[email protected] سمعنا الكثير خلال القمة العالمية لمجتمع المعلومات او "قمة الانترنت" كما يحلو للبعض ان يطلق عليها والتي عقدت مؤخرا بتونس عن ضرورة قيام دول الشمال الغنية بسد الفجوة التكنولوجية بينها وبين دول الجنوب الا ان تحقيق مثل هذا الهدف لا يعني الاكتفاء بتزويد الدول في الجنوب بالوسائل التقنية للمشاركة في ثورة المعلومات والمعرفة التي يشهدها العالم اذ ان تهيئة الظروف الملائمة وتمكين الافراد في تلك الدول من الاستفادة الكاملة من تقنية المعلومات يأتي علي نفس القدر من الاهمية. وفي حوار مع برنامج "صباح الخير" بالقناة الاولي حول ثمار ما يطلق عليه ثورة المعلومات والاتصالات وتأثيرها علي المجتمع بصورة عامة وكيفية سد الفجوة الرقمية الراهنة بين دول العالم المتقدمة والنامية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفي الحقيقة نتصور ان بعض الدول النامية وعلي رأسها مصر نجحت بصورة كبيرة في بناء وتوفير بنية تحتية للاتصالات والانترنت تضاهي ما هو موجود بالعديد من الدول المتقدمة "وذلك بالاعتماد علي مفهوم الشراكة مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص" الا ان التحدي الاكبر الذي يواجه جميع الدول النامية هو كيفية تنمية دورها في التنمية التكنولوجية وانتقالها من مرحلة المستخدم لمنتجات ثورة التكنولوجيا الي مطور ومساهم فعال في الابداع المعلوماتي سواء لتلبية احتياجات الاسواق المحلية او الدخول في منافسة جادة بالاسواق العالمية. وبالنسبة لمدي تفاعل المواطن العادي في جميع المجالات مع ثورة الانترنت والاتصالات نشير الي ان هذا التفاعل يعتمد بدرجة كبيرة علي قدرة كل من وزارتي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتنمية الادارية علي تقديم واتاحة خدمات الكترونية متنوعة في صورة مبسطة وسهلة التعامل تسمح لجميع فئات المواطنين بالاستفادة منها دون تعقيدات او تحمل اعباء مالية جديدة تجعل فئات واسعة تعكف علي استخدام هذه الخدمات بغض النظر عن جدواها الاقتصادية ومن ثمة فان تعظيم استفادة المواطن العادي من ثورة التكنولوجيا يحتاج بدرجة كبيرة الي مبادرات الكترونية "سواء حكومية او خاصة" تزيد من ثقة المواطن في ثمار ومظاهر ثورة الاتصالات واهمها اتاحة خدمة الاتصال بالانترنت للجميع وفي اي مكان. وعن تأثير الكتاب الرقمي او الثقافة الرقمية علي الكتاب الورقي التقليدي والصحف الورقية نعتقد ان التأثير سيكون ايجابيا وكلاهما سيظل مكملا للآخر وليس صحيحا ما يعتبره البعض انهما وسيلتان متنافستان وان احدهما سيقضي علي الاخر بل العكس الصحيح فالكتاب الرقمي والصحف الالكترونية ستزيد من عدد القراء والمهتمين بالثقافة بشكل عام والبحث عن مزيد من المعرفة والمتابعة من خلال اللجوء الي الكتاب والصحف الورقية. كذلك يلاحظ انه ما زالت هناك فجوة بين ما هو ممكن تحقيقه وبين الحقيقة علي ارض الواقع فالموظف الحكومي في المؤسسات التي تمت ميكنتها واستخدام الادوات التكنولوجية بها لا يمكنه الاتصال بزميله الذي يجلس معه في نفس المبني "ان لم يكن علي نفس المكتب فما بالك اذا كان هذا الزميل في محافظة اخري" رغم ان كليهما يستخدم جهاز كمبيوتر وبالتالي فان كثيرا من المواطنين يري ان استخدام الكمبيوتر وميكنة نظم العمل في بعض المؤسسات الحكومية لا جدوي منه وانه لم يحدث تطوير في جوهر ومضمون الخدمة وانما ينحصر هذا التغير في صورة مظهرية وانفاق اموال بدون عائد وهنا نطالب بضرورة اعادة تأهيل الموظفين في جميع المؤسسات الحكومية التي تتم ميكنتها والتخطيط السليم لضمان الاستفادة المثلي من عملية الميكنة وبناء شبكة معلومات بهذه المؤسسات. في النهاية نؤكد ان تعظيم الاستفادة من ثورة الانترنت والاتصالات لسد الفجوة الرقمية يعتمد بدرجة كبيرة علي مدي قدرتنا ونجاحنا في نشر وتعميم ما يعرف بثقافة المعرفة بما يتناسب مع مختلف اعمار واذواق جميع فئات المجتمع وذلك وفقا لاحتياجاتهم مع ملاحظة ان نسبة كبيرة من المستهدفين في غالبية الدول النامية لا تجيد القراءة والكتابة فثورة المعلومات ستحدث فقط عندما تصل المعرفة بشكل مباشر الي اولئك الذين يرغبون في الاستفادة منها.