قبل أن تأتي وزيرة الخارجية الأمريكية إلي الشرق الأوسط بتكليف من الرئيس الأمريكي كانت قد عقدت اجتماعا مع مجلس تحرير صحيفة وول ستريت جورنال وأدلت بتصريحات تعبر عن رؤيتها لمسيرة الصراع في منطقة الشرق الأوسط. وربما تكون زيارتها للمنطقة ومباحثاتها مع القادة واجتماعها مع وزراء خارجية ثماني دول عربية في القاهرة ربما تكون ترجمة للأفكار التي باتت واشنطن مقتنعة بها. قالت رايس إن المواجهة التي حدثت بين حزب الله في جنوب لبنان أفرزت فهما جديدا لدي البيت الأبيض لطبيعة الصراع لم يكن واضحا من قبل وهو أن الصراع في صورته الحديثة هو بين التطرف والاعتدال "!!". وقالت إن ردود فعل مصر والسعودية والأردن علي الحرب التي نشبت في جنوب لبنان تثبت القلق العميق الذي تشعر به الدول العربية المعتدلة إزاء التهديد بزعزعة الاستقرار عن طريق سلوك جماعات سياسية "حزب الله" مغامرة. وضعت رايس حماس وحزب الله وإيران وسوريا في خانة القوي المتطرفة وأكدت أن هناك انزعاجا عاما من تهديد مصالح القوي المعتدلة في المنطقة. وأشارت إلي أن الشهور المقبلة ستشهد جهودا إضافية لحشد قوي الاعتدال ضد التطرف الذي تدعمه إيران. وأعتقد أن شعور الإدارة الأمريكية بالخطر واعترافها بعدم الفهم الواضح فيما سبق لطبيعة الصراع وهو تقدم إيجابي في حد ذاته.. وإيفاد وزيرة الخارجية إلي الشرق الأوسط علي خلفية فهم مغاير لطبيعة الموقف يمكن أن يؤدي إلي تحريك في عملية السلام إذا كان الفهم الجديد للموقف متكاملا أو بتعبير اَخر لا يتجاهل مسئولية إسرائيل عن نمو الصراع واتجاهه إلي استقطاب شديد لقوي التطرف والاعتدال. والملاحظ أن رايس لم تصنف إسرائيل في أي من الجانبين المعتدل أو المتطرف ولكنها صنفت أطرافا أخري مثل حماس وحزب الله وسوريا وإيران علي أنها قوي متطرفة، وصنفت مصر والسعودية والأردن ورئيس السلطة الوطنية محمود عباس كقوي اعتدال ولم تقل شيئا عن إسرائيل. وأعتقد أن ضم إسرائيل إلي قوي التطرف مسألة حيوية لأنه سيضع المسئولية حيث يجب أن توضع فالصراع الحقيقي نشأ من التجاذب بقوة بين القوي التي تصفها رايس بالتطرف وبين التطرف الإسرائيلي الرافض للدخول في العملية السياسية. وإذا كانت رايس تعرف ذلك والإدارة الأمريكية باتت مقتنعة بأن التركيز علي مسألة نشر الديمقراطية وتجاهل إزالة أسباب العنف سيؤدي إلي كارثة فإن باب التفاؤل يكون انفتح بقدر قليل ولكنه كاف للبدء من جديد.