اتجه عدد من البنوك العربية والخليجية خلال الفترة الماضية إلي إجراء توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية وعدم الاكتفاء فقط بالتوزيعات السنوية التي تقوم بعملها البنوك في نهاية كل سنة مالية هذه الخطوة من جانب تلك البنوك دفعتنا لسؤال مسئولي الأوراق المالية بالبنوك حول امكانية إقدام البنوك المصرية العاملة في السوق بتطبيق هذا النظام وما الفوائد المحققة من وراء ذلك والعوامل والمعايير التي ينبغي توافرها حتي تتمكن البنوك المصرية من عمل توزيعات ربع ونصف سنوية؟ من جانبهم طالب عدد كبير من مديري إدارات الأوراق المالية بالبنوك بالاسراع في تطبيق هذا النظام خاصة في الوقت الحالي الذي تتعرض فيه البورصة المصرية لانخفاضات متتالية في أسعار الاسهم المتداولة بها. وقالوا إنه إذا تأكد المساهمون من أنهم سيحصلون علي توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية فإن ذلك سيدفعهم للاحتفاظ بالاسهم علي الرغم من حدوث انخفاض للقيمة السوقية لهذه الاسهم. وأكد أن قواعد وشروط القيد بالبورصة تحتم علي كل البنوك والشركات المدرج أسهمها بالبورصة أن تقوم باعداد مراكزها المالية كل ربع ونصف سنة موضحين أن التطور التكنولوجي الهائل الموجود في البنوك يمكنها بشكل كبير من اعداد ميزانيات يومية وليست ربع سنوية فقط. يطالب كمال محجوب مساعد مدير عام إدارة سوق المال ببنك مصر إيران للتنمية بضرورة اتجاه كل البنوك وكذا الشركات العاملة في السوق إلي إجراء توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية وعدم الاكتفاء بالتوزيعات السنوية مؤكدا أنه لا نوجد عوائق لتطبيق ذلك خاصة علي مستوي الشركات المدرج اسهمها في البورصة والتي تحظي بتداول نشط وقاعدة كبيرة من المساهمين. ويضيف قائلا: إن قواعد وشروط القيد واستمرار القيد بالبورصة المصرية يحتم علي كل الشركات والبنوك القيام باعداد ميزانيات أو مراكز مالية ربع ونصف سنوية بالاضافة إلي نشرها. ويؤكد محجوب أن التقدم والثورة التكنولوجية التي تشهدها الاسواق حاليا بما فيها السوق المصري مكنت البنوك وكذا باقي الشركات الأخري من اعداد ميزانيات يومية وليست شهرية أو ربع سنوية فقط مشيرا إلي أنه تم المطالبة مرات عديدة بضرورة ادخال هذا الإجراء حيز التنفيذ وذلك منذ فترة طويلة ولكن حتي الآن لم يتم تطبيقه. وعن الفوائد المحققة من وراء اتجاه البنوك والشركات العاملة في السوق إلي العمل بنظام التوزيعات ربع ونصف السنوية يقول كمال محجوب إن هذا الاجراء له مزايا عديدة وتأثير كبير علي سوق الأوراق المالية حيث يلعب الدور الرئيسي في الحد من الانخفاضات المتتالية والهائلة في أسعار الاسهم حيث يلجأ المساهمون إلي عرض جميع الاسهم التي يمتلكونها للبيع دون أدني تفكير في حالة حدوث انخفاض مؤقت في أسعار الاسهم مما يترتب عليه تراجع أسعار الاسهم بشكل كبير وغير طبيعي. ويضيف محجوب أنه في حالة شعور المساهم بأنه إذا حدث انخفاض للقيمة السوقية للسهم ولكنه سيحصل علي توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية فإن ذلك قد يكون دافعاً قوياً لاحتفاظه بالسهم وعدم إقدامه علي بيعه بطريقة عشوائية لأن عائد الاستثمار متوسط الأجل سيكون قريبا من عوائد المضاربة. ويتفق مع الرأي السابق ناجي هندي نائب مدير إدارة سوق المال ببنك مصر إيران للتنمية قائلا: إن هناك عددا محدودا جدا من الشركات العاملة في السوق المصري التي تقوم بعمل توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية ومنها شركة الدخيلة للحديد والصلب. وعن امكانية اقدام البنوك المصرية والعاملة في السوق علي تطبيق هذا الإجراء يذكر هندي أن هذا يتطلب توافر درجة عالية من السيولة وذلك لأن إجراء توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية يترتب عليه اقتطاع جزء كبير من السيولة مشيرا إلي أنه عند رصد البنوك التي تقوم بعمل توزيعات أرباح سنوية يلاحظ أنها قليلة جدا وذلك لأنه في معظم الاحيان يتم توجيه هذه الأرباح إلي دعم المراكز المالية للبنوك. ويستطرد قائلا: أن البنوك تلجأ إلي ذلك حتي تتمكن من توفيق أوضاعها طبقا لمتطلبات ومعايير بازل "2" التي تؤكد علي ضرورة