كل عام انتم بخير.. حل رمضان جديد بالامة الاسلامية.. وصل الي بعض الدول بالامس.. واليوم وصل الينا رغم ان البلاد متجاورة، بعضها يقع علي يميننا شرقا وبعضها علي يسارنا غربا، ومع ذلك وصلهم رمضان قبلنا بيوم لانهم رأوا هلال الشهر الكريم قبل ان نراه فبدأوا شهر الصيام قبلنا وانتظرنا حتي نراه او لنكمل عدة شعبان ثلاثين يوما. وهذه القصة مكررة تحدث دائما في تحديد بدايات الشهور العربية ولا تظهر للعامة بوضوح الا في شهر الصوم بدايته ونهايته فيصل عيد الفطر الي الجيران قبل ان يصلنا فيصبحون مفطرين ونصبح نحن صائمين أو العكس. واما شهر الحج فالجميع مضطرون الي اتباع تقويم المملكة العربية السعودية لانها تدير المناسك وتحدد يوم عرفة.. ويصبح اي خلاف حول تحديد يوم عرفة لا قيمة له لان الحجاج يقفون فعلا علي جبل عرفات في اليوم الذي تقرره السعودية حسب رؤيتها في حساب بداية شهر ذي الحجة. وهذا الاختلاف في الاحتفالات ذات الطابع الديني وحول تحديد بداية الشهر القمري يثير شجونا كثيرة ويضع الامة الاسلامية في موضع النقد من "الاخر" الذي يشير الينا علي اننا كمسلمين غير قادرين علي الاتفاق حول صيغة "شرعية" واحدة يستقيم معها مظهر وحدة العالم الاسلامي مع ان القاعدة تقول ان البلاد التي تشترك في جزء من الليل يجب ان تتبع بعضها في رؤية الهلال، ولان هذه البلاد الان دول ذات سيادة وليس مجرد بلاد تتبع دولة واحدة فان السلطة الحاكمة او ولي الامر فيها هو الذي يحدد الطريقة المثلي في رؤية الهلال والتثبت منه.. ولا يوجد التزام بان يتبع الاخرون رؤية احدهم. ومنبع الاختلاف هنا هو "مسألة الحساب الفلكي" الذي يحسب بدقة ولادة الهلال ويحدد اذا كان يغرب قبل غروب الشمس او بعدها، وعلي هذا الاساس فان رؤية الهلال تصبح مستحيلة اذا غرب هلال الشهر قبل غروب الشمس. والرؤية العلمية لعلماء الفلك وحساباتهم الدقيقة لاتزال غير قادرة علي حسم "موقعة رؤية الهلال" لان بعض علماء الدين المسلمين لايزالون يرون ان الرؤية الشرعية هي بالعين المجردة أسوة بما كان يحدث ايام سيدنا رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام. واعتقد انه سيأتي يوم تتوحد فيه وجهتا النظر العلمية والشرعية لان الشرع والعلم كل منهما من عند الله ولا يفترض وجود تعارض بينهما.. وانما التعارض هو في رأس المسلمين وفي طريقة تفكيرهم وفي سلوكهم واشياء من هذا القبيل. فما أتي من عند الله فهو الكمال لا يشوبه النقص او الفساد ولكن الفساد هو من عمل البشر وقلة الفهم او سوئه او انحرافه ينتسب الي البشر ولا يجوز ان ينسبه احد الي الشرع.. وللحديث بقية.