سجل النمو الاقتصادي في الصين تباطؤاً للمرة الاولي في عام في الربع الثالث بفضل توجهات رئيس الوزراء وين جياباو نحو كبح الاستثمارات للحيلولة دون انهيار الاقتصاد الصيني اسرع اقتصادات العالم علي الاطلاق ووفقا لتقرير مكتب الاحصائيات توسع اجمالي عائد الناتج المحلي ب10.4% في الربع الثالث نزولا من11.3% في الربع السابق عليه والذي كان اعلي معدل نمو للتنين الاصفر في اكثر من عشر سنوات. وكانت الصين قد لجأت الي فرض قيود علي الاقراض البنكي وتراخيص المصانع الجديدة بهدف ابطاء ايقاع النمو الاقتصادي تدريجيا والذي يمثل نحو عشر اجمالي النمو العالمي. الا ان وين جياباو ما زال يواجه عائقا كبيرا يتمثل في الفائض التجاري القياسي الذي يشعل الانفاق الرأسمالي ويدفع الشركاء التجاريين الي مطالبة الدولة بالسماح لليوان (العملة المحلية الصينية ) بالارتفاع في اسواق الصرف. وكان النشاط الاستثماري المفرط الذي شهدته الصين في الاربعة اعوام الماضية قد نتج عن معدل نمو سنوي لا يقل عن 10% أي ضعف ايقاع النمو العالمي فيما ساعد الاقتصاد الصيني علي الاطاحة ببريطانيا من المركز الرابع علي قائمة اكبر اقتصادات العالم العام الماضي. الا انه من جهة اخري نتج عن سعة انتاجية زائدة تهدد بخفض الاسعاروالاضرار بارباح الشركات مما قد يعوقها عن سداد ديونها. نمو مذهل وتجدر الاشارة الي ان الاحتياطي الاجنبي الصيني ارتفع بمعدل 30 مليون دولار كل ساعة ليقفز الي 988 مليار دولار نهاية الشهر الماضي فيما بلغ الفائض التجاري 110 مليارات دولار خلال التسعة شهور الاولي متجاوزا اجمالي الفائض في 2005 كلها. ويتوقع الخبراء صعود الفائض الي اكثر من 150 مليار دولار هذا العام. وصعد الاستثمار في الاصول الثابتة في المدن والاقاليم بنحو 28.2% في سبتمبر مقارنة بالعام الماضي نزولا من 29.1% في اغسطس انعكاسا للقيود الحكومية علي الاستثمار وارتفاع معدلات الفائدة. وفي بيان له دعا رئيس الوزراء الي ضرورة الابقاء علي القيود المفروضة علي الاستثمارات والقروض علي المدي القريب والمتوسط متعهدا بتخفيف قوانين مبيعات الاراضي وخفض نسبة التلوث وتحسين إدارة التمويل العام. افراط وتظهر تداعيات النشاط الاستثماري الزائد في تكدس المخزون لدي الشركات. فعلي سبيل المثال بلغ انتاج الصلب الزائد في الصين العام الماضي 118 مليون طن فيما يتجاوز اجمالي انتاج اليابان التي تعد ثاني اكبر منتجي الصلب علي مستوي العالم. وتظهر نفس المشكلة في قطاعات صناعية اخري منها السيارات والاسمنت وفحم الكوك. ويامل وين جياباو في أن يحل الانفاق الاستهلاكي محل الاستثمارات والصادرات كمحرك اساسي للنمو الاقتصادي. ولذلك تكررت دعواته للمواطنين البالغ عددهم 1.3 مليار شخص لزيادة مستوي انفاقهم لتعزيز الطلب ودعم العمالة. وتقلصت حصة الاستهلاك المحلي من اجمالي عائد الناتج المحلي للصين العام الماضي الي ادني مستوياتها منذ عام 1978. مع كبح الاستثمارات قام وين بخفض الضرائب وزيادة الحد الادني للاجور والمرتبات من اجل دعم الانفاق الاستهلاكي الذي يتضرر من اقبال المواطنين علي ادخار اموالهم. ووفقا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يمثل معدل الادخار في الصين ضعف نظيره العالمي. ويبدو ان تلك الاجراءات بدأت تأتي بثمارها حيث اظهر تقرير مكتب الاحصائيات نمو مبيعات التجزئة ب 13.9% في سبتمبر مقارنة بالعام الماضي وهو اسرع ايقاع لها منذ يناير. ودفع ذلك سلسلة المتاجر الامريكية العملاقة "وول مارت" اكبر متاجر التجزئة علي مستوي العالم الي التفكير في انفاق مليار دولار لمضاعفة عدد متاجرها في الصين. قيود وتحرص الحكومة منذ ابريل الماضي علي فرض قيود علي اغراض استخدام الاراضي وتراخيص اقامة المشاريع واجبار البنوك علي خفض القروض. وفي اطار جهوده للحد من الطلب المتنامي علي القروض قام البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة مرتين فيما امر البنوك بتخصيص قيمة اكبر للمخزون. كما نشط في عمليات بيع السندات لتقليص حجم السيولة التي اغرقت النظام المالي. ويري الخبير المالي هوانج يبينج ان السماح لليوان بالارتفاع بوتيرة اسرع سوف يساعد الصين علي خفض فائضها التجاري الضخم والحد من تمويل الاستثمارات. علي الجهة الاخري يتسبب البنك المركزي في زيادة السيولة الدائرة في النظام المالي مما يشجع علي الاقراض من خلال زيادة معدل اصدار اليوان لشراء الدولار بهدف الحفاظ علي استقرار العملة الصينية. وكانت الحكومة قد سمحت بتحرير اليوان جزئيا في يوليو 2005 استجابة للضغوط الدولية. فسمحت بتحركه صعودا وهبوطا بمعدل لا يتجاوز 0.3% خلال ذات الجلسة. ومنذ ذلك الحين لم تضف العملة الصينية اكثر من 2.6% مقابل نظيرتها الامريكية. وتخشي الحكومة من فقدان الكثير من الوظائف في قطاع التصدير اذا ارتفعت العملة المحلية مما يتسبب في اضطرابوفوضي كبيرين بين العمالة التي سيتم تسريحها وملايين العمال المهاجرين الآخرين.