التراجع القوي الذي تشهده البورصة المصرية منذ فبراير الماضي وتزايدت حدته خلال الأيام الأخيرة دفع الكثيرين إلي اتهام صغار المستثمرين بالتسبب في تعميق الاتجاه النزولي في السوق بالهرولة بالبيع فور تراجع الاسعار خوفا من استمرار الهبوط. هذا الاتهام لا يمكن ان ننكر انه صحيح لحد بعيد فقد دخل السوق خلال الاكتتابات الأخيرة خاصة اكتتاب المصرية للاتصالات اعداد ضخمة من صغار المستثمرين كان حلمهم الكبير ان يتحولوا عبر هذه الاسهم إلي مليونيرات خلال فترة قصيرة وكان أمامهم أمثلة علي ذلك حيث حقق المكتتبون في اسهم اموك وسيدي كرير أرباحاً كبيرة اقتربت من الضعف. وكانت المشكلة الأكبر في شركات السمسرة التي ترغب في تحقيق ارباح باي وسيلة ولو علي حساب احلام صغار المستثمرين فلم تقدم لهم الصورة الصحيحة عن التعامل في اسواق المال ولم تقدم لهم النصح بل قدمت لهم صورة وردية عن الاستثمار في الاسهم وأنها المغارة المملوءة بالذهب وان سهم المصرية للاتصالات سيرتفع ليقترب من اسعار اسهم الاتصالات الأخري المتداولة في السوق. ولم يتوقع صغار المستثمرين حدوث تراجع في السوق لأن أسواق المال ليست في حالة ارتفاع مستمر وإنما هناك ارتفاع وانخفاض.. ولم توجه شركات السمسرة النصح لعملائها من صغار المستثمرين بعدم الاندفاع والبيع مع تراجع الاسعار.. فما يهمها في النهاية العمولة بغض النظر عن السوق ومصلحته. وتعليقا علي ذلك أكد المهندس هاني توفيق خبير أسواق المال ان تراجع البورصة المصرية له اسبابه وكان اجتماع هذه العوامل معا من سوء حظ البورصة المصرية واهمها الانخفاضات التي تشهدها اسواق المال في العالم اجمع سواء اسواقاً ناشئة أو متقدمة فهناك عمليات تصحيح قوية في مختلف الأسواق ومنها السوق المصري. واضاف ان السوق يعاني ايضا من الكثير من المشاكل التي تضافرت مع بعضها البعض علي الصعيد السياسي وتعاملت معها الحكومة بصورة سلبية منها ازمة القضاة والصحفيين وكذلك ما يتم مناقشته في مجلس الشعب من اتهامات للبعض بالتلاعب بالأسواق ثم يتم غلق الباب فيها دون تحقيق مؤكدا ان هذا كله يؤثر سلبيا علي المجهودات المبذولة لجذب الاستثمارات إلي مصر. وأشار إلي ان هناك سبباً آخر للتراجع وهو عدم استخدام الشركات لحق إعادة شراء اسهمها في صورة اسهم خزينة رغم انخفاض الاسعار بقوة فهذا يعد مؤشرا لعدم ثقة الشركات في اسهمها فكيف يمكن ان نعيد الثقة للمستثمر في هذه الاسهم. أما بالنسبة للمستثمر الصغير أكد المهندس هاني توفيق ان المستثمر الصغير لا يجب ان يلوم إلا نفسه فقد دخل مجالا لا يعرفه ظنا منه انه سيتحول إلي مليونير خلال أيام وهذا بالطبع أمر غير صحيح ولذلك فإن انخفاض الاسعار كان مفاجأة لهؤلاء المستثمرين وأصيبوا بحالة من الهلع دفعتهم إلي البيع بهستيريا والنتيجة ما نراه اليوم في السوق من انخفاضات غير مبررة. ويري المهندس توفيق ان هيئة سوق المال والبورصة لابد ان يستفيدا من هذه التجربة فدورهما حماية المستثمر الصغير في السوق لأنه لا يملك الوعي الكافي للتعامل في الأوراق المالية وبالتالي لابد ان نحميه بتأهيله للتعامل في السوق أو تأهيل شركات السمسرة التي يتعامل معها.. أما ما حدث فهو السماح بتكويد عدد كبير من صغار المتعاملين الذين استغلتهم شركات السمسرة لتحقيق مكاسب من تعاملاتهم وكانوا السبب الرئيسي في تعميق الهبوط الذي يشهده السوق. وأوضح ان إعادة تأهيل شركات السمسرة أمر ضروري لحماية السوق من هذه التقلبات غير المبررة لأن هذا سيحمي المستثمر الصغير والسوق أيضا أما ما يحدث الآن من مجرد قيام الشركات بتنفيذ العمليات لجني العمولة فقط بصرف النظر عن مصلحة العميل والسوق فهو أمر غير مقبول. ويتفق خالد أبو هيف الرئيس التنفيذي لشركة التجاري الدولي للسمسرة مع الرأي السابق حيث يري ان شركات السمسرة كانت الرابح الأكبر في السوق خلال الفترة الماضية نتيجة دخول عدد كبير من المستثمرين في السوق بعد الاكتتابات الأخيرة خاصة اكتتاب المصرية للاتصالات. وطالب بأن تكون هذه الشركات مؤهلة لتقوم بدورها في توجيه النصح للمستثمر خاصة الذي لا تتوافر لديه خبرة التعامل في الأوراق المالية.. مشيرا إلي ان قواعد العضوية لابد من تطبيقها بسرعة علي الشركات القائمة الحالية في السوق. وحول المطالبة بدخول المؤسسات لدعم السوق أوقات التراجع أكد أبو هيف انه لا يمكن لأي جهة ان تدخل لدعم السوق علي حساب عملائها أو مصلحتها.. فالسوق عندما يتراجع كما يحدث حاليا تكون فرصة جيدة للشراء بأسعار متدنية ولكن في بعض الاحيان تفضل المؤسسات عدم الدخول والترقب إذا كان الافراد يسيطرون علي التعاملات ويقودون السوق للانخفاض بدون مبرر لمجرد فزعهم من حالة الانخفاض. وأكد ان مشكلة السوق الحالية في الافراد غير المؤهلين للتعامل في البورصة لأنهم ليس لديهم الخبرة وتسيطر عليهم فكرة تحقيق الربح السريع وهؤلاء في حاجة إلي برامج توعية وكذلك هناك دور رئيسي لشركات السمسرة العاملة في السوق في توعية هؤلاء خاصة وان الشركات الكبري في السوق تصدر دراسات عن الشركات المقيدة وكلها متاحة للجميع ويمكن للشركات الصغيرة الاستفادة منها في توجيه عملائها.