أي حافز دفع بن لادن لضرب لندن "في القلب"، يمثل هذه الحرفية الرفيعة؟.. ومتي بالضبط أوإن ضربته المتوقعة لأمريكا، وفاء بثأر "مصيدة الفأر" الفاشلة في تورابورا؟! في أحدث شرائط الفيديو الأخيرة كشف بن لادن عن نواياه.. قال بالحرف: "إن ضربتم مدننا بالقنابل، سوف نفجر مدنكم"! وكان من الواضح ان بريطانيا مستهدفة منذ أول يوم لحق فيه توني بلير بذيل جورج بوش في حربه الصورية المزعومة ضد الارهاب.. وغزوه للعراق النظيف من أي ارهابي، اذا استثنينا صدام حسين.. وكان نهار الخميس الماضي، يوم انعقاد قمة ال 8 العظام في اسكتلندا، هو أعظم يوم مثالي للترويع! جاءت ضربة لندن الثالثة في قائمة تصفية الحساب مع دول الائتلاف التي تحالفت مع أمريكا في غزوها لأرض الرافدين.. سبقتها ضربة مدريد، انتقاما من "اسبانيا - أثنار" .. وهجمة جزيرة بالي في أندونيسيا ضد رعايا عضو الائتلاف الاسترالي! ويمكن اختزال يوم الترويع البريطاني في هدف واحد عظيم المقصد: استنساخ رأي عام بريطاني كثيف كثافة الادغال، يدفع توني بلير إلي الانسحاب من العراق ايثارا للسلامة، وليس للسلام.. وقد حققت وثيقة وزارة الدفاع البريطانية الأخيرة هذا الهدف، بنصها علي انسحاب القوات البريطانية من العراق قبل منتصف العام المقبل.. وهي استجابة متزامنة تماما مع أهداف تفجيرات لندن المروعة، رغم انعدام رابطة السببية المباشرة في سياق الحدثين! أصابني الأسي وأنا اقرأ كلمات تنزف ألما، قالتها الملكة اليزابيت وهي تزور جرحي الانفجارات في احد مستشفيات شرق لندن، السبت الماضي.. قالت صاحبة الجلالة وهي تتنهد: "بمنتهي الحزن اعترف اننا جميعا في بريطانيا أصبحنا نألف احداث الحرب والارهاب.. أنا وجيلي زرنا كثيرا هذا المستشفي، فقد فاز شرق لندن بنصيب وافر من قنابل النازي في سنوات الحرب العالمية الثانية.. واضافت الملكة بنبرة شجاعة انما هؤلاء الارهابيون الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم القاسية ضد الأبرياء، هذه الأيام عليهم أن يعلموا أنهم لن يغيروا طريقتنا في الحياة.. ومثل هذه الأعمال الوحشية - atrocities - تقوي وحدتنا.. إنسانيتنا.. وثقتنا في حكم القانون.. هذه رسالة واضحة منا جميعا، إليهم جميعا! انتشرت الكلاب في أيدي رجال الشرطة تجوب المواقع الحيوية في عاصمة الانجليز ترقب وتراقب.. زادت كثافتهم في منطقة قصر باكنجهام.. حتي منعوا الاقتراب أو التصوير، وحرموا المشاهدين من متعة استعراض تغيير الحرس! بوش.. هو الجاني! آندي هايمن، كبير ضباط شرطة لندن يكشف الأسرار المبدئية للتفجيرات الأربعة التي صنعت الكارثة.. تحمل كل قنبلة أقل من 10 أرطال من المواد شديدة الانفجار 3 منها تركت علي أرضية 3 عربات من 3 قطارات.. وفجرت جميعا باتصال تليفوني أوجهاز توقيت وهي علي بعد 90 مترا من محطات: كنجز كروس.. ليفربول ستريت.. وادجوار رود. أما القنبلة في الأتوبيس الذي انفجر قرب محطة رسل سكوير، والتي كانت ملاذا لهرب الناجين من قنبلة محطة كنجز كروس القريبة اختلفت حولها الرؤي والأقوال: الضابط آندي هايمن قال انها فجرت بجهاز توقيت، أحد المحققين قال انها كانت تستهدف هدفا آخر غير الاتوبيس الذي يحملها وانفجرت فيه! ريتشارد جونز، أحد ركاب الاتوبيس القنبلة، قال لصحيفة "ذا صن" "لاحظت صاحب القنبلة وهو يفتش