انفض "مولد" سيدي دافوس يوم الاثنين الماضي وانتهينا من استضافة ما يقرب من ألفي شخص نصفهم علي الأقل من المسئولين "الكبار" ورجال الأعمال "السوبر" ومنظري "العولمة". منتدي أو "مولد" دافوس هو أكبر مكلمة عقدت علي أرض مصر وتحديدا شرم الشيخ حتي الآن فقد شهد عشرات الجلسات وألقيت فيه مئات الخطب وعرضت فيه مشروعات وأحلام اقتصادية بالجملة وتسابقت الوفود في عرض الخطط والأفكار العبقرية في السياسة والاقتصاد والتي لو نفذ ربعها لأصبحت البشرية كلها لا منطقة الشرق الأوسط وحدها غارقة في الرفاهية. ولكن علي أرض الوقع "الملموس" غابت عن المنتدي "العالمي" الصفقات الحقيقية والاستثمارات الجادة والاتفاقيات الثنائية المهمة في جميع المجالات. أي أن ضيوف المؤتمر وعلي مدي ثلاثة أيام سبقها شهور في الاعداد والتجهيز شرفونا ونورونا وانسونا "وعولمونا" لكن دون فائدة مباشرة يلمسها المواطن البسيط الذي أصبح واقعه الإعلامي عبارة عن تصريحات ووعود وأحلام مؤجلة بالرخاء أما حياته الفعلية فهي شيء آخر. والواقع أن الشلال المتدفق من الخطب والكلمات والآراء والأفكار الذي أتي عبر الأثير من مدينة شرم الشيخ.. كرس لدي المواطن المصري العادي شعورا بأن المسألة أصبحت "كلاما في كلام" وأن الكل أصبح "يزايد" عليه سواء من كبار المسئولين في بلده أو الذين شاركوا في كلمة أو مولد "سيدي دافوس". فالخطب الرنانة التي تكررت مئات المرات في المنتدي الاقتصادي العالمي لم تخل واحدة منها من تعبيرات محاربة الفقر والقضاء علي البطالة ومكافحة الأمية والارهاب طبعا وتوفير حياة أفضل تسودها العدالة ويرتفع فيها مستوي المعيشة. إلا أنه بالرغم من كل شيء هناك ايجابيات ونتائج جيدة وثمار غير مباشرة قد نجنيها كمصريين من عقد منتدي دافوس في شرم الشيخ. أول تلك الايجابيات أن عقد المنتدي علي أرض مصر بعد فترة وجيزة من أحداث دهب والجورة يعطي شهادة دولية علي تمتع مصر بالأمن والأمان لاسيما وأن تلك المنطقة (شرم الشيخ طابا دهب) تعرضت لضربات متلاحقة من الارهابيين أي أنه من المأمول أن تعود العجلة السياحية إلي الدوران في تلك المنطقة بعد انعقاد المنتدي وتتدفق إلينا الأفواج السياحية مرة أخري. وثاني الايجابيات يتمثل في نجاح "الفريق المصري" المشارك في المنتدي في تسويق التجربة المصرية جيدا سواء في الاصلاح الاقتصادي ولا أقول السياسي وعرض المناطق والمشروعات الجاذبة للاستثمار في هذا المحفل الدولي. أما الايجابية الثالثة فهي تمكننا كمصريين من التحدث بلغة موحدة أو واحدة مع العالم والتأقلم مع مستجداته والتكيف مع معطياته ولكنه أخشي أن تتحول تلك الايجابية إلي سلبية.. فإذا كان المنتدي قد أعطي فرصة للحوار بين المتصارعين ولا أقول الأعداء فجلس الاسرائيليون مع الفلسطينيين مثلا إلا أن هذا الأمر لم يحدث مع إيران وسوريا.. وأخشي أن يكون هذا المنتدي قد عقد في دورة استثنائية في شرم الشيخ بعد عمان لترسيخ مبدأ الادماج المستتر أو "التطبيع الهادئ" مع إسرائيل!!