مازالت بلطجة الانتخابات البرلمانية تلقي بظلالها علي الحياة السياسية.. فالظاهرة انتشرت في الكيان السياسي بدءا من انتخابات الأحزاب ومرورا بانتخابات الغرف التجارية التي شهدت أحداثا مؤسفة، سيطرت عليها البلطجة، وفرض خلالها قانون الغاب،.. وانتقلت الظاهرة للأسف الي مجلس الشعب كبري قلاع السياسة في مصر فقد شهد البرلمان العديد من وقائع البلطجة المؤسفة بين النواب والتي تعد الأولي من نوعها منذ وجود البرلمان في القرن 19.. وآخر هذه الوقائع المشادة الكلامية التي تطورت الي اتهامات بين النائب طلعت السادات، والعضو أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة بالمجلس.. بسبب اتهام السادات لعز بمسئوليته عن انهيار اسهم البورصة لتحقيق مكاسب خاصة لشركاته، واتهامه ايضا بالاستيلاء علي 15 الف فدان من أملاك الدولة.. بأراضي خليج السويس بسعر 5 جنيهات للمتر وتطورت هذه الاتهامات الي قيام "السادات" برفع "الجزمة" علي رئيس لجنة الموازنة. الواقعة لم تكن الأولي بالمجلس.. فقد تكررت مثل هذه المشاهد كثيرا بين نواب الأغلبية من جانب والمعارضة والمستقلين من جانب آخر.. انتهي معظمها غالبا بالاحالة الي لجنة القيم. خبراء السياسة والنواب أجمعوا علي أن ظاهرة البلطجة والعنف جديدة لم يشهدها المجلس منذ بدايته في القرن 19.. وقالوا ان الظاهرة نتاج طبيعي للمعركة الانتخابية وما شهدته من أساليب "بلطجة" لبعض المرشحين انتقلت معهم الي المجلس، وأشاروا إلي ان هذه الاساليب تسئ للممارسات والتقاليد البرلمانية، وغالبا ما يكون بطلها ضعيف الشخصية يحاول اثبات الذات، في ظل وجود عدد كبير من نواب المعارضة والمستقلين.. وأكدوا علي أحترام الرأي الآخر، وأسلوب الحوار مدعما بالأدالة والمستندات. فقد شهد المجلس العديد من المشاحنات والاشتباكات الكلامية التي تطورت الي المشاجرات بالأيدي ووقعت في دورة المجلس الحالي العديد من أعمال العنف أولها كان بين النائبين عبد الرحيم الغول وبدر القاضي من جانب والعضو سعد عبود من آخر وتبادل الطرفان الشتائم والسباب بسبب اعتراض النائب عبود علي طول الفترة المخصصة للعضو كمال الشاذلي في الكلام ولم تمض ايام حتي وقعت مشاجرة أخري بين العضو كرم الحفيان والنائبة جورجيت قليني بسبب طول المساحة الكلامية للنائبة ايضا والتي تطورت وتم إحالة الحفيان الي لجنة القيم غير ان النائب تقدم بالاعتذار للنائبة. كما شهد المجلس اشتباكا بين احد اعضاء الوطني والنائب صلاح الصايغ نائب الاسماعيلية والذي اتهمه نائب الوطني بالكذب حول إحدي القضايا التي تتعلق بالمحافظة وشهدت اللجنة الاقتصادية بالمجلس اشتباكات بالايدي اثناء مناقشة قضية بيع شركة عمر افندي بين بدر القاضي وجمال زهران وشهدت الجلسات الماضية خناقة بين النائب المستقل حمدي حسن -إخوان- ونواب الوطني ومطالبتهم باحالته الي لجنة القيم لاتهامه لنواب الوطني بتقاضي أموال من الحكومة للموافقة علي مد قانون الطوارئ بالإضافة الي الاشتباكات التي حدثت بين عبد الرحيم الغول ونواب الاخوان أثناء مناقشة قانون الطوارئ. والسؤال: لماذا اللجوء الي هذه الاساليب البعيدة عن العمل السياسي؟ ومن المسئول عن الظاهرة؟ ولمصلحة من؟ أساليب بلطجة الدكتور شوقي السيد وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشوري يرجع ظاهرة العنف والمشاجرات بين الأعضاء والتي تتحول إلي لكمات وتشابك بالأيدي إلي أنها نتاج طبيعي للشارع السياسي أثناء المعركة الانتخابية وما شهدته الانتخابات من أساليب بلطجة بين المرشحين للتأثير علي الناخبين.. ويوضح أن مثل هذه الاساليب انتقلت مع النواب إلي المجلس وأثر ذلك علي طريقة الحوار بينهم وتحول من مناقشات وحوار مدعما بالأدلة والمستندات إلي عنف وتراشق بالكلمات وتشابك بالأيدي مخالفين بذلك لائحة المجلس والإساءة إلي الممارسات والتقاليد البرلمانية خاصة أن المجلس علي مدار أعوامه الماضية لم يسجل مثل هذه المشاجرات والعنف التي تعد ظاهرة غير صحية والتي يجب أن تعتمد علي الأمانة والمسئولية ويلتزم النائب بالمستندات والأدلة عند مناقشة أحد الموضوعات وبأسلوب موضوعي بعيدا عن الشعارات البراقة والاثارة والاتهامات التي تثير المشكلات. ويؤكد علي أن معالجة هذه الظاهرة لا تكون من خلال لجنة القيم وتوقيع العقوبات وإنما عن طريق فتح حوار بين النواب بالاضافة إلي ضرورة تمتع النائب بشخصية قوية والحرص علي تحقيق المصالح المهمة ودراسة قوانين ولوائح المجلس حتي لا يتعرض لعقوبات لجنة القيم بحرمانه من حضور الجلسات.