همسا بدأت المسألة ثم تجمعت الهمسات، وتضافرت لتصبح كلمات، ثم جملا تامة التكوين.. يتبادلها الناس فيما بينهم، وبعد قليل تعلو بها اصواتهم ليصبح الهمس جرأة وصراخ.. انه "الفساد واستغلال النفوذ" تحولت المسألة من مجرد اشاعات ووقائع تافهة تدل علي اشياء ضخمة الي حقائق ووقائع وقصص كاملة". من كلمات تقال بين الناس وهنا وهناك الي احاديث متصلة ثم عناوين في بعض الجرائد حتي وصلنا الي 30 حلقة كاملة من مسلسلات تليفزيونية تشير وبوضوح الي ما يشعر به الناس ويتداولونه همسا وعلنا ويحلمون بان يروا له نهاية. كذب واشاعات مغرضة - قد يقول البعض كذلك - واقول لهم ليكن الامر هكذا لكن الوضع يحتاج الي علاج ومعالجة في كل الاحوال.. اذا كانت حقائق فالحساب والمحاسبة يجب ان تكون ناجزة وعلي رؤوس الاشهاد واذا كانت اشاعات، اكاذيب، فلماذا لا نضع الحقائق في النور وامام الناس. يجب علي الجميع ان يعلموا ان الديمقراطية تعني "المشاركة" والاخيرة تعني جذورها ان ما يقوله الناس في مجالسهم - حتي لو لم يكن صحيحا - يجب الاهتمام به والرد عليه وتوضيح حقيقته. حينما يكون هناك مسلسلان في التليفزيون يعرضان خلال شهر رمضان ويتحدثان عن الفساد واستغلال النفوذ، اقصد مسلسل حضرة المتهم أبي وسكة الهلالي، وحينما تكون هناك خاتمة لمسلسل سكة الهلالي تتحدث وبسخرية عن الاوضاع العامة الجميلة، والوظائف التي تنتظر من يشغلها والشقق المتوافرة للكل، واللحمة التي وصلت الي 7 جنيهات.. واحيانا 6 جنيهات.. عندما يحدث ذلك كله يجب ان ننتبه حكاما ومحكومين الي انه في حاجة غلط. لن يستطيع احد ان ينكر ان هناك وقائع يتداولها الناس ويتحدثون عنها بمرارة حقا كانت أم خيالا دون ان تجد من يحاسب او يرد او يعلق. لابد ان يشعر الناس ان هذا المسلسل، اقصد الفساد واستغلال النفوذ، قد بدأ النهاية عندما يصبح الكل سواسية ويعاملون نفس المعاملة.. رئيس الوزراء واي مواطن يقفون جميعا في اشارة مرور ويتقدمون بنفس الطلب للحصول علي خدمة ما ويرفض طلب رئيس الوزراء ويقبل طلب المواطن العادي لانه يستحق.. ساعتها سيشعر الجميع بالعدالة الناجزة. عندما تكون هناك واقعة فساد يجري التحقيق فيها واعلان البراءة او الاتهام او المحاكمة علنا ساعتها سيشعر الناس بالعدالة. قديما كان المخطئ والفاسد يتم "تجريسه"، اي يضعونه فوق حمار بالمقلوب اي عكس ما يركب الناس ويجري وراءه العيال قائلين "من ده بكرة بقرشين". الان بالكويت تمت محاسبة عدة مسئولين اتهموا بالفساد ونشرت اسماؤهم وصورهم في الصفحات الاولي في الجرائد حتي يتم ايضا "تجريسهم" وحتي يرتدع الجميع ويخافوا من التورط في اية شبهة فساد او محسوبية. هل نري مثل ذلك قريبا ويقول الاطفال ساعتها "من ده بكرة بقرشين"؟!