أصبحت قضية الحصول علي المعلومات سهولة الحصول عليها وحرية تداولها ومصداقيتها ودقتها من القضايا الملحة علي رجال الأعمال والمستثمرين، ولذا لزم علينا أن نوضح أولا ماهية الحصول علي المعلومات، يمكننا تعريف الحصول علي المعلومات بأنه قدرة المواطن علي الحصول علي معلومات في حيازة الدولة، ونجد بعض الدول تنص في دساتيرها وقوانينها علي حق المواطن في الحصول علي المعلومات إلا أن بعض الدول الاخري لا تعترف بهذا الحق وان اعترفت به نجد كثيرا من المحاذير والقيود بالاضافة إلي ذلك تفرض بعض الدول رسوماً ادارية باهظة مقابل الحصول علي المعلومات التي يريدونها. ويثار الجدل حول ارتباط حق الحصول علي المعلومات باحترام الحكومات لسيادة القانون فهل بعد حق الحصول علي المعلومة عنصرا من عناصر قياس احترام الحكومات لسيادة القانون؟ ان تعزيز وترسيخ سيادة القانون يرتبط بمدي المعلومات المتوافرة للمواطنين عن سياسات حكوماتهم والعمليات الحكومية، وقد تزايد الادراك العام بأن حرية تداول المعلومات وتيسير عملية حصول المواطنين علي المعلومات حول الانفاق الحكومي والاستخدامات الحكومية للموارد المالية العامة هو مكون رئيسي من مكونات الديمقراطية وسيادة القانون ولذا كان تيسير الحصول علي المعلومات الاقتصادية سبيلا لضمان فعالية سيادة القانون ومبدئي المساءلة والمحاسبة فمن حق الأفراد الحصول علي المعلومات حول انشطة حكوماتهم سواء كان ذلك بشأن الماضي أو الحاضر أو المستقبل. وقد اصبحت عبارة حرية المعلومات عبارة متكررة واسعة الانتشار عند الحديث عن قدرة الافراد علي الحصول علي المعلومات التي في حيازة الدولة وعندما نستخدم عبارة "المعلومات" نقصد بها المعلومات الصحيحة الحقيقية، المعلومات العملية التي تعود بالفائدة علي المواطن ونوعية الخدمات التي يحصل عليها. نعود للسؤال عن أهمية سهولة الحصول علي المعلومات نقول في هذا الصدد، أنه علي الرغم من ان اتاحة المعلومات للمواطنين هو أحد الأعمدة الرئيسية أو ما نطلق عليه أحد المؤسسات المهمة في المجتمع الديمقراطي حيث يمكن من عمليات المحاسبة والمساءلة، إلا أن اتاحة المعلومات في حد ذاتها لا تشكل حلا سحريا لجميع الأمراض الاجتماعية، فهي وسيلة فعالة لتحسين المجتمعات ولكنها في حد ذاتها ليست قادرة علي تفعيل عمليات التحول الجذري. أن معظم قوانين "حرية المعلومات" نشأت من خلال القوانين الادارية فقد تم الاتفاق علي قاعدة أساسية وهي ان الحكومات تخضع لسيادة القانون وان للمواطنين الحق في اتخاذ التدابير القانونية ضد الحكومات عند خرقها للقوانين، ونتيجة لهذا الحق، اصبح للمواطنين حقوق قانونية نافذة في الاطلاع علي المعلومات التي في حوزة الحكومات طالما كانت تلك المعلومات متصلة بالموضوع محل القضية، واذا ما أسس هذا الحق، تكون الخطوة التالية هي التخلي عن شرط اتصال المعلومات بالموضوع محل القضية، بما يجعل في نهاية المطاف حق الحصول علي المعلومات من الحقوق الاصيلة للمواطنين. أكد البرنامج الانمائي للأمم المتحدة علي ضرورة تمكين المواطنين وضمان مشاركتهم في جميع القرارات والعمليات التي تؤثر علي الحياة اليومية، فعلي سبيل المثال، اذا كنا في صدد وضع استراتيجية لمحاربة الفقر، فيجب ألا يقتصر تركيزنا علي الخطة الواجب تنفيذها بل يجب ان يمتد الاهتمام إلي كيفية تنفيذ تلك الخطة، ويقتضي ذلك بعض اجراءات الاصلاح الرئيسية مثل تعزيز المشاركة السياسية من قبل جميع فئات المجتمع، ضمان اتخاذ الاجراءات الكفيلة بخضوع الأجهزة الحكومية للمساءلة والمحاسبة وضع حد لتجريم النشاط السياسي، تعزيز حرية تدفق المعلومات وحرية الصحافة وضمان بيئة تؤدي إلي تنشيط المجتمع المدني وقيامه بدور مؤثر وفاعل عند وضع السياسات والقوانين فالتمكين والمشاركة يضمنان مشاركة المواطن العادي في صناعة القرار المؤثر علي معيشته، أما المواطن الذي لا تتوافر لديه المعلومات ا لكافية فهو طبيعة الحال غير قادر علي صناعة مستقبل افضل وتحسين ظروفه المعيشية، المواطن القادر علي الحصول علي المعلومات، والقادر علي فهم كيفية استخدام تلك المعلومات سواء كان ذلك في الإطار السياسي أو الاقتصادي أو القانوني، يكون قادرا علي اتخاذ قرارات رشيدة تختص بحياته اليومية، ان تمكين المواطنين يتطلب الالتزام السياسي بسياسات تمكن المواطنين من تحسين ظروفهم المعيشية واتخاذ القرار الاقتصادي السليم والطريق يبدأ من تسهيل عملية اتاحة المعلومات. خبير دولي في الاستثمار