلات النظام السياسي. ويدلل الدكتور محمد السيد علي ذلك بأن الاستثمار المحلي لا يزال محدودا وتضخم الفوائض بالقطاع المصرفي والاستثمار الأجنبي يستشعر المناخ من الاستثمار المحلي. يضيف أنه يجب أن يتم تخفيض معدل الفائدة وتقليل الضوابط المتعلقة بالائتمان وبالتالي سيرتفع الاستثمار المحلي وهو يساهم في تحسين المناخ الاقتصادي وبالتالي جذب مزيد من الاستثمار الأجنبي كما تستهدف الحكومة. ويري الدكتور سلطان أبو علي أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق ووزير الاقتصاد الاسبق أنه رغم ارتفاع أرقام الاستثمار إلا أنه لا يحقق ما تسعي إليه الحكومة من زيادة معدلات النمو وخاصة أنه استهدف خلال العام الماضي الخدمات وحتي يحقق هذا الاستثمار ما تهدف إليه يجب أن ننتقي الاستثمار الذي يسعي للأنشطة التحويلية أي يغزو قطاع الصناعة وليس الاستثمار الذي يستهدف الأنشطة الإخراجية مثل البترول. ويتساءل الدكتور سلطان أبو علي عن معوقات الاستثمار وهل فاعلية الحوافز المطبقة حاليا لجذبه وتوجيهه إلي الأنشطة التي يحتاجها الاقتصاد المصري في المرحلة الحالية هو الأفضل والأكثر فاعلية؟ ويري محمد أبو العينين رئيس لجنة الصناعة بمجلس الشعب ورئيس الشعبة العامة للمستثمرين أننا نحتاج إلي تغيير كبير في البنية الفوقية والتحتية حتي نستقطب مزيدا من الاستثمارات موضحا أنه فيما يخص البنية التحتية فنحن نحتاج إلي تطبيق المواصفات الدولية الخاصة بالمرافق العامة مثل الطرق والكباري والكهرباء وشبكات الصرف أما فيما يخص البنية الفوقية كما يقول أبو علي أهمها تطوير الايدي العاملة بما يتلاءم مع المواصفات القياسية للسوق العالمي والتي يحتاجها أي مستثمر ويضعها في دراسته لأي سوق يبحث عن الاستثمار فيه. أما فيما يخص التشريعات الاقتصادية فيوضح أبو العينين أن الحكومة في طريقها لضبط إيقاع القوانين الاقتصادية بحيث لا تتضارب في سياقها العام وتؤدي إلي استقرار النشاط الاقتصادي.