كثير من التساؤلات والمخاوف احاطت بصفقة ببيع شركة السويس للصلب التي تقدم لشرائها 21 عرضا من مجموعات استثمارية محلية وعربية وأجنبية كبري. ويتركز معظم الجدل الدائر حاليا في الاوساط الاقتصادية بصفة عامة والمعنية بقطاع الحديد والصلب بصفة خاصة في متغيرين أساسيين اولهما عجز "البيليت" الذي يعاني من السوق المحلي بالاضافة الي مخاوف الاحتكار وتأثير هذه الصفقة سواء كانت لمستثمر محلي او اجنبي علي موقف الاسعار في السوق. وفي هذا الاطار ناقشت "الاسبوعي" هذه الصفقة من جميع جوانبها ورؤي الصناع والمستثمرين في القطاع وكذلك الخبراء للتساؤلات التي تطرحها الصفقة حيث تفاوت الآراء بين مطمئن وخائف سواء من استحواذ الاحتكار للمستثمر الوطني أو مخاطر دخول الاستثمار الاجنبي لهذه الصناعة خاصة من جانب شركة ايثار الهندية وسابك السعودية وعز المصرية لدرجة ان احد كبار المصنعين المصريين اكد ل"الاسبوعي" ان فوز مجموعة عز بالصفقة في رأيه أفضل كثيرا لمستقبل الصناعة والسوق المصري كما طرح اخرون بدائل اخري للبيع سواء عن طريق البورصة او انشاء شركة لادارتها والخروج بها من نفق الخسائر. الملامح الأساسية لهذه الصفقة يحددها الخبراء في عدد من النقاط حيث يرجعون الاقبال غير العادي علي شراء السويس للصلب الي تزايد الطلب علي خام البيليت في المنطقة في ظل انشاء مصانع جديدة للدرفلة في دول الخليج في طريقها لبدء الانتاج اضافة الي الوضع السياسي الراهن والحرب في العراق ولبنان وحاجتها الي الاعمار من جديد وهو ما سيكون كفيلا بابتلاع انتاج الشركة. كما يشيدون الي ان سعر تكلفة المرور من قناة السويس في حالة استيراد دول المنطقة للخام من الخارج يبلغ نحو 20 دولارا وهو ما يتيح سعرا منافسا لاسعار الشركة التي ستوفر لهم الخام دون المرور من القناة ولفتوا الي ان اسعار طن البيليت العالمية يبلغ حاليا نحو 370 دولارا للطن. كما يرجع الاقبال المتزايد علي الشركة من المستثمرين ايضا الي توقف تركيا عن بيع البيليت في الفترة الاخيرة واصبحت اوكرانيا هي المصدر الرئيسي لهم حاليا رغم انه لا يقارن خام البيليت التي تنتجه بخام السويس للصلب الاكثر جودة اضافة الي ان تكلفة انشاء مصنع جديد من البداية تبلغ نحو 750 مليون جنيه ويحتاج الي سنتين لبدء التشغيل. ويدفع المستثمرين في اتجاه هذه الصفقة اوضاع السوق المحلي حيث يستهلك قطاع الحديد في مصر 2.7مليون طن ويوجد امام الشركات في القطاع فرص كبيرة للتصدير خاصة انها لا تنتج سوي 3 ملايين طن سنويا في حين ان الطاقات المتاحة لمصانع الدرفلة في مصر قد تصل الي 6 ملايين طن ولا يتم استغلال هذه الطاقات نتيجة غياب رأس المال العامل اللازم للتشغيل في اغلب الشركات وكذلك تراجع التمويل اللازم لاعمال الصيانة خاصةان صناعة الحديد لا تحقق ارباح الا مع وجود قدرة كاملة للشركات في شراء الخامات والمدخلات وقت تراجع الاسعار وبيعها في وقت الارتفاع. صورة عامة نبدأ في التطرق لهذه القضية وما تطرحه من تساؤلات من خلال صورة عامة يقدمها لنا محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات ويشير فيها الي ان شركات الصلب في مصر تنقسم الي ثلاثة انواع اولها: شركات متكاملة وتنتج المنتج النهائي من الخامات الاستراتيجية ويتمثل ذلك في شركة الحديد والصلب المصرية التي تعتمد عي خامات مستخرجة محليا تناسب معداتها وتنتج جميع اشكال منتجات الصلب ومنها كمية محدودة من حديد التسليح بالاضافة لكميات من عروق الصلب لمصانع الدرفلة وشركة الدخيلة التي تعتمد علي خامات مستوردة وتنتج جميع اشكال حديد التسليح بالاضافة لخط مستقل لانتاج المسطحات. وثانيها: شركات نصف متكاملة وتنتج المنتج النهائي من صهر الخردة او الحديد الاسفنجي وتتمثل في اربع شركات هي: العالمية للصلب والعز للصلب والدلتا للصلب والعربية للصلب المخصوص ويضاف إليها شركتا أبو زعبل للصناعات الهندسية والسويس للصلب (تنتج عروق الصلب فقط) والسويس للمسطحات وتعتمد هذه الشركات علي استيراد خردة الصلب/ حديد اسفنجي وما يتاح من خردة صلب محلية. وتبلغ الطاقات المتاحة لهذه المصانع 2 مليون طن من حديد التسليح أي حوالي 45% من احتياجات السوق المحلي بالاضافة إلي 650 ألف طن عروق لمصانع الدرفلة. وثالثها مصانع الدرفلة والتي تقوم بدرفلة عروق الصلب سواء من مصدر محلي أو المستوردة وتحويلها إلي حديد التسليح، وهذه المصانع وإن كان عددها كبيرا إلا أن أغلبها متعثر واستغلال طاقتها الفعلية محدود بسبب ضعف هامش الربح المحقق مقارنة باستثماراتها الثابتة أو المتداولة. وتبلغ الطاقات المتاحة لتلك المصانع حوالي 2.1 مليون طن سنويا من حديد التسليح أي ما يعادل 50% من احتياجات السوق المحلي.