فجر الرئيس الروسي بوتين مفاجأة من العيار الثقيل -الخميس الماضي- عندما وجه الدعوة الي قيادات حماس لزيارة موسكو شعرت امريكا بالصدمة من جرائها تماما مثلما شعرت اسرائيل بيد ان ادارة بوش ما لبثت ان تداركت الامر وحاولت القيام بعملية الثقافية طالبت خلالها روسيا بالضغط علي حماس من اجل تنفيذ ما اتفقت عليه اللجنة الرباعية (امريكا، روسيا، الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة) في اجتماعها في الثلاثين من الشهر الماضي عندما طالبت بضرورة ان تبادر حماس بنبذ العنف وتلقي السلاح وتعترف باسرائيل. الرقص مع الذئاب.. ولاشك ان الصدمة كانت اكبر لإسرائيل وكانت مفاجأة شعر ايهود المورت من جرائها بخيبة امل بدا معها بوتين في نظره كمن يحاول الرقص مع الذئاب وانه بدعوته تلك قد خرج عن مواقف اللجنة الرباعية التي تشارك روسيا في عضويتها ولهذا وكرد فعل لغضبة اسرائيل تسرّعت امريكا في الحكم علي المبادرة رغم ان دعوة بوتين لحماس يمكن ان تؤدي الي التوصل الي حل من خلال القبول بالهدنة غير المحدودة والكف عن العمليات الفدائية وبالتالي يمكن النظر الي هذا كبداية تمنح التسوية السلمية فرصة حقيقية. الرؤية بعيون إسرائيلية ولكن ماذا عساها ادارة بوش ان تفعل وهي لا تري الا بعيون اسرائيلية؟ ولذلك سارع ديفيد وولش احد مسئولي الخارجية الامريكية ليعيد ما سبق لادارة بوش ان اكدته من ان حماس حركة ارهابية سواء اكانت في الحكومة او خارجها وان امريكا لن تنهي القطيعة معها حتي اذا انهت الحركة علمياتها ضد اسرائيل غير ان الأمر قد يتغير اذا اعترفت حماس باسرائيل. كل يغني علي ليلاه.. تحرك روسيا لم ينبع من فراغ فمبادرتها حيال حماس جاءت في اطار رغبتها في استعادة دورها في المنطقة ولعب دور متميز ومؤثر في عملية السلام بعد ان وصلت الي طريق مسدود ولربما وجد بوتين في فوز حماس في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في 25 يناير الماضي بمثابة جسر يمكن لروسيا عبره العودة الي المنطقة ولقد مهد بوتين لهذه الخطوة عندما صرح قبلها بعدة ايام بان موسكو لم تعتبر حماس يوما منظمة ارهابية ثم مضي يبني علي موقفه هذا بدعوته قيادات حماس لزيارة موسكو وفي الوقت نفسه عمدت الخارجية الروسية الي التهوين من القضية لطمأنة امريكا بتأكيدها بانها لم تنشق عن اللجنة الرباعية وان مباحثاتها مع حماس سترتكز علي ما اتفقت عليه اللجنة المذكورة في الثلاثين من الشهر الماضي. تحرك عملي.. ولا جدال في ان خطوة بوتين شكلت الصدمة لاسرائيل وسببت لها الانزعاج الي حد سرت معها تخوفات من ان تقود الي ازمة دبلوماسية بين موسكو وتل ابيب او ان تسعي اسرائيل الي استبعاد روسيا من عملية السلام اذا لم تتراجع عن موقفها لاسيما وان مطلب اسرائيل الدائم هو ادراج حماس ضمن قائمة الارهاب بينما روسيا ترفض هذا التصنيف فحماس في نظرها ليست ارهابية بالاضافة الي انها وصلت الي السلطة عبر انتخابات شرعية ولهذا فعلت روسيا موقفها السياسي من حماس بتحرك عملي تمثل في دعوة قياداتها الي موسكو وفي محاول لطمأنة الاطراف الاخري اكد المبعوث الروسي بان جدول اعمال المباحثات سيتناول تليين مواقف حماس للعودة الي الحوار مع اسرائيل علي اساس المرجعيات التي تم التوصل اليها في اجتماع اللجنة الرباعية قبل نهاية الشهر الماضي. المبادرة وعنصر الوقت.. هناك من يري بان روسيا في لقائها بحماس قد تبادر باقناعها بالاعتراف الضمني باسرائيل من خلال انضمامها الي منظمة التحرير الفلسطينية التي سبق لها وان اعترفت بالدولة العبرية عبر الخطابات المتبادلة بين عرفات ورابين سنة 1993 اما ما قد تطالب به روسيا وتؤكد عليه فهو ضرورة منح حماس فرصة كافية لتسوية اوضاعها فلا يمكن ان نتوقع ان تتحول من النقيض الي النقيض علي الفور فهي بحاجة الي وقت قبل اجراء تغيير جذري في مواقفها والتجاوب مع المطالب المطروحة. بداية الطريق.. لاشك ان خطوة بوتين كان لها تأثيرها الذي تمثل في تأييد فرنسا لها واعلانها بان المبادرة قد تساهم في تعزيز مواقف اللجنة الرباعية. وفيما قاله كوفي انان من وجوب عدم اطلاق احكام مسبقة علي حماس وضرورة منحها المزيد من الوقت. ان خطوة بوتين جريئة ولها ثقلها بوصف روسيا هي احد راعيي عملية السلام واحد اطراف اللجنة الرباعية، الخطوة خطيرة لانها اخترقت الجبهة العالمية التي تقودها اسرائيل وامريكا لمحاربة حماس ونزع الشرعية عنها بدعوي انها منظمة ارهابية تدعو علانية الي القضاء علي الدولة العبرية ايا كان فان مبادرة بوتين جاءت في وقتها ويمكن التعويل عليها الآن بوصفها بداية لفتح الطريق نحو القبول الدولي بحركة حماس.