في خطوة يعتبرها المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة الخارجية والصناعة تنفيذا لمبدأ الافصاح والشفافية الذي تنتهجه الوزارة اصدر تقريره ربع السنوي الاول الذي يرصد من خلاله الاداء الصناعي والتجاري. والتقرير الذي يحمل توقيع خط يد الوزير يكشف اكثر بكثير مما يخفي. ويكشف اوهام الحكومة في التمرغ في تراب المشروعات الصغيرة باعتبارها الملاذ لحل مشكلة البطالة في مصر. ويكشف عن الاكاذيب التي تقال حول الدقائق والثواني التي يضبط العامل انتاجيته علي اساسها كل يوم ويتنصل من العمل بقية اليوم. ويوضح بما لا يدع مجالا معه للشك بان العامل عندما تتحسن احواله "قيراط" فانه يقدم "فدان" انتاج وانظروا أرقام الوزير.. ويرصد التقرير حال القطاع الصناعي بدقة حيث يذكر ان هناك انخفاضا في الانتاج الصناعي في فترة الربع الاول من العام الحالي حيث وصلت الي مليار جنيه بانخفاض قدره 400 مليون جنيه عن الفترة المماثلة من العام السابق. ولكن اللافت للنظر ان هذا الانخفاض يتزامن مع زيادة في عدد المنشآت التي تم تسجيلها في نفس الفترة ويأتي الانخفاض ايضا بعكس النتائج التي كانت قد تحققت خلال العام السابق حيث ارتفع الانتاج الصناعي الي 312 مليار جنيه مقارنة ب169 مليار جنيها في عام 2000 وجاء هذا الارتفاع متواكبا مع الزيادة في عدد المنشآت الصناعية من 24 ألف منشأة عام 2000 الي 26.5 الف منشأة العام الماضي ومثلت نسبة المنشآت الصغيرة حوالي 87% من المنشآت الصناعية بينما شكلت المنشآت المتوسطة نسبة 11%، والمنشآت الكبيرة لم تتجاوز نسبتها 2%. والظاهرة التي يستحق النظر إليها بدقة هي التغيير الذي طرأ علي هيكل الانتاج فبينما كانت المنشآت الكبيرة (أكثر من 500 عامل) هي التي تنتج الجزء الأكبر من الانتاج الصناعي (48%) تليها المنشآت المتوسطة الحجم (40%) ثم المنشآت الصغيرة 12% إلا أن هذا الهيكل قد اختلف في عام 2004 وارتفع إنتاج المنشآت المتوسطة إلي نسبة 46% من الإنتاج الصناعي بينما إنتاج المنشآت الكبيرة أصبح لا يمثل سوي 41% ثم تأتي المنشآت الصغيرة في المرتبة الثالثة بنسبة 13%. المنشآت الصغيرة وربما تكون هذه البيانات دليلا كاشفا علي حقيقة مهمة يشير إليها التقرير وهي صعوبة الاعتماد علي المنشآت الصغيرة في دفع النمو في الاقتصاد المصري بسبب التواضع الشديد في نصيب تلك المنشآت في الناتج الصناعي. وليس هذا هو الدليل الوحيد علي تواضع دور المنشآت الصغيرة في دفع النمو ولكن أيضا تدني نصيب هذه المنشآت من إجمالي الاستثمارات المنفذة وهو 9%، بينما يبلغ هذا النصيب بالنسبة للمشروعات الكبيرة 53% والمتوسطة 38%. مساهمة متواضعة أما عن مساهمة كل قطاع من القطاعات في ايجاد فرص العمل فتشير أوراق التقرير إلي ارتفاع عدد العمال في المنشآت الصناعية من 2.1 مليون عامل في عام 2000 إلي 1.3 مليون عامل عام 2004 أي الزيادة تبلغ 100 ألف عامل في 4 سنوات أي بنسبة 8%. وقد اعتبر التقريرأن توفير 7800 فرصة عمل في الربع الأول من العام الحالي مؤشر علي تحسن الظروف الاقتصادية وذلك استنادا إلي أن هذه الفرص تزيد بنسبة 50% عما تم توفيره في نفس الفترة من العام السابق في حين أنه بحسبة بسيطة يتبين أن ما يستطيع القطاع الصناعي توفيره من فرص عمل لا يزيد علي 31 ألف فرصة سنويا وهو ما يشير إلي مدي المساهمة المتواضعة التي يمكن أن يقدمها القطاع الصناعي في حل مشكلة البطالة ويزيد الأمر صعوبة إذا عرفنا أن 53% من حجم العمالة في القطاع الصناعي يتركز في المشروعات الكبيرة ثم يليها المشروعات متوسطة الحجم (31%) بينما تأتي المنشآت الصغيرة في المرتبة الثالثة (16%) وهو ما يشكك كثيرا في التصورات الحكومية في الاعتماد علي المشروعات الصغيرة كركيزة اساسية في حل مشكلة البطالة في مصر.