منذ عقد مضي كان هناك واحد من بين اربعة اطفال بريطانيين يعانون الفقر وكان هذا المعدل هو الأسوأ بين الدول الصناعية والآن تراجعت هذه النسبة إلي 11%. وقد أشار رئيس الوزراء البريطاني "توني بلير" الي هذا التحول بوصفه احد الانجازات المتحققة خلال فترة ولايته علي مدي تسع سنوات إلا أن منتقديه قالوا انه لم يساعد الأكثر فقرا كما انه يدير ميزانية مثقلة بالعجز. وتأتي معظم افكار بلير مباشرة من الولاياتالمتحدة التي لم تحقق الا القليل لمكافحة الفقر علي مدي العقد الماضي. وقد تبنت بريطانيا عدة نظريات لمكافحة الفقر، مثل وضع حد ادني للاجور وبرامج تعليمية واعفاءات ضريبية للفقراء شأن الولاياتالمتحدة. وكان بلير قد صرح في عام 1999 بأن الهدف الاساسي للحكومة هو القضاء علي الفقر بين الاطفال خلال عقد. وبلغت نسبة الاطفال الذين يعانون الفقر بحلول مارس 2005 حوالي 11% مقابل 24% في مارس 1998 وفقا لمفهوم الفقر الذي يتم ربطه بمعدل التضخم.. وتعاني الولاياتالمتحدة ارتفاعا في معدلات الفقر بين الاطفال وبلغت حتي نهاية مارس 2005 حوالي 17.8% مقابل 19.9% عام 1998. وكان رئيس حزب المحافظين البريطانيين "ديفيد كاميرون" قد اتهم في الشهر الماضي توني بلير باستخدام آليات وبرامج واسعة ادت الي تحويل الفائض في الميزانية الي عجز واضاف ان الفقراء في بريطانيا مايزالون يتعاملون بطريقة سلبية بدلا من تشجيع هؤلاء علي العمل. واعترف بلير بهذه الاخطاء ووضع برنامجا جديدا لتقليص نسبة الحمل بين المراهقين وبرامج اخري لمكافحة الادمان والامراض العقلية. وانفقت الحكومة البريطانية حوالي 17 مليار استرليني علي برامج لمكافحة الفقر، خاصة برنامجا يدعي "شور ستارت" الذي بدأته عام 1999 ويعتمد علي تدريب كوادر في مجال التمريض ومنح اعانات للفقراء ورفع المستوي التعليمي للآباء والامهات. وتعتبر برامج "بلير" انقلابا علي سياسات رئيسة الوزراء السابقة "مارجريت تاتشر" التي قلصت الانفاق علي الاعانات الاجتماعية، ولذلك يتم القاء اللوم عليها في مضاعفة معدلات الفقر. وبعد توليه منصبه وضع بلير هدفا لخفض معدلات الفقر بنسبة 25% بحلول عام 2005 وبمقدار النصف عام 2010 وبالقضاء عليه نهائيا بحلول عام 2020، وقد تراجع عدد الاطفال الذين يعانون الفقر الي 3.4 مليون طفل في العام المنتهي في مارس 2005 مقابل 4.2 مليون طفل منذ سبعة اعوام.. وتتمتع بريطانيا بمزايا تفوق الولاياتالمتحدة في برامج مكافحة الفقر. وتقوم هذه البرامج علي توجيه انفاق مباشر لتغطية مصروفات التعليم للاطفال علي اعتبار ان التعليم يساعد في تنمية مهاراتهم. وانفقت بريطانيا 22 مليار استرليني علي الاطفال والاسر المعوزة عام 2003 بزيادة قدرها 59% مقارنة بحجم الانفاق علي هذه البرامج الذي قدر ب13.8 مليار استرليني عام 1997. ولعب وزير الخزانة البريطاني "جوردون براون" دورا حيويا في تصميم برامج مكافحة الفقر، وينتظر ان يتولي براون رئاسة الحكومة بعد تنحي "بلير" عن منصبه في سبتمبر من العام القادم.