مازالت ادارة بوش تمارس ضغوطا مكثفة علي سوريا بهدف حصارها دوليا واقليميا والتعامل معها ككيان معزول.. وهي الضغوط التي ازدادت شراسة بعد التحالف المدهش بين امريكا وفرنسا التي انضمت الي ادارة بوش في استصدار القرار 1559 الصادر في الثالث من سبتمبر من العام الماضي والذي اجبر سوريا علي سحب قواتها من لبنان وهو الانسحاب الذي اكملته في 26 من الشهر الماضي وصفقت له اسرائيل كثيرا لانه يصب في مصلحتها. قد يتساءل المرء علام الضغوط علي دمشق بعد ان انسحبت من لبنان وهي الذريعة التي طالما صورتها امريكا كمبرر لتشديد الحصار علي سوريا والتعامل معها كدولة مارقة؟ كان يتعين بخروج سوريا من لبنان سحب الذريعة التي تعللت بها ادارة بوش لاستمرار شن الهجوم علي نظام بشار الاسد والذي صدر من اجله قانون محاسبة سوريا الذي وقعه بوش في الثاني عشر من ديسمبر 2003 واستمر التحريض يتصاعد ضد سوريا منذ ذلك الوقت وحتي الان. معادلة العداء لهذا كان غريبا ان يخرج بوش الخميس الماضي ليشن حملة ضارية ضد سوريا ويجدد فرض العقوبات الاقتصادية عليها الي اجل غير مسمي وهي العقوبات التي بدأ تطبيقها منذ الحادي عشر من مايو العام الماضي.. ومن جديد مضي بوش الخميس الماضي إلي اتهام سوريا بدعم الارهاب وتقويض الجهود الرامية الي تحقيق الاستقرار في العراق والسعي الي امتلاك دمار شامل ومواصلة احتلال لبنان وهو ما يشكل تهديدا مستمرا وغير عادي واستثنائيا لامريكا! وبذلك اعطي بوش مؤشرا علي انه يعتزم المضي قدما في حملته الهجومية ضد سوريا وكأن انسحابها من لبنان لم يضف جديدا ولم يسقط معادلة العداء الامريكي للنظام السوري الي حد ان ادارة بوش بعد الانسحاب السوري زعمت بان المخابرات السورية مازالت في لبنان. وما من شك في ان رياضة امريكا في التماس الذرائع تشي بحقيقة مفادها ان ادارة بوش جادة في مخططها الرامي الي تغيير النظام في سوريا وهو ما أكده مؤخرا مسئولون امريكيون من ان سياسة بوش تهدف الي اسقاط النظام السوري. أمريكا رفضت الحوار في محاولة للخروج من الحصار بادرت سوريا بمد الجسور مع أمريكا عبر عرضها حوارا موضوعيا تزال معه الخلافات ولم تستجب واشنطن لدعوة الحوار ولا للتطورات التي تستعدي التعاون مع دمشق خاصة فيما يتعلق بالعراق، فلقد سبق لسوريا ان نفت مرارا وتكرارا ان يكون لها اي دور فيما يجري في العراق ولكن ادارة بوش هي التي حاولت ان تتعلل بهذه الاكذوبة كلما اشتدت المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال في محاولة منها لإلصاق التبعة وتحميل المسئولية للأطراف الخارجية وبصفة خاصة سوريا!! عودة ميشيل عون عاد ميشيل عون الي لبنان.. عاد الرجل الذي قد يقلب المائدة علي الجميع.. عاد اشهر خصوم سوريا من منفاه في باريس بعد ان امضي هناك 15 عاما وذلك إثر اسقاط دعاوي الحق العام التي تتعلق بسرقة اموال عامة واغتصاب السلطة والتحريض علي اضطرابات طائفية.. ولم تسلم سوريا منه حتي بعد ان انسحبت من لبنان.. وجاء حديثه العدائي عنها متناغما مع حملة امريكا ضدها وليس غريبا فلقد كان عون هو الشخص الذي وقف وراء اصدار قانون محاسبة سوريا في ديسمبر 2003 واليوم عاد ليتحدث عن وجوب اصلاح لبنان بعد سوريا ووجوب تحرير اللبنانيين لانفسهم من سوريا!! العلاقات السورية اللبنانية ما يحدث اليوم من مستجدات يستدعي الوضع الذي ستكون عليه العلاقات من الان فصاعدا بين سوريا ولبنان في ضوء حقيقة مفادها انه لا يمكن اغفال العلاقة الخاصة التي تربط الدولتين بحكم الجغرافيا والتاريخ والهوية والمصالح المشتركة وكلها موجودة بقوة قبل الوجود العسكري السوري.. وأيا كان سيظل مستقبل الوضع بينهما رهنا بمراجعة كل منهما لعلاقتها بالاخري ورهنا ببناء مؤسسات ترتكز عليها هذه العلاقة. الأفعي الإسرائيلية وما يخشاه المرء اليوم ان يكون لبنان علي طريق التدويل ووقوع المؤسسة الحاكمة تحت الوصاية الامريكية بشكل تفرض معه الهيمنة الامريكية ويتم تمرير السياسات التي تريدها ادارة بوش، وفتح الابواب علي مصاريعها لاسرائيل التي سارعت اثر انسحاب سوريا بتوجيه رسالة الي لبنان تتحدث عن امكانية توقيع معاهدة مشتركة والتأكيد علي انه ليس هناك خلاف مع اسرائيل حول اراض لبنانية في معرض الاشارة هنا الي ان مزارع شبعا أرض سورية وليست لبنانية وما يترتب علي هذا من سحب البساط من تحت اقدام حزب الله الذي مازال يرفض نزع سلاحه بدعوي استكمال تحرير الارض اللبنانية في مزارع شبعا كما ان رسالة اسرائيل تتحدث عن تحرير لبنان من السوريين وتوجه اشارة تفيد بانه من الممكن ان تكون هناك قوي لبنانية تحبذ التصالح مع اسرائيل..!!