أثار قرار البنك المركزي بالزام البنوك المستحوذة علي بنوك اخري بغرض الاندماج وضمان الحقوق المكتسبة للعاملين وفقا لقواعد صندوق التأمين الخاص القائم في البنك المندمج حتي تاريخ نفاذ الاندماج وتصفية الصندوق الكثير من الجدل والتساؤلات وخاصة من الناحية القانونية. تدور تلك التساؤلات حول مدي اتفاق هذا القرار مع نصوص القانون؟ وهل يتفق الالتزام المشروط بتوقيت معين مع المادة 9 من قانون العمل الموحد والذي نص فيه علي حماية حقوق العاملين في حالات الدمج أو التصفية وكذلك نص المادة 41 من قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 وقانون 64 لسنة 80 بشأن صناديق التأمين الخاصة البديلة، أم لا؟ وما هي الاجراءات المطلوب اتخاذها في حالة عدم اتفاقه مع نصوص القانون؟ يري مدحت المصري المحامي بالبنك الوطني المصري أن الزام المركزي ل "سوسيتيه جنرال بتغطية العجز في صندوق تأمين العاملين ببنك مصر الدولي البديل أمر يحمد عليه ولكن مسألة ربط هذا الالتزام بالانتهاء من عملية الدمج مسألة تحتاج إلي اعادة النظر، موضحا ان هناك قاعدة قانونية عامة تؤكد أنه اذا نشأ الالتزام في ظل احكام قانون معين يظل هذا الالتزام قائما حتي ولو الغي هذا القانون". ويؤكد المصري أن هذا يعد تطبيقاً سليما للقانون رغبة من المشرع في استقرار الأوضاع وبذلك لا يطبق القانون بأثر رجعي وإلا أدي إلي حدوث حالة من عدم الاستقرار في التعاقدات والمعاملات المالية. وأشار المصري إلي أنه نتيجة لهذه القاعدة وبما ان صندوق تأمين العاملين البديل في بنك مصر الدولي نشأ في ظل القانون 64 لسنة 81 أي أنه صدر وفقا للقانون ووفق ضوابط معينة فإذا ما صدرت قرارات بادماج او تصفية البنك لا يسري ذلك علي الصندوق خاصة وأنه شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية البنك والمفروض ان البنك الدامج يأخذه وبذات المزايا وعليه القيام بتدبير الموارد اللازمة له. ويؤكد المصري ان قرار المركزي بتحمل العجز في الصندوق قرار موفق ولكن ربط ذلك بالانتهاء من عملية الدمج أمر غير قانوني. ويتفق محيي الدين علم الدين عضو اللجنة القانونية باتحاد البنوك مع الرأي السابق مؤكدا أن قرار البنك المركزي بالالتزام بحقوق العاملين حتي تاريخ نفاذ الدمج عبارة هلامية خاصة وان المشكلة لن تكون قبل تاريخ نفاذ الدمج وانمابعده ولذلك كان من الواجب أن يعلن الالتزام بداية من تاريخ الاندماج إلي أن يصل جميع العاملين إلي سن المعاش. ويستطرد محيي الدين قائلا أن قرار البنك المركزي جاء نتيجة بعد اندلاع الأزمة عند دمج بنك مصر الدولي في سوسيتيه جنرال وقال ان ذلك لم يحدث في حالات سابقة للدمج وذلك لأنه لم تكن لديهم صناديق للتأمين بديلة وتصاعد المشكلة نتج عن تزايد عدد المستقيلين في بنك مصر الدولي للحصول علي حقوقهم. ويوضح محيي الدين ان من القوانين التي تنظم الصناديق الخاصة القانون رقم 54 لسنة 57 حيث يشرف علي هذه الصناديق الهيئة العامة للرقابة والاشراف علي التأمين وهذا الصندوق يعطي مزايا تتضاعف مع مرور الزمن. ويوضح محيي الدين ان الدمج يعني ازالة الشخصية المعنوية للبنك المندمج وليس الصندوق لأن له شخصية الاعتبارية المستقلة. ويطالب عضو اللجنة القانونية باتحاد البنوك في ضوء بضرورة الرجوع إلي تقرير اللجنة المشكلة لتقييم أصول وخصوم بنك مصر الدولي واستخراج ميزانية تعتمد الاندماج من قبل البنكين وان يطلع العاملون علي وثيقة التقييم الموجودة لدي ادارتي بنك مصر الدولي وبنك سوسيتيه جنرال مؤكدا أن ليس بإمكان أي محام الاستمرار في القضية تكتم الجانبين علي هذه الوثيقة. ويري محيي الدين ان الصندوق لا يتم حله او تصفيته إلا بقرار من الجمعية العمومية له وبحضور ممثل للهيئة العامة للرقابة والاشراف علي التأمين وهذا الاجراء لم يتخذ سواء من الجمعية العمومية أو من الهيئة العامة للرقابة والاشراف علي التأمين ومن ثم يصبح الصندوق قائماً والمطلوب في الوقت الراهن استمرار العاملين في سداد حصتهم الأصلية وحصة العميل المتوفي بهذه الطريقة يمكن ان يستمر الصندوق. ويعتقد محيي مجاهد المستشار القانوني للبنك المصري الخليجي بسلامة قرار البنك المركزي من الناحية القانونية حيث انه المنسق والمنظم لحالة الاندماج او الاستحواذ ويوضح انه عند النظر الي القوانين نجد انها نصت جميعها علي مراعاة حقوق العاملين في حالات الدمج او الاستحواذ وذلك في المادة 9 من قانون العمل الموحد والتي تنص علي أنه لا يترتب علي اندماج المنشأة انهاء عقود العمالة وكذلك المادة 41 من قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 والتي نصت علي مراعاة حقوق العاملين في حالة الدمج او التصفية وكذلك المادة 30 و31 من القانون 159 لسنة 88 حيث تعتبر الشركة المندمج قبلها خلفاً للشركة المندمجة وتحل محلها في ما لها وما عليها في حدود ماتفق عليه في عقد الاندماج. ويؤكد هنا محيي مجاهد ان عقد الاندماج في حالة مصر الدولي علاقة اتفاقية رضائية موضحا ان القانون 54 لسنة 75 بشأن صناديق التأمين الخاصة يجيز في الفقرة الخامسة من المادة 31 منه قيام رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للتأمين بشطب أو تصفية الصندوق خاصة ان ذلك من النتائج الحتمية التي تترتب علي الدمج. ويشير مجاهد إلي أن عملية البيع في حد ذاتها واقعة قانونية يترتب عليها زوال الشخصية المعنوية لبنك مصر الدولي وهي عملية رضائية في الأساس اذا لم يوافق البنك الدامج علي استمرار الصندوق يكون له الحق في تصفية ونص قانون صناديق التأمين الخاصة يتيح ذلك. ويؤكد محيي مجاهد ان تعهد البنك المركزي بضمان حقوق العاملين حتي نفاذ عملية الدمج قد يكون نتيجة تزاد حالات الاستقالة ووجود خسائر في الصندوق الأمر الذي يترتب عليه حتما تصفيته وقيام المركزي بذلك يحسب له خاصة وانه ليس هناك أية التزامات عليه وانما تحمل مسئولياتها وتحلم العجز في الصندوق وتكلف بتغطيته حتي لا تحدث هذه وتتم الصفقة وقراره بهذا الشأن من الناحية القانونية قرار سليم.