لايزال عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق المقيم حاليا في دمشق يجذب انتباه المراقبين بسبب الحديث الذي ادلي به الي فضائية عربية وأيد فيه الاتهامات الموجهة لسوريا بالضلوع باغتيال الحريري. وكان من اول التداعيات ان لجنة التحقيق الدولية طلبت رسميا من سوريا الاستماع الي اقوال الرئيس السوري بشار الاسد ووزير خارجيته فاروق الشرع فيما يعد تطورا خطيرا قد يدفع سوريا الي مواجهة وشيكة مع مجلس الامن، وهذا بالضبط الهدف من تضييق الحصار حول دمشق لترتكب الخطأ القاتل الذي يسمح للولايات المتحدة وفرنسا بالتدخل في سوريا تحت غطاء دولي. وكان خدام في اقواله المرسلة عبر قناة العربية قد اكد ان الحريري تلقي كلاما قاسيا من الرئيس بشار يرقي الي التهديد وانه شخصيا - أي خدام - نصح الحريري بعدم البقاء في لبنان امام الضغوط السورية المتزايدة. والملاحظ ان اقوال خدام جاءت في وقت حرج لتعيد الحياة مرة اخري الي لجنة التحقيق الدولية وتعطيها مادة اضافية بشهادة خدام لتضييق الخناق علي النظام السوري وخاصة ان اللجنة طلبت الاستماع الي اقوال خدام نفسه ضمن المطلوبين الجدد امامها ليستمر "خدام شو" في اسداء خدماته ضد سوريا. ويعتبر انشقاق خدام، الذي ابعد الي باريس منذ الصيف الماضي وفقد كل مناصبه، ضربة شديدة للنظام السوري وان كانت اقواله حتي الان لا تخرج عن ما جاء بتقرير ميليس سوي انها توجه اصابع الاتهام مباشرة للرئيس السوري. وافادت مصادر صحفية بأن نائب الرئيس السوري دأب منذ فترة علي استقبال زوار كثيرين يجمعون المعلومات حول النظام السوري مما يعطي انطباعا علي ان خدام قرر منذ فترة ان ينتقم من نظام بشار الاسد الذي حرمه امتيازاته التي تمتع بها طويلا مع الاسد الاب. والجدير بالذكر ان خدام رافق الاسد الاب 55 عاما في حزب البعث السوري وعمل معه في الدولة السورية علي مدي 35 عاما منذ عام 1970 كوزير للخارجية وكنائب لرئيس الجمهورية منذ عام 84. والملاحظ ان شهادة خدام تضمنت تحريضا شديدا للامريكيين علي ضرب نظام بشار الاسد في سوريا اذ اشار الي تورط دمشق في الحرب الدائرة ضد الامريكيين في العراق بقوله ان الاسد "الابن" يردد ان الامريكيين سيأتونه راكعين من اجل تسوية الوضع في العراق. رائحة الانتقام تفوح من اقوال خدام ولكن هذا الوضع هو افراز طبيعي للنظم التي يحكمها الافراد فيما يشبه اقتسام غنيمة فاذا ابتعد احدهم لسبب ما - دون قتله - انقلب علي الاخرين يحاول ضربهم في مقتل.