كفاية رأس المال الذي يعتبر أحد عناصره الرئيسية زيادة رؤوس أموال البنوك ودعم مراكزها المالية. ويضيف ناجي هندي أن البنوك غالبا ما تقوم أيضا بتوجيه جزء من الارباح لتوزيع أسهم مجانية علي المساهمين وذلك بعد توجيه الجزء الأكبر من الارباح لدعم المركز المالي مؤكدا أن السياسة العامة للبنوك هي إجراء توزيعات في حدود تتراوح من 3 4% من قيمة رأس المال. ويري هندي أن البورصة المصرية في الوقت الحالي في حاجة ضرورية إلي قيام البنوك وجميع الشركات المدرج أسهمها بها بإجراء توزيعات للأرباح سنوية ونصف سنوية تصل إلي 15% وذلك بهدف جذب المزيد من المستثمرين الافراد وتشجيعهم علي البقاء والاستمرار في البورصة علي الأجل المتوسط والطويل ومن ثم لا تتعرض البورصة إلي انتكاسات وهزات جديدة بسبب عمليات وأوامر البيع العشوائية وغير المنظمة التي يقوم بها هؤلاء الافراد. ويستطرد قائلا: كما أن الاقدام علي عمل توزيعات ربع ونصف سنوية له فوائد أخري تتمثل في إعادة استثمار السيولة الموجودة بالسوق سواء من خلال توجيهات إلي الاستثمار في البورصة أو شراء السلع والخدمات مما يحدث نوعا من الانتعاش والرواج الاقتصادي بصفة عامة. ومن جانبه يذكر عادل سعد الدين مدير إدارة الاستثمار والأوراق المالية ببنك العمال المصري أن هذا السيناريو معمول به في شركة عز الدخيلة ولكن فيما يتعلق باتجاه البنوك العاملة في السوق إلي إجراء توزيعات للأرباح ربع ونصف سنوية فإن هذا يتطلب ضرورة فصل نتائج أعمال كل ربع سنة بمفرده وهذا بدوره يحتاج إلي عقد جمعيات عمومية وميزانيات خاصة بهذه الفترات مما يوجد مزيدا من الاعباء الاضافية علي إدارات البنوك. ويضيف سعد الدين أن السنة المالية في كل البنوك التجارية والاستثمارية تنتهي في 31 ديسمبر وذلك باستثناء بنوك القطاع العام التي تنتهي السنة المالية فيها في 30 يونيه ومن ثم فعمل توزيعات ربع ونصف سنوية يتطلب بالدرجة الأولي تعديل النظام الاساسي لكل البنوك العاملة في السوق. ويري عادل سعد الدين أن البنوك قد تجد بعض الصعوبة أو المعوقات عند تطبيق هذا النظام بها بعكس الشركات التي يمكنها حساب الأرباح بطريقة أسهل وأدق عن البنوك وذلك كل ثلاثة شهور مؤكدا أن البنوك قد لا تتمكن من حساب صافي الأرباح التي يتعين توزيعها كل ثلاثة شهور أو 6 شهور نظرا لوجود تسويات مستمرة مع العملاء المتعثرين بالاضافة إلي تكوين المخصصات لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها، فقد يلتزم أحد العملاء المتعثرين بتسوية مديونيته علي أقساط ولكن بعد قسط أو اثنين يتخلف عن السداد وهذا بدوره يؤثر علي الأرباح المحتسبة ويضيف أنه طبقا لتعليمات البنك المركزي، ففي حالة عدم التزام العميل المتعثر في السداد لمدة ثلاثة شهور فمن المفترض أن يتم تصنيفه وتكوين مخصص محدد لمواجهة مديونيته في حين أن العميل قد يعود للانتظام في السداد اعتبارا من الشهر رابع وهذا بدوره يجعل من الصعب حساب الارباح المحقق بدقة خلال فترة الربع السنة مثلا، وبالتالي فقد يكون من الاسهل حساب المخصصات المكونة في نهاية كل سنة مالية. وعن قدرة بعض البنوك العربية والخليجية واتجاهها لعمل توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية يقول عادل سعد الدين إن هذه البنوك قد تكون قادرة علي تحقيق معدلات عالية من الربحية وبالتالي تقوم بمنح مساهميها متوسطات من الأرباح في الربع الأول والثاني والثالث علي أن تقوم بحساب الارباح المحققة بشكل دقيق في الربع الأخير ومن جانبه يقول مجدي عبدالنبي مدير إدارة الأوراق المالية بالبنك الوطني المصري إن اتجاه البنوك العاملة في الجهاز المصرفي المصري إلي إجراء توزيعات أرباح ربع ونصف سنوية يحتاج إلي تعديل أنظمة عمل هذه البنوك وتغيير نظامها الاساسي، حيث يتطلب تطبيق هذا الإجراء المذكور اعداد مراكز مالية ربع سنوية ومراجعتها من جانب مراقبي الحسابات لاعتمادها من الإجراءات التي توجد مزيدا من العبء علي عمل الادارات. ويضيف عبدالنبي أنه لا توجد أية فائدة من وراء اتجاه البنوك لإجراء توزيعات ربع أو نصف سنوية بل علي العكس فإن ذلك سوف يتسبب في مزيد من التكلفة والاعباء علي إدارات البنوك المختلفة.