مشوار الألف ميل للانتخابات البرلمانية يبدأ بمعركة ساخنة علي الرموز الانتخابية مثل المركب.. الساعة.. المفتاح.. والي غير ذلك من المسميات المتعددة التي لا نعرف اذا ما كانت تشمل أيضًا "الطرطور".. "اللحلوح" أم لا؟ القضية بقدر بساطتها بقدر ما يؤكد الخبراء انها تشخيص للواقع الذي نتعامل فيه مع ناخبين نصفهم اميون وبالتالي كان من الضروري التعامل معهم بطريقة "برايل السياسية" علي اساس ان الرموز هي افضل طريقة لمشاركة الناخبين "الجهلاء" في العملية الانتخابية. وفي الوقت الذي نعيش فيه عصر تكنولوجيا المعلومات ونتابع عمليات التصويت الالكتروني في الهند تواجه عملية الاصلاح السياسي قضية عدالة توزيع الرموز الانتخابية التي تستند الي نطام اسبقية حجز رمزي الهلال والجمل للحزب الوطني وتترك الجردل والكنكة.. والطيارة لباقي المرشحين. وتعالوا نستعرض هذه القضية من خلال رؤي العديد من الخبراء في مراكز البحث والجامعات وأصحاب الخبرات السياسية من جميع التيارات والاهم تلك الشهادات الواقعية للنواب من تحت قبة مجلس الشعب. يري د. نبيل فؤاد استاذ العلوم الاستراتيجية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ان الرمز الانتخابي مرتبط بمدي معرفة الناخبين للقراءة والكتابة ومعدل الامية بينهم ويكون الرمز في المجتمعات التي تسود فيها الامية اقصر طريق لتعريف الناخبين بالمرشحين وهو ما استقر العمل عليه في مصر في الانتخابات البرلمانية منذ مرحلة ما قبل ثورة يوليو 1952 وبالتحديد في عصر الملك فاروق ويوضح ان اي مرشح في مصر اذا دخل الانتخابات بدون رمز خاص به سيتضرر ضررًا كبيرا لان ذلك سيؤدي الي خسارته اصواتا ضخمة في الدائرة المرشح بها الذين لا يعرفون القراءة والكتابة ويعطون صوتهم للرمز.. وليس للاسم وبناء علي هذه الاهمية للرمز الانتخابي يدعو د. نبيل فؤاد الي تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المرشحين في اختيار الرمز المناسب له الذي يعد وسيلة الاتصال والتعرف بينه وبين جمهور الناخبين ويري ان هذه خطوة اساسية في الاصلاح المنشود الذي يسير علي حد قوله ببطء شديد وهو ما يحتم علينا ان ننتظر اجيالا واجيالا حتي يتحقق الاصلاح بالصورة المنشودة او تلك التي نشاهدها في بعض الدول من حولنا. اما السفير محمد شاكر نائب رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية فيعرب عن اسفه لان مثل هذه الرموز لا وجود لها في اي دولة باستثناء مصر الا انه يعود ويؤكد اهميتها في تسهيل تعرف الناخب علي المرشحين مشيرا الي ضرورة ان يتناسب الرمز مع الحزب او توجهات المرشح فيصبح من الطبيعي ان يكون رمز الحزب ذي التوجهات الاسلامية هو الهلال واختيار المرشح عن الفلاحين لرمز الفأس او المفتاح بالنسبة للعمال. وتظهر تلك الاهمية للرموز الانتخابية كما يقول السفير عبد الله الاشعل مساعد وزير الخارجية الاسبق ورئيس احد مراكز البحوث في ان الرمز قد يصبح لقبا للمرشح كأن يقال "ناصر الجحش" -علي حد قوله- أو "حسن كنكة" "ثروت راديو" وغير ذلك من الالقاب التي تجمع بين الاسم الأول للمرشح ورمزه الانتخابي ويلفت ايضا الي ان هذه الرموز قد يتم توجيهها للتحقير او الاستهزاء من بعض المرشحين. ولا يتوقع الدكتور الاشعل ان يتم الغاء العمل بهذه الرموز في مصر في وقت يعيش فيه العالم من حولنا عصر تكنولوجيا المعلومات والتصويت الالكتروني كما يحدث في الهند ويقول ان هذه الخطوة مستحيلة في مصر باي حال من الاحوال مشيرا الي انها مرتبطة بالمستويات الثقافية ومعدلات الامية التي تعد مرتفعة في المجتمع المصري وذلك علي الرغم من تأكيده بأن هذه الرموز لا يتم العمل بها في انتخابات البرلمانات الاوروبية او حتي في الدول العربية من حولنا ويقول ان وجود هذه الرموز حتي الآن في مصر يعكس ملامح المرحلة التي نعيشها حاليا ولا يفوته الاشارة ايضا الي تاريخ الحياة البرلمانية المصرية العريق ما قبل الثورة حيث لم تستخدم الاحزاب المصرية مثل هذه الرموز حيث كان حزب الوفد المسيطر علي الحركة الحزبية او حزب الاحرار الدستوريين من بعده بلا رموز نتيجة ارتفاع الوعي السياسي واتساع قاعدة المثقفين والمتعلمين المؤيدين للاحزاب اللاعبة في الحياة السياسية المصرية في ذلك الوقت. كما يلفت الأشعل إلي ضرورة أخري لوجود الرموز في النسق الانتخابي المصري نتيجة أن المقر الرئيسي للمرشح يكون في القاهرة علي سبيل المثال في حين أن دائرته في الريف أو صعيد مصر وبالتالي فالعلاقة الوحيدة بينه وبين الناخبين هي رمزه الانتخابي وليس اسمه أو صورته، حيث يقومون باختيار الرمز فقط، وبالتالي تلعب هذه الرموز دورا كبيرا في نجاح مرشح أو خسارة آخر في العملية الانتخابية.