بينما تشتد المناظرات بين زعماء العالم والدبلوماسيين حول كيفية التعامل مع الطموح النووي الإيراني، يكمن السبب الرئيسي في مخاوف المحللين هذه الأيام حول مستقبل البترول في البلاد. فالمواجهة في الماضي ضد إيران ربما لم يكن لها التأثير الذي يصل إلي حد الضرر حيث كان العالم يتمتع بفائض كبير في البترول بعكس الاَن فالصورة بالغة الاختلاف فإنتاج إيران الحالي يفوق الاحتياطي العالمي من البترول. ويخشي الكثير من المحللين الاَن من تكرار سيناريو العراق سواء المواجهة الدبلوماسية أو العسكرية مع قوة بترولية رئيسية في مجال الإنتاج بالشرق الأوسط وهو ما سيؤدي إلي عرقلة الإمدادات في وقت يتميز فيه الطلب بالارتفاع بما ينعكس علي ارتفاع أسعار البترول بمعدلات أكبر. وعلي مدي أسبوع ألمح الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد أن بلاده ربما تستخدم سلاح البترول عن طريق كبح جماح صادراتها ف يحالة تطبيق عقوبات دولية عليها، رغم أن مجلس الشيوخ قال إن إيران يجب أن توقع عليها عقوبات بصرف النظر عن عواقب ذلك علي أسعار البترول. وتراقب أسواق البترول برنامج إيران النووي الطموح وقد استجابت بقوة إلي توقف المباحثات أو تعليقها وإعلان إيران عن قرارها بوقف هذه المفاوضات مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا في نهاية 2004. وارتفعت الأسعار الاَجلة للخام في الأسابيع الأخيرة إلي 65 دولارا للبرميل في المتوسط بعدما كانت قد عادت إلي التراجع في نوفمبر الماضي إلي 55 دولارا للبرميل وعادت التوقعات التي ترجح أن الأسعار تتجه صوب 70 دولارا للبرميل ما لم يكن أكثر من ذلك. إلا أن هناك عوامل أخري ساهمت في الارتفاع الحالي في الأسعار، بما في ذلك حالة عدم الاستقرار في المنطقة الرئيسية المنتجة للبترول بنيجيريا.. بالإضافة إلي التوقعات الجديدة التي تشير إلي زيادة الطلب في العام الحالي ولكن مع إمكانية فرض عقوبات بسبب الملف النووي تعتبر إيران بكل المقاييس الخطر الأكبر الذي يهدد أسواق البترول. ومن غير المتوقع أن تتراجع الأسعار بصورة كبيرة مادام الخلاف مع إيران مستمرا، وتعد إيران من الدول المؤثرة في السوق حيث تستحوذ وحدها علي 10% من الاحتياطي العالمي للبترول كما تأتي في المرتبة الثانية في منظمة الدول المصدرة للأوبك بعد السعودية وتساعد في تشكيل سياسة التسعير للمنظمة وتصدر حوالي ثلثي الكمية التي تنتجها وتقدر بأربعة ملايين برميل يوميا، وأغلبها يتم شحنها إلي اليابان والصين ودول اَسيوية أخري وفي حالة توقف هذه الصادرات فسوف تكون هناك صعوبة لتعويضها بعكس ما حدث في عام 2003 عندما رفعت كل من الكويت والسعودية إنتاجهما لتعويض النقص الناجم عن توقف إمدادات البترول العراقي. والسؤال الذي يطرحه الخبراء أيضا لماذا تتخذ إيران موقفا عدائيا متشددا في ملفها النووي بعكس الحال مع دول أخري مثل كوريا الشمالية؟ والإجابة الواضحة أن إيران في موقف أكثر قوة وهي تستطيع أن ترد علي أي عقوبات بأسلوب سيكون مؤلما للمجتمع الدولي. ورغم اختلاف الموقف الأمريكي عن نظيره الأوروبي أو الصيني فالأولي تمنع صادرات البترول الإيرانية وتحظر علي شركاتها العمل في الأسواق الإيرانية لا تستطيع أوروبا أو العملاق الصيني تعويض هذا النقص أو التخلي عن البترول الإيراني.