كشف المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عن وجود خلاف في وجهات النظر بين الجهاز والبنك المركزي من جهة ووزارتي المالية والتخطيط من جهة أخري حول كيفية حساب الدين العام الداخلي. وقال "الملط" في تقديمه لتقرير الجهاز حول الحساب الختامي للعام المالي 2003/2004 أن البنك المركزي والجهاز يقسمان الدين الداخلي العام إلي 3 أقسام، وهي الدين الحكومي ثم مديونية الهيئات العامة الاقتصادية باعتبار أن الموازنة العامة للدولة هي الضامن لهذه الهيئات وتعود فوائضها إلي الموازنة، وأخيراً مديونية بنك الاستثمار القومي. وتبلغ قيمة الدين موزعة علي الأقسام الثلاثة 435 مليار جنيه في العام المالي 2003/2004. في الوقت نفسه تري وزارتا المالية والتخطيط أن الدين العام الداخلي هو الدين الحكومي فقط البالغ 292.7 مليار جنيه، دون الأخذ في الاعتبار مديونية الهيئات الاقتصادية التي تبلغ 40.1 مليار جنيه ومديونية بنك الاستثمار البالغة 102.2 مليار جنيه. وحذر "الملط" من استمرار تجاوزات الهيئات الاقتصادية وعددها 59 هيئة قائلاً إنه للعام السابع علي التوالي يحذر الجهاز من التجاوزات غير المرخص بها في الهيئات وحجمها 10.7 مليار جنيه وأضاف أنه رغم التحذيرات المستمرة إلا أن الحكومة لم تأخذ في الاعتبار ما يتم من تجاوزات. وكشف الملط عن استمرار هروب الاستثمارات المصرية للخارج حيث بلغت قيمتها 257 مليون دولار في العام المالي 2003/2004 مقابل 45.8 مليون دولار في 2002/2003 بزيادة نسبتها 462%. وأوضح "الملط" أنه رغم كثرة الاتفاقيات الموقعة مع الدول العربية، إلا أن حجم التبادل التجاري لمصر معها بلغ 2.6 مليار دولار بنسبة 9% فقط من اجمالي قيمة المعاملات التجارية مع العالم الخارجي. وحذر رئيس جهاز المحاسبات من استخدام الدين العام الحكومي في تمويل العجز النقدي وعجز الموازنة العامة للدولة وليس في تمويل الاستثمارات حيث بلغت نسبة المستخدم في تمويل العجز 59.7% مقابل 23.5% للاستثمار. وأشار إلي أن نسبة خدمة أعباء الدين العام الحكومي إلي إجمالي استخدامات الموازنات بلغت 25.6% وبلغت إلي اجمالي الإيرادات الفعلية 38.5% ومعني ذلك أن أعباء خدمة الدين العام تلتهم أكثر من ثلث إيرادات الموازنة العامة للدولة. وبلغ نصيب الفرد من الدين العام 5.8 ألف جنيه ومن عبء الدين 598.6 جنيه. وانتقد الملط التوسع في إنشاء الصناديق والوحدات والحسابات الخاصة والتي بلغت 7908 صناديق وحسابات ووحدات خاصة، بلغت إيراداتها 9.9 مليار جنيه، حيث يتم استخدام الأموال في غير الأغراض التي أنشئت من أجلها، وتم انفاق مبالغ كبيرة علي تأسيس مكاتب قيادات الإدارة المحلية وتجديد قاعات الاحتفالات ومصاريف الحفلات والعلاقات العامة ونشر التعازي إضافة إلي ضعف الرقابة الداخلية علي أصول بعض الصناديق والحسابات. وقال إن الجهاز لا يطلب إلغاء هذه الصناديق، ولكن يطلب وضع حد للتوسع في إنشائها ووضع ضوابط للصرف، كما حذر من سوء استخدام أموال القروض والمنح في غير الأغراض المخصصة لها. ورد د. يوسف بطرس غالي وزير المالية علي ما أثاره "الملط" من ملاحظات قائلاً ان عام 2003/2004 شهد ذروة الركود الاقتصادي في مصر، كما أنه شهد التجربة الأولي لتعويم العملة الوطنية وما تبعها من آثار سلبية علي النمو الاقتصادي. وقال غالي إن التجاوزات التي تحدث في الهيئات الاقتصادية نتيجة البعد الاجتماعي في عمل هذه الهيئات حيث إن معظم التجاوزات حدثت في هيئة البترول نتيجة ارتفاع أسعار البترول العالمية ولم يكن ذلك معداً له في الموازنة. وأضاف أنه من الممكن أن تتحول الهيئات لهيئات رابحة ولكن علي حساب رفع أسعار الخدمات التي تؤديها. وتحدث غالي عن الصناديق الخاصة مشيراً إلي أن هناك تعديلاً تشريعياً يعد له حالياً لضبط أداء هذه الصناديق وعمليات الصرف، حيث سيتم توحيد حسابات هذه الصناديق في حساب خزانة موحد بالبنك المركزي، مشيراً إلي أن وضع هذه الحسابات في البنك المركزي سيخفف من أعباء الموازنة العامة للدولة.