سعد هجرس هل تعلمون أن 15 مارس هو اليوم العالمي للمستهلك؟! لقد مر هذا اليوم دون أن يشعر به أحد، والسبب ليس هو السهو أو النسيان، وإنما هو علي الأرجح أن "فكرة" حقوق المستهلك نفسها مازالت غريبة عن واقعنا. حيث تم التعامل مع المستهلك عقوداً متصلة بصلف شديد، وأصبح الأسلوب الذي يتم التعامل به معه أشبه ب "عقود الإذعان" لأنه يجب عليه أن يأخذ السلعة أو الخدمة ويدفع ثمنها صاغراً بصرف النظر عن الجودة أو المواصفات. واللافت للنظر بهذا الصدد أنه عندما تم تبني اقتصاد السوق في سياق سياسة الانفتاح جري الاهتمام بكل ما من شأنه تشجيع الاستثمار.. ولا بأس في ذلك. لكن المشكلة أنه جري تجاهل الآليات الأخري الواجب انتهاجها لضبط اقتصاد السوق وضمان عدم تحوله إلي غابة، وأهم هذه الآليات مكافحة الممارسات الاحتكارية، وحماية المنافسة، والدفاع عن حقوق المستهلك. وكان مثيراً للدهشة أن تظل مشاريع قانون مكافحة الممارسات الاحتكارية حبيسة أدراج ودهاليز لجان البرلمان أكثر من ثلاثين عاماً، استفحلت أثناء ديناصورات احتكارية وتغولت وغرقت ملايين الجنيهات من الأرباح الاحتكارية بينما المستهلكون لا حول لهم ولا قوة، ولم يكن المستهلكون وحدهم ضحايا هذا الوضع الاحتكاري، وإنما كانت المنافسة ضحية هي الأخري. وإلي جانب الآثار الجانبية والسلبية للممارسات الاحتكارية، شاهدنا آثاراً جانبية جسيمة أيضاً لترهل الرقابة علي السلع والخدمات، حيث رأينا سلعاً تفتقر إلي عوامل الأمان وأغذية فاسدة وغير ذلك من الأمثلة الممجوجة. وحسناً أن المجتمع المدني بدأ يدرك أهمية وجود جمعيات أهلية للدفاع عن حقوق المستهلك، وبدأ يطالب بإعطاء صلاحيات لهذه الجمعيات الأهلية بما فيها صلاحية التقاضي. ومن هذه الهيئات "الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك" التي تأسست في ديسمبر 1996 برئاسة السيدة سعاد الديب النائب الأول للأمين العام للاتحاد العربي لحماية المستهلك. وقد عقدت يوم الاربعاء الماضي ندوة مهمة تحت رعاية المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة، تناولت الدور الحكومي ودور القطاع العام والخاص ودور المجتمع المدني في حماية المستهلك، وشارك فيها عدد من المسئولين الرسميين ورجال الأعمال ورجال الإعلام، لبحث أوضاع المستهلك المصري في ضوء الحقوق الثمانية التي أقرتها الأممالمتحدة للمستهلكين منذ 9 ابريل 1985 وهي الحق في الحياة والحق في الأمان والحق في إشباع الحاجات الأساسية والحق في التثقيف والحق في التعويض والحق في بيئة صحية والحق في الاختيار والحق في الحصول علي المعلومة. ولعلها أن تكون أول الغيث وأن تكون مثل هذه الأنشطة مثار اهتمام المجتمع المدني والإعلام دفاعاً عن الحقوق المشروعة للمستهلك.