في الفترة الأخيرة اتجهت العديد من البنوك الأجنبية لتوسيع نشاطاتها وزيادة استثماراتها في مصر إما من خلال زيادة فروعها أو من خلال قيامها بشراء بعض البنوك المصرية أو الدخول كشريك فيها وعلي رأس هذه البنوك باركليز البريطاني وبي ان بي باريبا الفرنسي وسوسيتيه جنرال الفرنسي والمشرق الإماراتي وأبو ظبي الوطني الاماراتي والبنك الأهلي وسيتي بنك الأمريكي وبيريواس اليوناني... وغيرها. ولكن ما السبب وراء هذه الزيادة وما الذي يجذب المستثمرين للدخول إلي السوق المصري وهل هذه البنوك تقدم ميزة نسبية عن البنوك المصرية أم أنها لاتزيد علي كونها عبئاً علي الاقتصاد الوطني. أسباب عدة في البداية يقول عمرو كامل نائب مدير المعاملات الدولية ببنك باركليز إن اتجاه البنوك الأجنبية لزيادة استثماراتها يأتي ضمن استراتيجية طويلة الأجل تهدف هذه البنوك لتنفيذها من خلال زيادة فروعها في المناطق المتميزة في كل انحاء العالم، وفيما يتعلق بزيادة فروع البنوك الأجنبية في مصر تحديداً فان ذلك يرجع إلي الميزات التي تتميز بها مصر فهي تعتبر أرضاً خصبة للاستثمار بجانب كثرة عدد السكان وعدم انتشار الخدمة المصرفية بها بدرجة كبيرة، مع وجود استقرار نسبي في أسعار الفائدة وأسعار الصرف فضلاً عن وجود سياسات مالية ونقدية جيدة تشجع المستثمرين علي الدخول إلي مصر. ويقول محمد عبدالشافي مدير مشارك بالبنك الأهلي سوسيتيه جنرال إن السبب الرئيسي وراء زيادة البنوك الأجنبية في مصر هو قرار البنك المركزي بزيادة رءوس أموال البنوك إلي 500 مليون جنيه كحد أدني حيث توجد العديد من البنوك غير قادرة علي توفيق أوضاعها مما دفع بالبنوك الأجنبية لانتهاز هذه الفرصة والقيام بشراء هذه البنوك أو الدخول كشريك فيها بالإضافة لاهتمامها بإنشاء فروع جديدة لها في مصر حيث يزداد فيها مناخ الاستثمار وتكثر نسبة الربح في قطاع البنوك هذا بجانب كثرة عدد السكان والذي يبشر بوجود عملاء كثيرين ومن ثم زيادة الأرباح. زيادة السكان ومن جانبها تقول ماريان مقار مدير عام العلاقات العامة ببنك القاهرة بي. ان. بي باريبا ان البنوك الأجنبية تسعي لزيادة فروعها في مصر حتي تكون أقرب من عملائها وتستطيع تقديم خدماتها بطريقة أفضل وتضيف أن هناك شروطاً يجب توافرها في الدولة التي سيقام فيها فرع البنك أهمها عدد السكان والذي يحدد حجم الاستثمار وبالتالي حجم الأرباح، فدولة عدد سكانها 80 مليوناً لا يكون حجم الاستثمار فيها مثل دولة عدد سكانها 70 ألفاً كما يتحكم في هذا أيضاً طبيعة السلوك المصرفي للسكان وهل يفضلون التعامل مع البنوك أم لا؟ وتقول ماريان إن مصر تتميز بكثرة عدد سكانها وزيادة فرص الاستثمار فيها لذلك تتجه البنوك الأجنبية لزيادة فروعها فيها وأضافت أن البنوك الأجنبية تتميز بتقديم خدمات عالية الجودة في فترة قصيرة وهذا ما يدفع العملاء للتعامل مع هذه البنوك وتذكر ماريان أن البنك له فروع في 90 دولة في العالم وخلال 18 شهراً سيكون لدي البنك 30 فرعاً جديداً علي مستوي العالم ومن المقرر إنشاء أربعة أفرع أخري في مصر في القاهرة والإسكندرية والمنصورة وطنطا. خدمات متميزة وعن الخدمات الجديدة التي تقدمها البنوك الأجنبية للسوق المصرية يقول عمرو كامل إن البنوك الأجنبية تقوم بتقديم خدمات ليست موجودة في البنوك المصرية وفي وقت سريع وعلي مستوي عال من الخدمة فمثلاً تقدم منتجات متعلقة بأسواق الصرف والتعاملات الآجلة "HEDGING" ولتحركات العملات وأسعار الفائدة والتي تحتاجها الشركات الكبيرة لمقابلة تقلبات أسعار العملات وأسعار الفائدة في المستقبل كما تقوم بتقديم خدمات الأشخاص المتميزة والتي تعطي لأصحاب الحسابات الكبيرة الذين يرغبون في خدمات مصرفية متميزة وتتمثل هذه الخدمات في زيادة ساعات العمل، وجود أماكن مخصصة لكبار العملاء هذا بجانب وجود موظف خاص لكل عميل يجيب علي تساؤلاته ويلبي جميع احتياجاته، كما تتمتع البنوك الأجنبية بتقديم الخدمات المصرفية بطريقة إلكترونية حيث يتم تحويل النقود من مصر إلي جميع دول العالم، والاستعلام عن كشوف الحساب والاطلاع علي أسعار صرف العملات وسداد بطاقات الائتمان إلكترونياً ومما يعمل علي توفير وقت العميل بدرجة كبيرة، ولذلك يلجأ كثير من المصريين للتعامل مع البنوك الأجنبية ولهذا نلاحظ زيادة عدد العملاء في هذه البنوك بالإضافة لكثرة فروعها حيث وصل عدد عملائنا إلي أكثر من عشرة آلاف عميل وزاد عدد فروعنا من فرع واحد عام 1978 إلي 8 أفرع الآن بما يؤكد علي رضا العملاء عن خدمات البنك. وعما أثير عن افتقار السوق المصري لأشياء توفرها له البنوك الأجنبية يقول محمد عبدالشافي إن حجم المتعاملين مع الأجهزة المصرفية في مصر قليل والسوق المصري سوق "بكر" لم تدخل فيه العديد من الخدمات وهذا أحد أسباب زيادة البنوك الأجنبية في مصر فمثلاً البنوك الأجنبية تقدم منتجاً حديثاً يضمن للعميل حمايته من المخاطر المستقبلية فيما يتعلق بأسعار الصرف وأسعار الفائدة ومن هنا يأمن العميل علي مدخراته وأمواله بالإضافة لقيامها بتقديم الخدمات الإلكترونية وخدمات التجزئة المصرفية وعن هذه النقطة يقول عمرو كامل إن السوق المصرفي المصري كان يفتقر لبعض الأشياء وفرتها له البنوك الأجنبية مثل أساليب التمويل العقاري واستحداث الشراء بالهامش وهي وسيلة من وسائل تنشيط البورصة ومن ثم زيادة معدل النمو الاقتصادي وايجاد فرص جديدة للمستثمرين. اتهامات وقد اتهمت البنوك الأجنبية بأنها لا تساهم في تمويل مشروعات وطنية وبالتالي فهي لا تفيد الاقتصاد المصري وتمثل عبئاً ثقيلاً عليه، وعن هذه النقطة يقول عمرو كامل إن البنوك الأجنبية تدخل في تمويل مشروعات وطنية ولكن ليس بنسبة كبيرة حيث إن الأولوية في هذه الحالة تكون للبنوك المصرية في الوقت الذي تهتم فيه البنوك الأجنبية بتمويل مشروعات القطاع الخاص ومن ضمن الأسباب التي ادعي البعض بأنها سبب في زيادة البنوك الأجنبية دخول شركات أجنبية في مجال الغاز الطبيعي والبترول والأسمنت ومن ثم حاجتها للتعامل مع بنوك أجنبية وعن هذه النقطة يقول أ. محمد عبدالشافي إنه لا يعتقد أن زيادة هذه الشركات سبب في زيادة البنوك الأجنبية حيث إن معظم هذه الشركات كبيرة ومتعددة الجنسية ومن ثم تفضل التعامل مع مؤسسة مصرفية كبيرة أو الفرع الرئيسي للبنك حتي تضمن مستوي خدمة مرتفعاً وهذا سهل في ظل توافر خدمات الحاسب الآلي ومن ثم فهي ليست في حاجة لفروع حتي تتعامل معها. وعن تأثير البنوك الأجنبية علي البنوك المصرية يقول محمود بركات رئيس قطاع الائتمان ببنك التنمية والائتمان الزراعي إن البنوك الأجنبية لن تؤثر علي البنوك المصرية إلا إذا قدمت خدمة متميزة والتميز الوحيد لهذه البنوك هو السرعة في الأداء وهذا ما يفضله بعض الأشخاص اما من حيث التأثير علي سحب العملاء من البنوك المصرية فهو لا يري ذلك حيث إن كل شخص يعتاد علي التعامل مع بنك معين ولا يفضل تغييره.