يقلل عدد معقول من الاقتصاديين من اهمية التبعات الاقتصادية لاستضافة المانيا لكأس العالم هذا العام علي الاقتصاد الالماني.. ورغم التوقعات المتفائلة بانعكاس الحدث ايجابا علي الانفاق الاستهلاكي وتنشيط قطاعات معاونة في اقتصاد الدولة المضيفة خلال نحو شهر فلا تعتمد اكثر التقديرات تفاؤلا سوي زيادة بنحو اقل من عشر نقطة مئوية ترفع نمو الناتج المحلي الاجمالي الالماني المتوقع الي نحو 1.6% للعام. ومن المتوقع ان ينتج عن استضافة المسابقة الدولية توفير نحو 9 آلاف وظيفة دائمة علي اقصي تقدير، اما توفير عشرات الالاف من الوظائف المؤقتة في قطاع الخدمات المرتبطة بالمسابقة لمدة شهر فلن يكون تأثيره كبيرا. وبالنسبة للعائدات يراهن الالمان علي الزائرين الذين لم يحجزوا تذاكر لمباريات كأس العالم، علي اعتبار ان هؤلاء سينشطون قطاعات المانية كثيرة واذا كان هناك نحو 3 ملايين اشتروا تذاكر (من المانيا وخارجها) فان المتوقع ان يزور المانيا خلال شهر المسابقة ما بين مليون و15 مليون مشجع علي حسب اداء الفرق الاوروبية وكم منها سيصل الي المباريات النهائية مقابل كم سيخرج من التصفيات الاولية. اما بالنسبة لحاملي التذاكر الذين سيقدمون الي المانيا ويقدر عددهم بنحو 1.1 مليون شخص ويتوقع ان ينفق هؤلاء علي السلع والخدمات والسفر والترفيه والطعام والوقود ما يصل الي 1.2 مليار دولار. وتوفر شركات الطيران منخفض التكاليف رحلات للمباريات متوقعة زيادة كبيرة في عائداتها اذ تتوقع ريان اير وايزي جيت زيادة في المبيعات خلال شهر المسابقة بنحو 15% وتتوقع ايزي جيت ان تنقل نصف مليون راكب اضافي في تلك الفترة علي سبيل المثال. ويحمل ذلك توقعات جيدة للانفاق علي خدمات عدة من الاتصالات الي منافذ المأكولات والمشروبات وبالطبع قطاع الفندقة والسياحة عموما فمن بين نحو 100 الف بريطاني سيذهبون لالمانيا لم يشتر تذاكر الا عدد قليل جدا كذلك الحال مع نحو 10 آلاف من البرازيل علي سبيل المثال. واذا اخذنا في الاعتبار حقيقة ان المبيعات السنوية لكل الفرق المشاركة في "بوندسيلجة" (الدوري الالماني) لا تزيد علي 1.2 مليار يورو اي 1.5 مليار دولار فلا يتوقع ان تكون عائدات كأس العالم اكبر بكثير. اول تلك العائدات هي مبيعات التذاكر التي تتراوح اسعارها ما بين 45 يورو للدرجة الرابعة في مباريات دور ال 16 و600 يورو للدرجة الاولي في مباراة النهائي ويتوقع ان تصل عائداتها الي 200 مليون يورو في حال اشغال 90% من مدرجات ملاعب مباريات المسابقة وتشكل عائدات التذاكر القدر الاكبر من تغطية ميزانية اللجنة المنظمة لكأس العالم التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" المقدرة بنحو 450 مليون يورو. لعل اكبر العائدات من كأس العالم لكنها تذهب للفيفا وليس للاقتصاد الالماني، تأتي من بيع حقوق البث التليفزيوني التي يقدر انها وفرت عائدات بنحو 1.5 مليار دولار و60% لحقوق البث في أوروبا تليها امريكا اللاتينية ثم بقية العالم بما فيه الشرق الاوسط الذي لم يشارك الا بنسبة ضئيلة من عائدات حقوق البث، يضاف الي ذلك نحو 650 مليون دولار من عائدات اتفاقات الرعاية الاعلانية والدعائية للشركات الكبري. اذا كانت عائدات مبيعات التذاكر وحقوق البث والرعاية تذهب ل "الفيفا" فان العائد علي الاقتصاد الالماني من توفير فرص عمل وانفاق مستهلكين محليين وزوار ليس بالقدر الذي يعزز التوقعات الكبيرة لتأثير ايجابي بارز علي الاقتصاد. وللتذكير فقط فقد تم انفاق 1.8 مليار يورو علي تجهيز وتجديد الملاعب التي تستضيف مباريات كأس العالم في انحاء المانيا وبلغ اجمالي انفاق الحكومة الالمانية علي الاستعدادات لاستضافة المسابقة من تطوير البنية الاساسية والخدمات والحملات الترويجية ما يصل الي 4 مليارات يورو، اما تأثير استضافة كأس العالم علي القطاع الصناعي وتحسين مناخ الاستثمار فتبدو ضئيلة جدا الي حد الانعدام تقريبا.