يا الهي أعمق الحب هواك..يا الهي لي اشتهاء أن اراك في جمال في بهاء مبهر.. في جلال وسط قوات سماك من القصيدة الأخيرة للبابا شنودة فقدت مصر ابنا من أبنائها الذين إحتملوا جميع الضغوط والالام علي مدار عقود، حمل خلالها البابا شنودة الثالث رسالة ومسئولية ملايين الأقباط وقضاياهم المختلفة، وفي كل أزمة تمر بها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية كان يعبر عنها بجملته الشهيرة "ربنا موجود"، في رسالة لشعبه للطمأنة والهدوء بمقولته الشهيرة "مصر ليست وطناً نعيش فيه.. بل وطن يعيش فينا" ولُقب ب "بابا العرب" وهو لقب اطلقه عليه مفتي لبنان وعرف بذكائه ومواقفه الوطنية. في قرية سلام بمحافظة أسيوط في جنوب مصر وتوفيت والدته بعد ولادته بسبب حمي النفاس، وقال البابا كثيرا في حياته إن جارات مسلمات لأسرته أرضعنه بعد وفاة والدته. أصبح خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة وطالباً بمدارس الأحد ثم خادماً بكنيسة الانبا انطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينيات. رُسم راهباً باسم (انطونيوس السرياني) 1954، وبعد سنة من رهبنته تمت سيامته قساً. وأمضي 10 سنوات في الدير دون أن يغادره. عمل سكرتيراً خاصاً للبابا كيرلس السادس. رُسِمَ أسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الاكليريكية في 1962. اختياره للكرسي الباباوي وبعد وفاة البابا كيرلس في مارس 1971 أجريت انتخابات البابا الجديد في أكتوبر. ثم جاء حفل تتويج البابا (شنودة) للجلوس علي كرسي الباباوية في الكاتدرائية المرقسية الكبري بالقاهرة نوفمبر 1971.و في عهده تمت سيامة أكثر من 100 أسقف وأسقف عام، بما في ذلك أول أسقف للشباب، وأكثر من 400 كاهن وعدد من الشمامسة في القاهرة والإسكندرية وكنائس المهجر. وقد أولي اهتماما خاصا لخدمة المرأة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكان أول بطريرك يقوم بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج مصر وأعاد تعمير عدد كبير من الأديرة التي اندثرت. وزادت الابارشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس والإبرشيات سواء داخل أو خارج مصر. وفي اول فبراير الماضي، فاز البابا شنودة بجائزة "الماس" من مؤسسة الكاردينال كونج الكاثوليكية، بمدينة فيينا النمساوية والتي تعد أكبر الجوائز المسيحية في العالم لعام 2012. والتي جاءت تقديرا لمجهوداته علي مدي السنوات ال40 الماضية من أجل التعايش السلمي والعادل بين المسلمين والأقباط في مصر. خلافه مع السادات بعد أن اعتلي الرئيس "السادات" منصب رئيس الجمهورية، نُصب البابا "شنودة" رئاسة الكرسي الباباوي، وبعد حرب أكتوبر 1973 بات السادات أكثر انفرادا بالقرار فكان قراره الأخطر بإطلاق يد الجماعات والتيار الإسلامي دون قيد في الجامعات والشارع السياسي المصري لمحاربة التيار اليساري والشيوعي وتحقق له هذا بالفعل، وعلي الرغم من أنه لا يوجد توثيق دقيق وحصر واضح لأسباب اشتعال فتيل الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وبخاصة في صعيد مصر، فإن النار قد التهبت وكان لابد من أن يكون للبابا "شنودة" رأيا فيما حدث. قبل هذا كان البابا "شنودة" قد سجل رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وأكد ذلك بأن قرر عدم الذهاب مع الرئيس "السادات" في زيارته إلي إسرائيل عام 1977 . ومن هنا بات الصدام وشيكاً، خاصة في ظل اتهامات متزايدة من الأقباط بأن الدولة تغذي