هو من عبيد شعار تائه، ينادي به كثيرا، ويطبقه دائما وكأنه شهيق وزفير.. منطوقة: "الابقاء علي المسار.. طريقا للاستقرار"! قضي بين جدران البيت الابيض 66 شهرا، يتحرك علي وتيرة واحدة: محلك سر.. يقاد ولا يقود.. ضج الرأي العام الأمريكي من فرط الجمود.. لكنه بدلا من أن يغير دونالد رمسفيلد صاحب خريطة الفشل في حرب العراق.. أو ينأي بنفسه، في الشهور ال30 الباقية له في الرئاسة عن عصابة المحافظين الجدد الذين جاءوا به إلي سدة الحكم، وزينوا له حلم الغزو الامبراطوري لأركان الأرض ثم تركوه في أول غزوة يتعثر في تراب العراق وتتبعثر كرامته السياسية، وتتعرض الكبرياء العسكرية لأمريكا العظمي لجرح بلا شفاء!.. بدلا من أن يشفق علي نفسه وإرثه السياسي من شعبية تدنت إلي ما دون الحد الأدني بين رؤساء الولاياتالمتحدة ال،42 ويذب عن وجهه تهمة التحجر علي المسار ومعاداة التغيير.. آثر أخيرا الاسبوع الماضي أن يجري تغييرا هزليا فيمن حوله من صغار وكبار صغار موظفي البيت الابيض.. ليس بينهم جميعا وزير واحد، حتي يقال إن جورج وكر بوش أفاق أخيرا من غفوة الحكم وأجري "تغييرا وزاريا"!. ما جري الاربعاء قبل الماضي في واشنطن أن الرئيس الأمريكي غير بذلته وربطة عنقه ولون حذائه.. واكتفي بهذا القدر المتواضع ليصنع بنفسه لنفسه "نيولوك" يثير هزء الرأي العام الأمريكي والعالمي، قبل أن يثير ضغينة من أقالهم، وادعي أنه قبل استقالتهم! ** أول من أقيلوا سكوت مكليلان، المتحدث الرسمي الاساسي باسم الرئيس بوش. اختلفت الأقوال في سبب اقالة مكليلان.. قالوا: محررو الصحف في البيت اشتكوا لبوش من أن مكليلان يقدم لهم أحيانا تقارير اخبارية ناقصة وأحيانا غير دقيقة وقالوا: بل إنه دور لعبه في افشاء اسم فاليري بليم كعميلة للمخابرات المركزية! صباح الاربعاء قبل الماضي وقبل أن يغادر بوش البيت الابيض صحبه مكليلان إلي الحديقة الجنوبية للقصر وأعلن للصحفيين انتهاء خدمته بالبيت الأبيض.. ثم استدار إلي الرئيس وهو يقول بصوت مخنوق: "لقد أعطيت كل نفسي لعملي.. وأعطيتك كلي يا سيدي"! وجاء رد فعل بوش عاطفيا ودافئا.. واجه الصحفيين بكلماته: "لا يجوز أن تلوموا سكوت مكليلان إن كان قد قدم لكم معلومات ناقصة أو غير دقيقة.. وإني أعتقد أنه أدي مهمته معكم بسلامة راقية وكمال.. من الصعب أن نجد بديلا له.. أحد لم يضحك.. للنكتة! ** الذبيحة الثانية: كارل روف، نائب رئيس هيئة موظفي البيت الابيض، والمستشار الأول للرئيس ومهندس حملتيه الانتخابيتين اللتين حملتا بوش إلي المكتب البيضاوي لفترتين متتاليتين.. أعطاه بوش شلوتا إلي أعلي بصورة تستدعي إلي الذهن: جزاء سنمار!. استدعي بوش جويل كابلان نائب مدير الميزانية ليتولي مهام السياسة اليومية، وهي في الأصل قلب العمل اليومي لكارل روف. العصف بكارل روف أحدث هزة في البيت الابيض وصاح أعضاء الكونجرس من الديموقراطيين: "هذا تنزيل درجة لكارل - demotion - وعقوبة لا يستحقها"! بينما قال خلصاء بوش المقربون، نقلا عن الرئيس "التركيز علي نقاط السياسة الدقيقة ليس من مواهب روف العقلية أو سابق خبراته"!.. وأضافوا تخفيفا للصدمة وأوتارها المشدودة: "سيظل روف حارس باب الرئيس janitor ودوره معه لن يتغير"! وأضافوا: "إن الرئيس يريد رسم خطوط واضحة للسلطة والمسئولية"! ** عجز الميزانية الأمريكية في ازدياد فادح ينتهبها كل صباح.. والسبب: حرب العراق ! ورغم أن بوش هو الجاني فقد وقف في حديقة الورد خلف البيت الأبيض يقول للصحفيين الاسبوع الماضي: "إن الشعب الأمريكي يستحق نتائج محققة لكل دولار يكسبه ويرسله إلي البيت الابيض".. لم يضحك أحد للنكتة!.. واصل بوش :"لهذا رشحت روب بورتمان، الممثل التجاري للولايات المتحدة لمنصب مدير الميزانية.. وهو رجل نزيه وأمين.. ويعرف أولويات الادارة الأمريكية.. وسوف يكون من السهل أن يصدق مجلس الشيوخ علي ترشيحه لمنصبه الجديد". .. إنما ما لم يقله بوش أن أولويات الميزانية الأمريكية في سنوات حرب العراق وأفغانستان الثلاث الماضية قد وترت العلاقات بين البيت الأبيض والكونجرس.. وخبرات روب بورتمان كنائب لرئيس لجنة الميزانية في مجلس الشيوخ سوف تنعم حركة التفاوض بين البيت الأبيض وتل الكابيتول.. وتفتح مغاليق الخزائن الأمريكية لإدارة بوش بقية عمرها في السلطة!! .. بعد الوهن والقنوط! ** مثل لعبة الكراسي الموسيقية استبدل بوش رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض اَندرد كارد ليحل محله جوشوا بولتن مدير الميزانية.. استلم بولتن عمله بالفعل السبت 15 ابريل.. واجتمع بكبار مساعدي الرئيس، وطلب منهم الاستعداد لحركة تنقلات بين الافراد وتغيير في المهام وشيكة بهدف انعاش واعادة تنشيط إدارة بوش (refresh and re-energize) بعدز شهور من انهيار الموافقة الشعبية علي أداء الرئيس والتحولات السياسية الجارية! يجمع نقاد الرئاسة الأمريكية علي أن اختيار بولتن خطوة علي الطريق الصحيح.. وأنه شخصية متحركة وعقل منظم ومفكر.. وسوف يحقق الكثير بعد أن أعطاه بوش سلطة مطلقة للتغيير! يعمل بولتن مع بوش الأب في شئون التجارة الدولية.. وتعاون كذلك مع بوش الابن منذ بدأ حملته الانتخابية للرئاسة عام 1999.. ولبولتن مقدمة منطقية لمهمته الصعبة.. من رؤاه أن البيت الابيض يحتاج لاتصالات أفضل، مثلما يحتاج لأهداف أفضل لاتصالاته.. لذلك هو يخطط لاضافة عناصر جديدة تضاف لأجندة الرئيس السياسية والاقتصادية تتيح له فرصا جديدة للانجاز.. وتعطي للجمهوريين أعضاء الكونجرس بمجلسيه دوافع جديدة لاعادة توحيد الصف مع البيت الابيض والادارة الأمريكية.. بعد أن تفككت الروابط وأصاب الوهن والقنوط كل النفوس!!