كيف ينظر المخضرمون من الخبراء وناشطي المجتمع المدني إلي هذه القضية؟ يؤكد د. يحيي الجمل شيخ القانونيين في مصر ونائب رئيس التجمع المصري من أجل التحول الديمقراطي أن أغلبية من دخلوا المعارك الانتخابية ليسوا رجال أعمال بالمعني الصحيح وأن قلة فقط منهم هم الذين ينطبق عليهم ذلك اللقب، وأغلبهم تجار يسعون إلي مكاسب رخيصة، ويؤكد أن كل تيار يسعي لتحقيق مصالحه، وأن الفيصل في ذلك هو رقابة الرأي العام والضغوط السياسية والشعبية من أجل الاصلاح. أما نجاد البرعي رئيس جماعة تنمية الديمقراطية فيؤكد أن طبقة رجال الأعمال في مصر التي تربت في إطار التقاليد الليبرالية ماتت منذ ،1952 وقال إن ظهور فئة مماثلة تحتاج إلي عشرات السنوات لكي تظهر، وأشار إلي أن رجال الأعمال في البرلمان عليهم "مماسك" من الحكومة علي حد قوله ولن يتجاوزوا الخط المرسوم في هذه المرحلة الانتقالية التي نعيشها، مؤكدا أننا لن نشهد رجال أعمال بأجندة اصلاحية قبل برلمان 2015. في البداية يفسر الدكتور يحيي الجمل - استاذ القانون الدستوري ونائب رئيس التجمع المصري من أجل التحول الديمقراطي - تدفق رجال الأعمال للترشيح لانتخابات مجلس الشعب إلي بأن جزءاً قليل منهم يمكن أن ينطبق عليه وصف رجال الأعمال وأن أغلبية المتقدمين لسباق المعركة الانتخابية ليسوا سوي تجار أثروا علي نحو أو اَخر، ويوضح أن رجال الأعمال الحقيقيين يعرفون رسالتهم نحو المجتمع، في حين أن من يتصارع للفوز بمقعد في البرلمان من تلك الفئة هم مجرد تجار لا يسعون إلا إلي الكسب بصرف النظر عن القيمة الأدبية والسياسية، ويسعون إلي الجلوس تحت قبة البرلمان من أجل الحصول علي الحصانة وتحقيق مكاسب رخيصة غير مشروعة. وفيما يري د. الجمل أن التلاعب بنتائج الانتخابات في حد ذاته أمر مخيف ومسيء لصورة البرلمان وسيكون مكشوفا أمام العالم وسيمثل اهانة لمصر إذ يتم التزوير. يوضح أنه إذا لم يتم التزوير فسوف يكون المجلس القادم من أغلبية ليست ساحقة للحزب الوطني وسوف تتمتع المعارضة بعدد كبير من المقاعد لا يقل عن 150 مقعدا، وسوف يكفل ذلك وجود نواب للمعارضة قادرين علي قيادة مصر نحو التغيير الحقيقي. وحول اختلاف مصالح التيارات المختلفة الساعية إلي مقاعد البرلمان وتأثير هذه المصالح علي أولويات الدورة التشريعية القادمة، يوضح د. يحيي الجمل ان اختلاف الأجندة وأولويات القضايا شيء طبيعي لاختلاف التيارات السياسية وتوجهات كل تيار، مؤكدا ان الشعب المصري قادر علي التمييز بين الغث والسمين، ويؤكد أنه رغم سعي كل تيار لتحقيق مصالحه وجعل مطالبه في أولويات مناقشات البرلمان، فإن الضغوط السياسية والشعبية لإقرار الديمقراطية في مصر سيدفع البرلمان إلي إحداث اصلاح سياسي ودستوري ليس علي شاكلة المادة 76 التي كبلت الحياة السياسية في مصر وأغلقت باب الاصلاح ب "الضبة والمفتاح" - علي حد تعبيره - ولابد في الدورة البرلمانية القادمة أن يتم ازالتها والعودة إلي مبدأ المواطنة، واقرار فترة محدودة للرئيس