العنف تجاههم من قبل الجماعات الإسلامية، وعندما قام الرئيس السادات بزيارة إلي أمريكا إذ نظم الأقباط في أمريكا مظاهرة مناهضة للسادات رفعوا فيها لافتات تصف ما يحدث للأقباط في مصر بأنه اضطهاد وهو بالقطع ما أضر بصورة "السادات" كثيرا فطلب من معاونيه أن يتصلوا بالبابا ليرسل من يوقف هذه المظاهرات، وعندما حدث متأخراً، ظن السادات بأن البابا شنودة يتحداه، فكانت أن أصدرت أجهزة الأمن قرارا للبابا بأن يتوقف عن إلقاء درسه الأسبوعي, الأمر الذي رفضه البابا وتطورت الأحداث حتي كانت القطيعة بين السادات والبابا شنودة هي عنوان المشهد، ولذا كان من المنطقي أن يطول العقاب البابا في أيام السادات الأخيرة عندما أصدر في سبتمبر عام 1981 قراره بالتحفظ علي 1531 من الشخصيات العامة المعارضة، وكان مصير البابا تحديد الإقامة في الدير بوادي النطرون، ولعل السادات فعل ذلك درءا لرد فعل مضاد من قبل الأقباط. لقاء أبو مازن وكان قد أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية دعمت القضية الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة دون حدود في كل الأزمات وفي كل الأوقات، وقال عقب لقائه البابا شنودة سبتمبر الماضي، بالمقر البابوي بالعباسية "إن لقاءه بالبابا كان بهدف دعم قيام الدولة الفلسطينية لدي جميع المحافل الدولية". وأشاد أبو مازن بحكمة البابا شنودة وفطنته وبعد رؤيته فيما يخص رفضه زيارة الأقباط إلي القدس منذ توقيع معاهدة السلام، موضحا أن التظاهرات الشعبية ضد إسرائيل مؤخرًا أكدت أن الشعب المصري والعربي رافض تمام للظلم الإسرائيلي للشعب الفلسطيني ورفضه الانصياع إلي كل القرارات الدولية. علاقته بالشيخ طنطاوي كانت تربط بين البابا شنودة والشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الراحل، علاقة مودة وصدق قوية، وكان قد وصف قداسته رحيل طنطاوي بالخسارة الكبيرة وفقدان لشخصية عظيمة يقدرها العالم الاسلامي بصفة عامة والشعب المصري والعربي بصفة خاصة، بالإضافة الي إنه كان هناك اتفاق في كل وجهات النظر بينه وبين شيخ الازهر في العديد من القضايا منها زراعة الاعضاء وموت الرحمة وحوار الاديان. بالإضافة الي وصفه لمواقف طنطاوي بالعظيمة للدفاع عن الوحدة الوطنية وحماية الامن الاجتماعي وتسوية الكثير من الخلافات والمهاترات الطائفية. حكم مبارك قام مبارك في 1985 بالإفراج عن المعتقليين الذين قام السادات باعتقالهم وقابل بعضهم وكان علي رأسهم "البابا شنودة"، وفي هذا اللقاء بدا واضحا أن سياسة الرئيس "مبارك" تتجنب الصدام بأي شكل من الأشكال مع الأقباط خاصة وبوصفه كان مقربا من الرئيس "السادات" بحكم منصبه كنائب له. وطوال فترة حكم مبارك لم يخرج من البابا لفظ واحد ضد النظام أو الدولة ولا حتي ضد أي من ممثليه كوزراء أو مسئولين حكوميين، رغم أن فترة التسعينيات وبدايات الألفية الثانية شهدت العديد من الحوادث التي تصنف علي أنها الطائفية بين المسلمين والمسيحيين الملتهبة متنوعة ما بين الاختلاف علي بناء كنيسة أو خلافات شخصية عادية ثم وصلت الأقاويل عن التنصير أو الإجبار علي الإسلام.. في كل مرة اختار البابا الصمت أو الاعتراض بالاعتزال في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، وعقب مذبحة ماسبيرو 9 أكتوبر 2011 ومطالبة بعض الاصوات المسيحية بحماية دولية، كان موقف البابا " لو أمريكا هي إللي هتحمي الأقباط في مصر وتفرض الحماية الدولية علي مصر.. فليموت الأقباط ولتحيا مصر".