اللوبي الصهيوني في أوروبا يهاجم اليسار بسبب إسرائيل الحائز علي جائزة نوبل يكشف الحقيقة وطبيعة التهديد في الشرق الأوسط تفجر قضية الكاتب الألماني كونترجراس الحائز علي نوبل مسألة خطيرة بشأن حرية الأوروبيين ، خصوصاً بين مؤلفين وكُتاب علي هذا المستوي من الوعي والشهرة والمكانة الدولية . لقد انتقد صاحب المؤلفات الألمانية المتعددة دولة إسرائيل ، ففتح اللوبي اليهودي والدولة ذاتها في تل أبيب أبواب جهنم لسحق «جراس» بمختلف الإدعاءات ، أقلها العداء للسامية حتي الوصول إلي التشهير بتاريخه وإرتباطه وهو شاب صغير لا يتجاوز عمره 14 عاماً ، الاشتراك في فصائل الشباب النازي . كانت هذه الخدمة إجبارية تفرضها الدولة علي شباب ألمانيا في الحقبة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية . وقد اعترف الحائز علي جائزة «نوبل» بما حدث . وقد اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الكاتب الألماني بعشرات الصفات السيئة . وانطلقت في أنحاء أوروبا حملة شرية لمجرد ذكر «جراس» لترسانة إسرائيل النووية وانها تُشكل خطراً علي السلام العالمي . وضاعت في هذه الهوجة العنيفة مبادئ حرية التعبير التي يتباهي بها العقل الأوروبي . طالب الكاتب بفحص دولي للمنشآت النووية الإسرائيلية وإيران معاً في الوقت نفسه ، للوقوف علي الحقائق والتوصل إلي آلية تُنهي هذا الخطر الذي يتعاظم في منطقة الشرق الأوسط المهددة في رأيه نتيجة حجم القوة النووية التي تملكها إسرائيل والرافضة الخضوع لتفتيش دولي ولعدم التوقيع علي معاهدة عدم نشر الأسلحة الذرية. قال جراس إنه في سنوات عمره الأخيرة 83 عاماً ونقطة الحبر المتبقية في قلمه لابد من استخدامها للحديث عن خطر يهدد السلام العالمي وأنه علي قناعة بأهمية ما يشير إليه ليلفت نظر العالم كله . فجَرت القصيدة التي نشرها الحائز علي جائزة نوبل حساسية اللوبي الصهيوني في أوروبا كلها ، الذي خرج دفعة واحدة ليطلق الرصاص الحارق والمدمر بهدق تشويه سمعة الكاتب وأن مشاعره المبكرة المعادية لليهود والمنحازة للنازية عادت لتطفو علي سن قلمه وهو يقترب من النهاية . وقد شعرت إسرائيل أن قصيدة جونتر جراس لها أهمية بالغة لقدومها من كاتب مرموق علي مستوي أوروبا والعالم وكلامه له مصداقية . وهو أول مثقف بهذا الحجم يهاجم إسرائيل ويكشف حقيقتها بأنها التي تهدد السلام ولا أحد غيرها . كان الألماني المرموق من قبل انتقد المستوطنات الإسرائيلية ودافع عن حقوق الشعب الفلسطيني . وهو منحاز للحق ويشعر أن مكانته تفرض عليه قول الحق وتقديم شهادة بما يراها ويطلع عليه . لأن الخطر غير قادم لا من إيران أو غيرها ، إذ إسرائيل تملك قوة نووية في قلب الشرق الأوسط والعالم يغمض أذنيه وعينيه بالكامل ولا يتحدث عن هذا الخطر . وقد تعرضت نائبة سابقة في البرلمان البريطاني عن الحزب الليبرالي هي البارونة تونج ، التي انتقدت سياسة إسرائيل ودافعت عن الشعب الفلسطيني ، الذي يواجه الاحتلال الشرس بأنيابه الوحشيه . ووجدت النائبة نفسها في قلب معركة شرسة وانفتحت عليها النيران من كل جانب . واضطر حزبها للاعتذار والتخلي عنها لتهدأ العاصفة العنيفة التي هبت نتيجة تصريحاتها الناقدة لإسرائيل . ففي بريطانيا يمكن انتقاد الملكة إليزابيث وعائلتها والهجوم علي الحكومة والمعارضة معاً . لكن غير مسموح بالحديث عن إسرائيل وذكر حقائق بشأن ممارستها للبطش والعنف ، لأن هذا يعرض القائل بهذه التصريحات إلي هجوم من صحافة موالية للصهيونية وأحزاب وقوي تدافع عن إسرائيل دائماً