لا تتجاوز فترتين، كل فترة ست سنوات. ويطالب شيخ القانونيين د. يحيي الجمل بتغيير المادتين 76 و77 مشيرا إلي أن بقاءهما يؤكد أن التغيير في مصر لن يتم إلا بالعنف والفوضي ولا يمكن أن يرضي الرئيس مبارك بذلك وهو لا يريد لمصر هذا المصير المخيف، ويشدد علي أن مهمة النائب المنتخب في مجلس الشعب تنحصر في أمرين، هما: المشاركة في العملية التشريعية والرقابة علي السلطة التنفيذية. أما د. نجاد البرعي رئيس جماعة تنمية الديمقراطية فيري بصورة قاطعة أنه لا يوجد في مصر رجال أعمال ظهروا كنتاج لتقاليد ليبرالية، فهذه الطبقة من رجال الأعمال ماتت في عام 1952 بعد أن استغرق تكوينها ونضجها السياسي والاقتصادي سنوات طويلة اعتبارا من القرن التاسع عشر، وحتي منتصف القرن العشرين، ويوضح أن المجتمع المصري شهد في نهايات القرن العشرين ظهور مجموعة من المغامرين أطلق عليهم لفظ رجال الأعمال وظهروا في الساحة الاجتماعية بدعم من الدولة في حين لا توجد لهم أي توجهات سياسية. ويشير نجاد البرعي، إلي أن هذه الطبقة الجديدة من رجال الأعمال الحكومة لها عليهم "مماسك"، أي أنها تحركهم بخيوط وتمسك عليهم أخطاء مثل القروض وغيرها، لذا فهم لا يمكن أن يكون لهم توجهات اصلاحية. يلفت البرعي إلي أن الصورة ليست قاتمة السواد ويؤكد أن هناك نمو لطبقة جديدة من رجال أعمال يملكون رؤية ليبرالية وتوجهات اصلاحية حقيقية لكنهم لم يشتبكوا في السياسة، ومن بينهم رجل الأعمال نجيب ساويرس. ويشير إلي أن المرشحين الحاليين من رجال الأعمال إما يكونون تابعين للحزب الوطني أو مستقلين أو منشقين عن الحزب الوطني، ولا يمكن مناقشة ما يمكن أن يقدموه للبرلمان، فوظيفتهم التي حددها الحزب في مساعدة الحكومة ودعم قراراتها، أو بمعني آخر تمرير القوانين التي تريدها الحكومة. ولا يعتبر نجاد البرعي هذا التوصيف موقفا سيئا ويؤكد أن أية دولة تمر بمرحلة انتقالية من نظام سياسي تسلطي إلي نظام شبه مفتوح لابد أن تمر بهذه المرحلة مؤكدا أن وجود رجال أعمال تابعين للدولة لا يخرجون عن الخط المرسوم لهم، شيء طبيعي، ومرت به عدة دول لكن الوصول إلي وجود رجال أعمال يحملون أجندة اصلاحية ليبرالية حقيقية سيستغرق ما بين عشرة إلي عشرين عاما، وفقا لتطور المجتمع المصري وحتي يستقر النظام السياسي. ويؤكد أن الليبرالية القديمة قامت علي مجموعة استفادت من الانجليز، وتحولت من طبقة فاسدة إلي طبقة تقاليد، وسوف يتم نفس التطور لطبقة رجال الأعمال الحالية، لكن لن يشهد البرلمان هذه الطبقة المتطورة الليبرالية من رجال الأعمال إلا في دورة عام 2015. ويتفاءل البرعي بأن برلمان 2005 سيكون أفضل من برلمان ،2000 نتيجة التطور الديمقراطي الذي قد لا يشعر به البعض. ويقول: إنه لا يمكن لأحد أن يتكهن إلي أي مدي سيكون البرلمان القادم أفضل من السابق، لكن هناك محاولات من الحزب الوطني للدفع بترشيح شخصيات جيدة ذات سمعة طيبة بالإضافة إلي وجود اتجاه في المعارضة ولأول مرة نحو التوحد في جبهة واحدة.