نشرت مؤخرا احدي الصحف قيام زوجة مهرب للاثار بسحب مبلغ مليون جنيه من حسابها قبل صدور قرار النائب العام بالتحفظ علي ممتلكات زوجها بأيام وايداع المبلغ لحساب احدي قريباتها الموظفة في احد البنوك الخاصة وهذه الواقعة إذا ثبت صحتها تثير العديد من التساؤلات حول الضوابط الرقابية التي يخضع لها العاملون بالبنوك. وهل يمكن أن يتنكر صاحب الحساب من المبالغ المالية المودعة فيه وهل هناك شبه اتفاق بين العميل والموظف في هذه الحالة؟ يقول محمود الغماز نائب المدير العام ومسئول وحدة التطابق والالتزام بالمصرف "الإسلامي للاستثمار والتنمية" إن موظف البنك غالبا لا يكون لديه مورد رزق سوي دخله وإذا كانت لديه أية موارد أخري يجب أن تكون إدارة البنك علي علم بها، مشيرا إلي أنه وفقا لمتطلبات قانون مكافحة غسل الأموال ومبدأ "اعرف عميلك" فالبنك يعتبر موظفه مثل العميل وأكثر حيث إن أي تحرك في حسابه يلفت نظر الإدارة علي الفور فحسابات الموظفين بالبنوك تكون مراقبة. ويوضح الغماز أن من ضمن شروط فتح الحساب أن يكون قبول البنك لأي عملية تحويل للأموال رهناً بقبول صاحب الحساب لها أيضا يقر العميل أن المبالغ التي تحول وتوضع في حسابه تخصه، مشيرا إلي أنه في حالة هذه الموظفة فإننا أمام خلل واضح في أسلوب العمل أيضا فإن زوجة مهرب الآثار قامت بمقامرة غير محسوبة العواقب إذ رأت أن المبلغ سوف يتم التحفظ عليه فأقدمت علي تحويل المبلغ باسم قريبتها الموظفة ويؤكد الغماز أننا ازاء واقعة تحويل للأموال وليست ايداع يسهل اثباتها فهي واقعة تحرك حسابي وليست نقدية ويشير الغماز إلي أن المقامرة تتضح في أنه في حالة وفاة هذه القريبة فإن الأموال سوف تؤول إلي ورثتها وفي هذه الحالة لن يمكنها أخذها أو أن تدعي الموظفة بأن المبلغ الموجود بحسابها مقابل بيع قطعة أرض مثلا وفي كل الأحوال فإننا ازاء خلل في الإجراءات. ويؤكد عبدالله محمود مدير أول قطاع أحكام الرقابة والمطابقة ببنك "المؤسسة العربية المصرفية" - مصر أن ملاءة موظف البنك ومركزه المالي معلوم لدي زملائه ورؤسائه وأن دخله الاساسي رابه وإن وجدت مصادر أخري فيجب أن يكون البنك علي علم بها. ويوضح عبدالله أن حركة حسابات الموظفين تكون تحت السيطرة والرقابة من أجهزة الرقابة الداخلية بالبنك ويكون البنك علي علم بملاءة الموظف الائتمانية والتسهيلات التي يحصل عليها سواء من البنك أو من البنوك الأخري وبالتالي فإن أية دخول بخلاف ما سبق ذكره تتعارض مع عقد العمل بين البنك والموظف والتي يحظر فيها علي الموظف القيام بأي نشاط تجاري أو غيره مؤكدا أن حركة حسابات الموظفين تخضع للمراجعة والرقابة أولا بأول. ويري عبدالله محمود أن أية مصادر ايرادية أو أية مصادر دخل بخلاف المصادر الشرعية فإن حركة حسابات الموظف غالبا ستثير الشك ومن ثم يخضع للمساءلة داخل مصرفه بخلاف مساءلته من الجهات الرقابية الأخري. يوضح عبدالله محمود أن التعليمات الرقابية تقضي بأن القائم بايداع المبالغ المالية هو ذات العميل صاحب الحساب وفي حالة أن يكون الحساب مشتركاً بين أكثر من شخص