يسابق بنكا الأهلي ومصر الزمن للانتهاء من صرف آخر مستحقات مودعي شركات توظيف الأموال، واغلاق الملف الذي استمر مفتوحا لنحو 20 عاما، وأثار العديد من المشكلات وارتبط بالكثير من قضايا الفساد. وكان النائب العام قد وقع بروتوكولا مع البنك المركزي المصري لسداد باقي مستحقات مودعي شركات توظيف الأموال، وحل جميع مشكلات المودعين بهذه الشركات واغلاق الملف الذي كانت له آثار اقتصادية واجتماعية سلبية علي الآلاف من الأسر المصرية. البروتوكول الاخير يستفيد منه نحو 47 ألف اسرة مصرية يحصلون علي 368 مليون جنيه جاءت كلها من أرباح البنك المركزي وتنازلت عنها الحكومة لصالح الأسر التي فقدت ودائعها بالكامل في شركات توظيف الأموال، التي بلغ اجمالي ما تم بيعه من أصول لديها 10% من قيمة مستحقات المودعين، في حين ان ما تبقي من هذه الاصول ولم يتم بيعه يبلغ 5% من هذه المستحقات حسب تقديرات د.أحمد نظيف رئيس الوزراء وهذا يعني أن الحكومة تكفلت بسداد 85% من هذه الودائع. واذا كانت شركات توظيف الأموال التي بدأت نشاطها منذ منتصف السبعينيات وتزايدت أعدادها حتي بلغت 60 شركة استطاعت ان تجتذب عملاءها من خلال منح أسعار عائد مرتفعة تفوق النسب المقررة في البنوك فإن التساؤل الذي يطرح نفسه هو هل يمكن أن تعود هذه الشركات للظهور مرة أخري في ظل تدني أسعار الفائدة لدي البنوك؟ وما مدي استعداد السوق لتقبل قيام شركات أخري. العائد أولاً محمد عبد المعطي مستشار البنك الأهلي المصري يستبعد امكانية عودة شركات توظيف الأموال مرة أخري ويرجع ذلك إلي عاملين، أولهما ان التجربة المريرة التي مر بها عملاء هذه الشركات، وخسارة المودعين لأموالهم وممتلكاتهم، مازالت ماثلة في اذهان الناس ولا يمكن ازالتها بسهولة، بالاضافة إلي ذلك فإن البورصة المصرية تمثل استثمارا جاذبا للذين يرغبون في تحقيق معدلات ربح مرتفعة خاصة بعد التحسن الأخير الذي طرأ علي أدائها. ويري عبد المعطي ان السبب الوحيد وراء ظهور شركات توظيف الأموال بشكل طاغ هو منحها لأسعار عائد مرتفعة جدا بلغت 20% و25% معتبراً ان أية اسباب اخري وخاصة تلك المتعلقة بالتمسح بالدين هي مجرد "اكسسوارات" وان الطمع البشري هو الذي يتيح فرصة النصب، ومخالفة القانون. ونفي ان يكون "التدين الشكلي" الذي بدا عليه اصحاب هذه الشركات سبباً في تدفق الناس عليها بدليل وجود عملاء مسيحيين اقبلوا علي شركات توظيف الأموال، بالاضافة إلي وجود بنوك اسلامية كان بالامكان اللجوء إليها، مشيراً إلي أن الطمع مثل المحرك الرئيسي في هذه الحالات. وحول مدي تأثير تدني أسعار الفائدة لدي البنوك علي احتمال قيام مثل هذه الشركات قال: إن البنك المركزي تنبه لذلك الأمر وأصدر تعليمات للبنوك برفع أسعار الفائدة وجاء ذلك من خلال رسالة واضحة باصدار وعاء ادخاري للمركزي بفائدة 5.7%. ولكن كيف كانت تعمل شركات توظيف الاموال واين استثمرت اموالها وفي أي القطاعات؟ يري عبد المعطي ان سعر الفائدة المرتفع الذي كانت تمنحه هذه الشركات كان يستقطع من رأس المال والدليل علي ذلك هو عجز اصول هذه الشركات واستثماراتها عن توفير حقوق المودعين ولا يوجد اي نشاط يمكن ان يحقق ارباحا واسعار عائد تصل للمستويات التي وصلت اليها شركات توظيف الاموال. وضع قانوني ويلفت محمود الجمال مدير الائتمان بالمصرف المتحد الي ان البنوك نفسها اضيرت من وجود هذه الشركات واضطرت في هذه المرحلة الي رفع سعر العائد لديها حتي بلغ 18% وهو سعر مكلف ومرهق جدا لها لكنها اضطرت لذلك حتي لا تهرب الاموال لديها الي هذه الشركات. ويري الجمال ان اكثر نشاط هذه الشركات كان في القطاع العقاري لكن رغم ربحيته العالية الا ان العمل من خلال هذه الاسعار كان غير طبيعي بالمرة علي حد قوله. وقال ان ربحية اي نشاط اقتصادي لا تزيد علي 25% او 30% بحد أقصي الا اذا كان نشاطا غير مشروع او تجارة مشبوهة وفي النهاية فان الخاسر الاكبر هم المودعون والعملاء الذين باعوا ممتلكاتهم واصولهم واودعوا قيمتها في هذه الشركات. واذا كانت هذه الشركات نافست البنوك واستطاعت ان تجتذب شريحة كبيرة من ذوي المدخرات فانها في نفس الوقت حصلت علي مشروعية مزاولة العمل والقيام باحد ادوار البنوك في السوق المصرية فهل خرجت عن اطار الرقابة والاشراف علي طبيعة النشاط؟