وتهاجم الشعب الفلسطيني كأنه هو الذي يحتل إسرائيل . كانت زوجة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير قد انزلقت منها بعض الكلمات المعبرة عن حزن إنساني لمعاناة الشعب الفلسطيني . وقالت بهذه التصريحات البسيطة وهي في صحبة زوجة ملك الأردن رانيا العبد الله خلال زيارة للندن . ومجرد أن نطقت شيري بلير بهذه الكلمات حتي اندلعت النيران في كل مكان ، مما دفع زوجها رئيس الوزراء آنذاك توني بلير الاعتذار علناً والقول إن زوجته غير مطلعة علي خبايا القضايا السياسية المعقدة في منطقة الشرق الأوسط . لكن جونتر جراس الحائز علي جائزة نوبل له مصداقية عالمية وكتبه مترجمة في أنحاء العالم ويحظي بمكانة مرموقة وأصبح يدلي بتصريحات ويتحدث في قضايا سياسية دولية تُعبر عن انغماسه في قلب أحداث الدنيا . وفتح اللوبي الصهيوني القوي في أوروبا النار عليه واتهامه لكل الكُتاب اليساريين في القارة بالعداء لدولة إسرائيل ومناهضة السامية بشكل أو بآخر . وقد أطلق اللوبي الصهيوني اتهامات ضد جراس ووصفه بالجنون والتخريف ، فكيف يربط بين إيران وإسرائيل ويضعهما في خانة واحدة . إسرائيل طبقاً لأنصارها دولة أخلاقية تتمسك بالقانون .كان ديفيد ميللور ، وهو سياسي بريطاني مرموق بدوره تعرض لهجوم ساحق ، فعندما كان وزيراً لشئون الشرق الاوسط لدي الخارجية البرياطانية ، زار المناطق المحتلة وشهد العنف الإسرائيلي غير الخاضع لقانون أو تقاليد . وسجلت كاميرات تليفزيونية ثورة غضبه علي ضباط وجنود إسرائيليين يطلقون النار علي أطفال يقذفونهم بالحجارة . جونتر جراس خلال موقعه علي قمة الحياة الأدبية والثقافية والفكرية ، اتهم إسرائيل صراحة بأنها تهدد السلام وقد تقلب الطاولة العالمية كلها ، التي تثرثر عن أن الدولة العبرية مظلومة ومهددة من جيرانها وإن إيران تصنع قنبلة ذرية لإبادتها . كشف الكاتب الألماني بوعيه الشديد عن كذب هذا الادعاء وتحدث عن شعب فلسطيني مظلوم ومحاصر يعيش في ظلام وفقر وقسوة وحرمان بفضل احتلال إسرائيلي شرس يغلق كل النوافذ والأبواب أمامه . جونتر جراس كسر حاجز الكذب والصمت وأشار بقصيدة بليغة إلي إسرائيل بأنها ليست الضحية وإنما المحتل الشرس ، الذي يملك ترسانة نووية تستطيع تدمير الشرق الأوسط كله بما فيه . هذه الصرخة المكتوبة بلغة الشعر ، هي بيان صريح للإنساني حتي يفوق المجتمع الدولي وينهض من هذا النوم والعجز والكذب . وقد خرج نتانياهو بنفسه ليرد علي كاتب يملك جائزة نوبل . واستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي مفرداته المعروفة والمستهلكة والمتجاوزة دائماً لقواعد الأدب والذوق . لقد أطلق اتهامات صارخة في محاولة لتشويه الرجل باعتباره يخرف ولا يري الحقائق ويتحرك بدوافع نازية قديمة راسخة في نفسه تعادي السامية وتنشر الكراهية ضد اليهود ودولتهم في إسرائيل . وتجاوزت الحملة جراس لتتهم كل الكتاب والشعراء من أهل الوعي الأوروبي وفصائل يسارية بأنها لا تري الحقيقة وتتهم إسرائيل بينما هي ضحية لتاريخ طويل من الاضطهاد الأوروبي لليهود. وألمانيا موطن جراس لديها عقدة ذنب عميقة بسبب ممارسات حكم النازية في عهد هتلر ، لذلك فهي منحازة لإسرائيل وتمنحها غواصات وأسلحة لتدافع بها عن نفسها . لقد خرج جونتر جراس من جوقة الكذب واتهم إسرائيل بأنها المهددة للسلام في الشرق الأوسط . ونتيجة هذا الموقف انطلقت مدافع الصهيونية في برلين ولندن وغيرهما من عواصم أوروبا تهاجم الكاتب الفائز بنوبل ، علامة علي نبوغه وصدقه وقدرته علي قول الحقيقة .