في حقيبته بدقة rummaging round تثير الارتياب.. غادرت الاتوبيس في المحطة، وبعد ثوان انفجر وصاحب القنبلة مازال بين الركاب". الضابط آندي هايمن اعترف بأن السلطات كان يمكنها ايقاف التفجيرات الاربعة لو انها اغلقت شبكة المحمول.. فقد فجرت جميعا، علي الأرجح باشارات تليفونية!. أصدق تحليل لما جري كتبه ماكس هاهيستنجز المؤرخ العسكري، نشرته له الديلي ميل المعارضة لحكومة توني بلير.. فيه يقول: "أن نكون الحليف الرئيسي لبوش، ونشاركه مغامراته المتهورة - extravagances - في العراق.. كان لابد ان يعرضنا ذلك لدفع الثمن من دماء الأبرياء"! من جلين ايجلز مقر قمة ال 8 الكبار، طار توني بلير نهار الأربعاء إلي لندن، وعاد في المساء.. كان مأخوذا وهو يقول في تصريح قصير: "لا أمل للإرهاب.. ولا مستقبل".. وكأنه يصف نفسه شخصيا في مرآة! إثر الكارثة أصبح المسلمون في بريطانيا "لوحة تصويب" لرصاصات الكراهية.. في يوم واحد تسلم الموقع الالكتروني للمجلس الإسلامي 1000! رسالة تهديد لم يشفع للمجلس تصريحه المعلن الذي بادر باصداره.. وفيه يقول: "ان الاشرار الذين خططوا ونفذوا سلسلة التفجيرات في لندن انما يريدون ان يوقعوا الفوضي بيننا جميعا ويقسمونا كشعب.. وعلينا ان نتحد جميعا مع الشرطة للقبض علي القتلة". .... ومن جانبهم بادر المسئولون في شرطة لندن إلي التصريح بانهم سوف يتعاملون بعنف وقوة "deal very robustly" ضد أية جرائم كراهية ترتكب في حق المجتمع الإسلامي البريطاني! علي حافة الإفلاس! إدارة بوش تخاف من خيالها.. وتفزع أكثر من خيال بن لادن! والهجمة القادمة للقاعدة علي الولاياتالمتحدة سوف تنفذها عناصر كامنة داخل الأراضي الأمريكية "sleeper cells" ويجمع خبراء الارهاب علي ان الضربة سوف تكون مفزعة وغير متوقعة في الزمان والمكان والمرجح ان تتأخر الضربة قليلا حتي تخف يقظة الأمن التي طرأت إثر تفجيرات لندن وتغير لونها البرتقالي ويركن الجميع الي دعة الصيف ومتعة المصايف وليالي لاس فيجاس والسهر علي موائد القمار حتي تسطع شمس النهار! بنجامين فريد مان له دراسة ظريفة نشرتها له مجلة فورين بوليسي عدد يوليو، اغسطس فيها يسخر من وزارة الامن الداخلي التي تحرص علي تحريض كل أمريكي علي ان يرتعش خوفا.. وهي استراتيجية تنشر الخوف ولا تولد الامن لامريكا! والموت بضربة ارهاب - يري الكاتب- ان نسبتها متناهية في الصغر "minuscule" انها الي 88000 بالنسبة للموت بالمرض.. والي 10010 بالنسبة للسقوط من فوق سلم.. وحوادث السيارات تقتل 15 ضعفا من تقتلهم حوادث الارهاب وتبعثر الولاياتالمتحدة مليارات الدولارات سنويا لحماية مواقع لا تتعرض مطلقا لتهديد ارهابي. وميزانية وزارة الامن الداخلي للعام المالي الحالي 50 مليار دولار وهو رقم يقارب ميزانية الدفاع لدولة مثل الصين، محل نقد دونالد رامسفيلد لمبالغتها في الانفاق العسكري! ويجاهد مايكل شيرتوف وزير الامن الداخلي الجديد في محاولة لتخفيض نفقات وزارته الا ان جهود الكونجرس لربط الاعتماد المالي بالمخاطر -الإرهاب- فشلت تماما.. إذ أن الانفاق المفتوح "haphazard spending" ينسجم تماما مع الاستراتيجية السائدة التي تحرض الأمريكيين علي عشق الخوف من الارهاب! .. لكل هذا يفاخر أسامة بن لادن اعوانه بقدرته علي دفع امريكا الي حافة الإفلاس!!