تحدد أسماء أصحاب الحساب وأنصبة كل منهم في حالة الوفاة وبالنسبة لحالة هذه السيدة فإنه يري أن هناك اتفاقا تم خارج البنك وبأساليب غير شرعية للخروج عن القواعد المعمول بها. يؤكد هشام حماد مساعد المدير العام لقطاع التفتيش بالبنك "المصري المتحد" أن تعاملات العاملين في البنوك تخضع للرقابة تكون غالبا أعلي مستوي من الرقابة علي حسابات المتعاملين الآخرين وذلك حفاظا علي العاملين في البنوك في المقام الأول وعلي سمعه البنوك من ناحية أخري ويوضح حماد أنه طبقا للمعايير والضوابط المنظمة لقواعد غسل الأموال ولوائح الالتزام بصفة عامة بالاضافة إلي قواعد الرقابة الداخلية فإن حسابات العاملين بالبنوك تخضع للرقابة الكاملة من إدارة البنك من خلال ضوابط وإجراءات داخلية ووفقا للقواعد العامة والارشادات سواء الصادرة من البنك المركزي أو الضوابط التي تعدها إدارة البنك ضمن إجراءات تحسين بيئة الرقابة الداخلية علي جميع المتعاملين والتي منها حسابات العاملين بالبنوك. ويشير حماد إلي أن حسابات العاملين بالبنوك تحصل علي نصيب كبير من الضوابط الرقابية المنظمة للمعاملات المصرفية مؤكدا أن لكل بنك لائحة التزام يقوم الموظف بالتوقيع علي اقرار يوضح علمه بجميع الضوابط الواردة بتلك اللائحة والمامه بها وتشتمل هذه اللائحة علي العديد من المؤشرات للاشتباه في المعاملات المصرفية التي يقوم بها العاملون بالبنوك منها علي سبيل المثال ارتباط الموظف بعمليات عديدة تثير الريبة أثناء تأديته للعمل مثل ايداع مبالغ كبيرة في حسابه أو أن تحيط به مظاهر ترف لا تتناسب مع حجم الراتب الذي يتقاضاه أو مع دخله من مصادر أخري معلومة للإدارة كذلك محاولة الموظف تسهيل حصول العملاء علي الخدمة المصرفية والتغاضي عن تطبيق الاجراءات البنكية المعتادة ويؤكد حماد أنه يتم متابعة حسابات العاملين بصورة دقيقة للغاية طبقا لهذه المؤشرات كما أن الرقابة من مسئولي الالتزام وأيضا قطاع التفتيش بالبنوك تكون في معظم الأحيان بصفة يومية علي حسابات العاملين بالبنوك وفي حالة وجود أي تحركات غير طبيعية عليها يتم الاستفسار منهم وفي سرية تامة خشية التسبب في احراجه أمام الزملاء. يؤكد فتحي شاويش المراقب العام ببنك "النيل" أن موظف البنك مثل أي عميل تطبق عليه قواعد "اعرف عميلك" بالاضافة إلي أساليب الرقابة العادية فلا فرق بين حساب الموظف وحساب أي عميل آخر وفي حالة حدوث شك في تحركات حساب الموظف يقع تحت طائلة الاشتباه والمساءلة مشددا علي أن البنك يكون أكثر معرفة بموظفيه مقارنة بغيرهم من العملاء. ويؤكد شاويش أنه في حالة عدم استطاعة الموظف اقناع الادارة بأن الأموال التي تم اضافتها للحساب تخصه تتخذ ضده الإجراءات القانونية مشيرا إلي أن البنك لا يملك مصادرة هذه الأموال في حالة الاشتباه في عملية ما ويتوقف دوره علي ابلاغ وحدة غسل الأموال في البنك المركزي بالواقعة. ويوضح شاويش أن العميل يوقع عند قيامه بفتح الحساب علي قرار يفيد أن الأموال الموجودة بالحساب تتعلق به شخصيا وعند حدوث تحركات مبالغ فيها بعد يوضع تحت المجهر.