دخلت شركات الاستشارات المالية في منافسة حادة فيما بينها علي تقديم جميع انواع هذه الاستشارات لكبار الاثرياء، فقد افتتحت شركات السمسرة الكبري مثل "يو بي اس إيه جي" و"ميريل لينش اند كو" مكاتب متخصصة بالتعاون مع شركات اخري للاستشارات للتواصل مع العملاء الاكثر ثراء.. في الوقت نفسه دخلت بنوك خاصة عريقة مثل مجموعة كريديه سويس ومصرف "سيتي جروب" دائرة المنافسة ولمثل هذه البنوك باع طويل في التعامل مع العملاء الاكثر ثراء كما تمتلك مصداقية كبيرة لدي هؤلاء وخصوصا فيما يتعلق بافضل السبل لادارة الازمات الاكثر صعوبة. وتعمل بعض هذه الشركات علي التركيز لاجتذاب عملاء يمتلكون ما لا يقل عن 10 ملايين دولار قابلة للاستثمار في حين تسعي اخري لاجتذاب اثرياء قادرين علي استثمار 25 مليون دولار فأكثر. وتأتي هذه التحركات فيما تشير الاحصائيات الي زيادة اعداد الاثرياء او الاكثر ثراء بنسبة كبيرة في السنوات القليلة الماضية مدعومة جزئيا بصعود اسعار العقارات بشكل كبير فضلا عن عوائد الاستثمار الثقيلة. ويعتبر المستثمرون الاثرياء هم الافضل والاكثر طلبا لدي مديري الصناديق بسبب ما تولده استثماراتهم من عوائد ثابتة وكبيرة يحصلون معها علي عمولات كبيرة ايضا. ويعني ذلك عمليا قلة اهتمام البنوك الكبري مثل وحدة "سميث بارني" التابعة ل"سيتي جروب" وميريل لينش بالمستثمرين الذين يمتلكون اقل من 100 الف دولار قابلة للاستثمار او بالمستثمرين الذين يلجأون الي الاستشارات بشكل غير منتظم. وتقول شركات السمسرة ان مراكز الهواتف اي تلك التي تعطي استشاراتها عبر الهواتف هي الخيار الافضل لصغار المستثمرين الا ان اسداء النصائح المالية بهذه الطريقة اوجد عددا من المشكلات.. ففي مارس علي سبيل المثال قام اتحاد المتعاملين الوطني في مجال الاوراق المالية بالولاياتالمتحدة بتغريم شركة ميريل لينش 5 ملايين دولار لانتهاكات احدثتها هذه المراكز حيث قامت بالتوصية بالتحول من الاستثمار في مجال الصناديق المشتركة وذلك بطرق غير مناسبة وغير لائقة وهو ما شجع المضاربين علي بيع بعض من الصناديق التابعة لشركاتهم.. وقالت "ميريل لينش" انها تعمل منذ ذلك الحين علي معالجة هذه المشكلات في الوقت الذي تتزايد معه اعداد المتعاملين كما ترتفع ثقتهم ورضاهم بها. الا ان الخطوات الاخيرة في شركات السمسرة الكبري تعبر بقوة عن رغبتهم الجارفة في اجراء المزيد من التعاملات مع المستثمرين الاكثر ثراء، فقد اعلنت وحدة "يو بي اس" في الولاياتالمتحدة افتتاح مكتب في نيويورك يخدم فقط العملاء الذين لديهم ما لا يقل عن 10 ملايين دولار اصولا قابلة للاستثمار.. واستكملت 100 شركة تقريبا برامج لتأهيل حوالي 7400 استشاري لتولي عمليات استثمار ثروات كبار الاثرياء. وتضاعفت اصول عملاء "يو بي اس" منذ عام 2003 من العملاء الذين يمتلكون 10 ملايين دولار قابلة للاستثمار فاكثر الي 90 مليار دولار في حين بلغت اصول البنك 768 مليارد ولار بحلول نهاية مارس. وافتتح مصرف "ميريل لينش" مراكز في ست من المدن الامريكية لخدمة العملاء الذين يمتلكون اكثر من 10 ملايين دولار وقام بتدريب حوالي 300 من العاملين البالغ عددهم 15 الفا لتولي العمل في هذه المراكز. وارتفعت ودائع "ميريل" للعملاء الذين يمتلكون 10 ملايين دولار فأكثر بنسبة 11% الي 439 مليار دولار بحلول نهاية مايو 2005 من 395 مليار دولار في الشهر نفسه من العام الماضي وهو ما يمثل تقريبا ثلث اجمالي اصول المستثمرين من الافراد، وتم تعيين "جيمس جورمان" من جانب "مورجان ستانلي"ليتولي عمليات السمسرة بالمؤسسة في بداية هذا العام وقام جورمان بدوره باعادة تسمية شركة السمسرة التابعة ل"مورجان" الي مجموعة ادارة الثروة العالمية "جلوبال ويليث مانجمنت جروب"، مشيرا الي ان الاسم يعكس بشكل افضل رغبة المؤسسة في خدمة العملاء الاكثر ثراء.. وتمثل ودائع عملاء مورجان ستانلي القابلة للاستثمار ربع اجمالي ودائع المصرف التي تبلغ 633 مليار دولار.. ويقول ان الشركات الكبري تتوقع خدمات اكبر وافضل. وتسعي هذه الشركات الي اجتذاب العملاء الاثرياء في الوقت الذي تشهد فيه الاسواق المالية العالمية هزة كبيرة الا ان شركات الاستشارات المالية ستعمد في الاغلب الي الاستثمار في مجالات اخري مثل الانشاءات والعقارات وغيرها بغرض تحقيق العائد الافضل الذي يوفر العمولة الاكبر للسماسرة. كما تعكس ظهور مثل هذه الشركات الزيادة الكبيرة في ثروة المستثمرين من الافراد رغم ان العالم يعاني فترة من اسوأ فتراته الاقتصادية ولكن مع حدة هذه الظروف يكون التناقض امرا منطقيا ويكون التوزيع غير متوازن وغير عادل للثروة وهو الامر الذي حث علي ضرورة الحفاظ عليه حتي اهم منظر رأسمالي في العصر الحديث وهو "آدم سميث". كما تترجم هذه الظاهرة ايضا تزايدا مفزعا في اعداد الفقراء ومن هم تحت خط الفقر في العالم ويقابله ارتفاع مرعب لابتلاع الثروة من جانب الاكثر ثراء وحظا في العالم وهو الامر الذي ربما يستفز الشعوب ويزيد من الصدامات الطبقية في العالم ويدعم من قوي التيارات اليسارية حتي المتطرفة منها كما هو الحال علي سبيل المثال مع توجهات الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز التي تتحدي بشكل مباشر المصالح الامريكية مستغلا في ذلك سلاح البترول او بشكل مختلف استخدام نفس العصا التي يشهرها الشمال الغني في وجه الجنوب الفقير.