طالب عدد كبير من الخبراء والمستثمرين ورجال الأعمال بضرورة إنشاء هيئة مستقلة لإدارة القروض والمنح التي تحصل عليها مصر من الدول المانحة والتي تتعدي 1.2 مليار دولار سنويا وأضافوا أن معظم هذه القروض والمنح لا تتم الاستفادة منها ولا تستخدم في مكانها الصحيح بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة لإدارة هذه القروض وأكبر دليل علي ذلك ما حدث في برنامج تحديث الصناعة والتعطل الذي دام قرابة الثلاث سنوات وذلك قبل التغيرات التي حدثت فيه مؤخرا. المعلومات التي تؤكد ضياع أكثر من 900 مليون جنيه دون الاستفادة منها نتيجة لتوقف البرنامج والمؤتمرات والندوات التي تم عقدها بالاضافة إلي استقدام خبراء لم يقدموا شيئا. الخبراء أكدوا أيضا ضرورة اشراف رئيس الوزراء شخصيا علي أموال هذه المنح بالاضافة للأجهزة الرقابية والتشريعية علي أن تتم محاسبة ومتابعة المسئولين عن ضياع أموال هذه المنح، فالتقارير والاحصائيات الصادرة عن وزارة التعاون الدولي. أكدت أن حجم القروض والمنح التي حصلت عليها مصر العام الماضي سنة 2004 وبالتحديد في الستة شهور الأولي بلغت قيمتها حوالي 1.8 مليار دولار منها 7 اتفاقيات قروض قيمتها 120 مليون دولار بالاضافة إلي منح بحوالي 917.964 مليون دولار، أيضا البيانات تؤكد أن مجلس الشعب في دورته السابقة قام بالتصديق علي 50 اتفاقية ما بين قروض ومنح منها 33 اتفاقية قيمتها الاجمالية 1.177 مليار دولار أيضا بلغت قيمة المشروعات التي مولها بنك الاستثمار الأوروبي حوالي 850 مليون يورو. "العالم اليوم" طرحت القضية علي الخبراء في محاولة للتوصل إلي حل يحمي هذه الأموال الضخمة التي يحتاجها الاقتصاد الوطني خاصة في ظل الظروف الحالية وزيادة العجز والأعباء علي الموازنة العامة للدولة خصوصا أن هذه الأموال كفيلة بحل عدد كبير من المشاكل الاقتصادية التي نواجهها وأهمها قضية المتعثرين والمصانع التي تعاني من أزمة سيولة بالاضافة إلي قطاع الخدمات والتعليم وتطوير الجهاز المصرفي. التشريعات السفير جمال الدين بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب والمسئول السابق عن ملف الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة الخارجية يري أن أهم أسباب تعطيل الاستفادة من المنح يرجع إلي الجوانب التشريعية فالمنح يتم عرضها علي أكثر من جهة للموافقة عليها منها مجلس الشعب بالاضافة إلي اللجان المختصة ثم علي المسئولين لقراءتها ودراستها قبل التصديق عليها ثم تعرض مرة أخري علي جهات مختلفة قبل الوصول في النهاية للموافقة.. هذه الاجراءات كانت تستغرق وقتا طويلا وبعد الموافقة تكون هناك رحلة أخري من أجل عمليات تنفيذها حيث يتم عمل دراسات ومناقصات لاختيار بيوت الخبرة مثلا أو الجهات التي ستقوم بالتنفيذ لمشروعات المنحة. ويضيف بيومي أن الوقت الطويل الذي يتم التعامل فيه مع المنح الأجنبية تسبب في سلبيات كثيرة وجعل الحكومة المصرية بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي تقرر تخفيض مدة التصديق علي المنحة من عام إلي ستة أشهر. ويشير بيومي إلي أن بعض الدول والجهات المانحة وضعت عدة حوافز مشجعة لسرعة صرف المنح موضحا أن ما حدث من تعطيل منح برنامج تحديث الصناعة المصرية يرجع إلي بطء التعامل معها واساءة التصرف من جانب بعض الأشخاص مما جعل المدة الزمنية المخصصة لانفاق المنحة تمر دون التنفيذ الكامل حيث كان مقررا لها أن تنتهي في عام 2003 ولكن الحكومة المصرية طلبت من الاتحاد الأوروبي مد الفترة الزمنية لانفاق برنامج المنحة إلي عام 2006 كما قام الاتحاد الأوروبي بعد ذلك باعادة هيكلة مخصصات المنحة لتستفيد منها الخزانة المصرية من خلال دعم الموازنة ويقول السفير بيومي إنه كان من المتوقع أن يتم صرف مبالغ مالية أخري من الاتحاد الأوروبي لبرنامج تحديث الصناعة المصري لو تم تنفيذ انفاق المنحة في الوقت المحدد ولكن بعد اطالة الفترة الزمنية وعقب الهجوم علي البرنامج ليس من المتوقع تجديد التمويل والمنح لهذا البرنامج. ويضيف السفير بيومي أن الادارات المختلفة في مصر تتطور باستمرار في عملية إدارة المنح الاجنبية وتميزت في الفترة الأخيرة في التفاوض مع الدول بشأنها مع محاولة تفادي بعض سلبيات الادارات الأخري في الفترة الماضية. ويشير إلي أن مصر بغض النظر عن سوء التصرف مع المنح الأجنبية أو غيرها تحصل علي المنح مع الدول المختلفة وفقا لحجمها السياسي في المنطقة وليس وفقاً لحجمها الاقتصادي.