ثالث حالة وفاة بين البشر في مصر نتيجة انفلونزا الطيور، اعلن عنها د. حاتم الجبلي وزير الصحة قبل يومين، وهي لفتاة تبلغ من العمر 16 سنة من محافظة المنوفية. وهذه الحالة التي نرجو ان تكون الاخيرة ترفع عدد الاصابات البشرية في مصر الي 11 حالة منذ الاعلان عن ظهور المرض بين الطيور قبل نحو شهرين من الان. وتقول التقارير ان الوباء انتشر بين الدواجن في 19 محافظة مصرية من بين المحافظات ال ،26 وجري اعدام آلاف الدواجن المصابة والمخالطة في سباق مع الزمن لمحاصرة الوباء والحد من الخسائر الناجمة عنه والاهم هو عدم توافر البيئة الصالحة لتطوره ليصبح قادرا علي الانتقال من البشر الي البشر. وتفيد بعض التقارير التحليلية ان عدد الوفيات بين البشر حول العالم منذ عام 2003 بلغ نحو مائة معظمهم من دول جنوب شرق آسيا.. وبالنظر الي وجود ثلاث وفيات في مصر خلال شهرين تعتبر النسبة كبيرة للغاية وخطيرة. يعني خلال 3 سنوات فقد العالم نحو 100 شخص بسبب انفلونزا الطيور، وفي مصر فقدنا ثلاث حالات في شهرين فقط. ومعني ذلك ان الحالة ليست تحت السيطرة بالقدر الكافي وان هناك تسربا في الاجراءات الوقائية وخللا في مقاومة الوباء يؤدي الي انتشاره وعدم تراجع الاصابات حتي الان. وبداية، اقول ان د. حاتم الجبلي بذل جهدا جبارا في تجنيد امكانيات وزارته للتصدي لهذا الوباء القاتل للطيور حتي الان وتتابع الفرق التابعة لوزارة الصحة حملاتها للتوعية وللتعامل مع الطيور المصابة والمخالطة لها دون كلل وفي ظروف صعبة للغاية. وربما كانت الظروف الصعبة المحيطة بعملية المقاومة في حاجة الي ايضاح وهي ليست ظروفا مادية بالدرجة الاولي ولكنها تتعلق بالثقافة العامة لدي المواطنين الذين يتقاعسون عن الاستجابة لتحذيرات وتوجيهات وتعليمات المقاومة. والتواكل الذي نعرفه بين الجماعة المصرية يؤدي الي كوارث، كما ان الاستهانة بخطورة المرض تؤدي الي الموت. ولست ادري ماذا يمكن ان يفعل وزير الصحة في هذه المشكلة لانها لم تعد مشكلة تتعلق به وحده، ولن تستطيع وزارة الصحة ان تمنع "تهريب الفراخ" اذا لم يمتنع المواطنون عن التعامل في هذه التجارة الخطرة ويدركون انهم ربما يقتلون انفسهم او اولادهم اذا لم يستجيبوا للتحذيرات. ان بعض الافكار الخبيثة التي تسللت الي الناس ستؤدي الي كارثة مثل القول بأن الحكومة تحاول القضاء علي القطاع المنزلي في تربية الدواجن لمصلحة اصحاب المزارع الكبري ومن بينهم بعض الوزراء، وبالتالي لا يستجيب الناس للتحذيرات. محمود التهامي