لا شك أن فترة الرواج التي تعيشها البورصة المصرية في الوقت الحالي لم تعظم فقط ثروات ومحافظ المستثمرين، لكن ذلك امتد أيضا وبشكل اكبر إلي أصحاب شركات السمسرة التي تعتبر المستفيد الأول من رواج السوق، وحتي في غير فترات الرواج، وبالنظر بشكل أدق إلي طبيعة العلاقة بين شركات السمسرة والعملاء خلال الأعوام الماضية سنجدها حقا قد تغيرت منذ العام الماضي وبشكل واضح ، فبعد أن كانت شركات السمسرة تتلهف وراء عميل تصل محفظته إلي مائة ألف جنيه أو حتي خمسون ألف جنيه بل 10 ألاف جنيه أصبحت الآن تضع لافتات علي أبوابها تشير الي ان " الحد الأدني لفتح حساب 100000 جنيه" وكأنها تقول بشكل غير مباشر " عذرا نحن لا نقبل صغار المستثمرين" بل امتد الأمر إلي أكثر من ذلك واتجهت بعض الشركات إلي ممارسة أساليب بالمعني البلدي " لتطفيش" صغار العملاء وذلك بعد أن تعاظمت ثروات أصحاب الشركات او بالمعني البلدي أيضا " شبعوا" من البورصة وانشغل بعضهم بمعرفة أسعار الاراضي في البفرلي هيلز لبناء فيلات فارهة، كما بات اهتمام غالبيتهم يتركز فقط علي محفظته الشخصية يديرها من مكتبه الذي عزله بصفوف أحيانا من السكرتيرات إضافة الي عدد من المحافظ الضخمة لكبار العملاء او العملاء " السوبر" وأصبح لا مكان لمستثمر صغير يملك 50 ألف جنيا مثلا في هذه الشركات او في البورصة المصرية.. !!!!!!. محسن محمود وقبل ثلاث سنوات من الآن سألت احد رؤساء الشركات (كيف تتعامل مع صغار المستثمرين؟) أكد وقتها انه لا فرق بين مستثمر صغير ومستثمر كبير فالكل عملاء لدينا.. والآن وبعد مرور ثلاث سنوات كان اول من وضع لافتة الحد الأدني لفتح الحساب 100 ألف جنيه..!! ، ونحن هنا ليس في موضع الجهاز المركزي للمحاسبات او حتي لإجبار هذه الشركات علي قبول صغار العملاء لديهم، ولكن نذكر أن كل ما تفعله الحكومة من إجراءات لتنشيط سوق المال يستهدف في المقام الأول هؤلاء المستثمرين من صغار العملاء، وامامي وبكل أسف العديد من النماذج لغطرسة رؤساء بعض الشركات ورفضهم قبول عملاء نظرا لان هؤلاء العملاء الصغار بحسب رؤية أصحاب الشركات " همهم اكتر من فائدتهم" بل يروا في بعض الأحيان ان خسارتهم أكثر من مكسبهم..!!!!. وفي الأسابيع الماضية طلب مني بعض الأصدقاء القيام بدور الوساطة لدي بعض شركات الوساطة لقبول محافظهم الصغيرة، ومع الاعتراف بتضاعف أعداد العملاء لدي شركات السمسرة والتي تكون ربما وصلت إلي حد يفوق قدرات بعض الشركات وهنا نلتمس لها العذر الوحيد فإن الدعوة تتجدد لوزارة الاستثمار وهيئة سوق المال بضرورة إعادة النظر في فتح المجال مرة أخري لمنح تراخيص جديدة طالما ان شركات السمسرة باتت تشكو من كثرة العملاء وهنا نجد منفذا لصغار العملاء لدخول البورصة التي أغرت الجميع بما حققته من مكاسب خلال السنوات الماضية. وخرجت علينا قبل اسبوع احدي المجموعات الاستثمارية الخليجية تطلب شراء رخصة للسمسرة وانا اعرف هذه المجموعة وعندما سألتها لماذا هذا الاعلان قال لي احد المسئولين فيها انه فشل في استخراج رخصة جديدة من هيئة سوق المال نظرا لان منح الرخص موقوفة حاليا، وقد وصل سعر رخصة السمسرة حاليا الي 8 ملايين جنيهات والتي لم تكن تساوي قبل ثلاثة اعوام 100 الف جنيه، والأحري علي الدولة استغلال هذا النشاط للبورصة وفتح المجال لجذب مستثمرين أجانب وعرب لتأسيس شركات وساطة في مصر. تضاعف المستثمرين ياسر عثمان" مهندس" وعميل بإحدي الشركات يري ان الأمر الأول الذي خلق هذه المشاكل يتمثل في الاكتتابات التي شهدتها السوق أن اكتتاب سيدي كرير لم يجد دويا كبيرا في السوق سمع في السوق بعدها اكتتاب أموك الذي حقق 100 في المائة ثم اكتتاب المصرية للاتصالات التي شهدت زحفا جماهيريا نحو البورصة وقال ان التدفق من المستثمرين الأفراد والمواطنين لم يكن متوقعا مما خلق ضغطا علي شركات السمسرة خاصة ان شرائح كبيرة من المكتتبين لم تخرج من السوق واستمرت في السوق وتضاعفت أحجام التداول وأوامر الشراء والبيع تضاعفت قابله عدد موظفين محدود في الشركات وغير مدرب . واضاف ان شركات السمسرة لا تزال تعاني من قلة الكوادر المدربة وقلة خبرة بين العاملين في الشركات في تعاملهم مع العملاء، مشيرا الي ان فرصة الحصول علي سمسار كفء حاليا تكاد تكون مستحيلة بل الحصول علي سمسار يحمل رخصة في حد ذاته باتت صعبة أيضا بعد ان اشترطت هيئة سوق المال ان يكون من يحصل علي كارنيه السمسرة له خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات في السوق مما خلق ندرة في البورصة خاصة ان الطفرة لها عامين فقط مما جعل غالبية العاملين في السوق لم يكملوا حتي الان سنوات الخبرة. واشار إلي إن الأسواق الخليجية وتوسع الشركات المصرية في الأسواق في الخارج امتصت نحو ثلث العاملين ذوي الخبرة من السوق المصرية مما خلق عجزا في السوق مقابل تضاعف وتزايد أعداد المتعاملين يوميا.