يتزايد اتجاه الشركات الاَسيوية إلي توزيع عائد نقدي علي الأسهم وهو ما يعكس تحولا جوهريا في ثقافة هذه الشركات عقب الأزمة الاَسيوية الشهيرة عام 1997.. وتقول مجلة "نيوزويك" إن الشركات الاَسيوية خارج اليابان كانت قد اعتادت الاقتراض من البنوك لتمويل نموها دون النظر إلي ما يمكن أن تحققه من أرباح تسمح بتوزيع عائد علي الأسهم وجاءت الأزمة المالية الاَسيوية لتحرق وتدمر هذا النمط. وقبل الأزمة كان توزيع عائد نقدي علي الأسهم مسألة نادرة بل وكان يعتبر علامة من علامات الفشل حيث إن معيار النجاح في السوق الاَسيوي سريع النمو اَنذاك كان يتمثل في إعادة استثمار كل ما يتوافر من مال. أما الاَن فقد انقلب الموقف رأسا علي عقب وصار توزيع عائد علي الأسهم علامة من علامات النجاح وحسن إدارة الشركات.. فالشركات الاَسيوية لم تعد تعتمد علي الاقتراض من البنوك وصارت تمول توسعاتها ببيع المزيد من الأسهم في البورصة.. ولكي تباع هذه الأسهم يجب أن يكون لها عائد وهذا العائد بدوره هو ثمرة تحقيق الربح وليس مجرد زيادة الإيرادات بأي ثمن وهذا بالطبع إلي جانب احترام حقوق حملة الأسهم. ويقول روبن باربروك الخبير في باسفيك إيكويتيز إن الشركات الاَسيوية لم تعد تستثمر فوائضها لمجرد الاستثمار بل تفكر أولا في إعطاء حملة الأسهم حقوقهم ولا تقيم سوي الاستثمارات المربحة فقط. وهذا الاتجاه يعكس عقيدة سائدة لدي الشركات في الشرق والغرب علي السواء حيث أصبح العائد الموزع علي الأسهم بندا له احترامه لدي الجميع.. لقد اعتادت الشركات الاَسيوية منذ أزمة 1997 والشركات الغربية منذ عام 2001 علي تصحيح موازناتها وتقليص ديونها والأخذ بنظام أفضل للإدارة ولكن الرغبة في مكافأة حملة الأسهم صارت الاَن في اَسيا أقوي منها حتي في الولاياتالمتحدة. وذكر مسح أجرته شركة الأبحاث CLSA المتخصصة في أسواق اَسيا الباسفيك أن الشركات الاَسيوية في تلك المنطقة ستقدم هذا العام 70 مليار دولار كعائد موزع علي الأسهم.. وهو ضعف ما قدمته عام 2002 وستة أضعاف ما دفعته في عام 1998. ويذكر خبراء طومسون فاينانشال وهي شركة لإعداد البيانات الاقتصادية أن نسبة الأرباح المخصصة للتوزيع كعائد علي الأسهم في الشركات الاَسيوية تبلغ ضعف مثيلتها لدي الشركات الأمريكية. وتقول مجلة "نيوزويك" إنه في كل سوق رئيسي في اَسيا الاَن قائمة طويلة من الشركات التي توزع عوائد كبيرة علي الأسهم.. ولو اعتبرنا أن متوسط العائد علي الأسهم في الولاياتالمتحدة الاَن 1.73% فإن الأرقام في اَسيا تفوق هذه النسبة بكثير. وعلي سبيل المثال يتوقع أن توزع شركة فيوبون فاينانشال هولدينجز التايوانية 9.5% هذا العام، أما الشركة السنغافورية بيلوبيجز فستوزع 6.8% ويوزع بنك مانديري الأندونيسي 8.1% وبنك شرق اَسيا في هونج كونج 6.3% وحتي الشركات التي توقفت عن توزيع عائد علي الأسهم في أزمة 1997 عادت الاَن لتوزع عوائد أكبر وأكثر كرما. والحقيقة أن المستثمرين الأجانب قد شجعوا هذا الاتجاه الجديد لدي الشركات الاَسيوية ولم يعودوا ينظرون إليها كصانع للإيرادات فحسب. وقبل الأزمة الاَسيوية نادرا ما كان المستثمر الأجنبي يسأل عن سياسات توزيع العوائد علي أسهم هذه الشركات، أما الاَن فقد صار هذا السؤال مقررا من جانب كل المستثمرين وصارت الشركات من جانبها مستعدة دائما بالإجابات الشافية. ويقول هوارد جورجيز نائب رئيس شركة السمسرة ساوث تشاينا بروكريج في هونج كونج إن الشركات الاَسيوية قويت مرة أخري وهي تريد صعود أسعار أسهمها ولذلك تهتم بزيادة العائد علي هذه الأسهم. وهذه القوة المالية واضحة بجلاء في تقرير ABN Amro عن الشركات الاَسيوية المسجلة في البورصة التي تتابعها حيث يتوقع التقرير أن تحقق هذه الشركات أرباحا تناهز ال 95 مليار دولار هذا العام وهي ضعف ما حققته في عام 2003.. وفي نفس الوقت فإن نسبة ديون هذه الشركات قد انخفضت إلي ثلث ما كانت عليه عام ،1998 وهذا معناه أن الشركات الاَسيوية صارت أكثر استعدادا لدفع المزيد من العوائد الموزعة علي الأسهم.