انتهاء الفترة الانتقالية طالب المتظاهرون في «جمعة العزة والكرامة» منذ خمسة ايام، المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتسليم السلطة فورا «إدارة وحكم البلاد» إلي سلطة مدنية منتخبة. قبل ذلك طالب المتظاهرون في 25 يناير بمناسبة مرور عام علي الثورة (25 يناير 2011- 25 يناير 2012) بتسليم السلطة إلي مجلس الشعب وتولي رئيسه منصب رئيس الجمهورية. في الوقت نفسه طرح د. محمد البرادعي علي صفحته الشخصية علي موقع تويتر مبادرة تقوم علي انتخاب مجلس الشعب لرئيس مؤقت للجمهورية، وبالتالي تسليم المجلس العسكري السلطة التنفيذية للرئيس المؤقت (بعد أن سلم السلطة التشريعية لمجلس الشعب)، ويلي ذلك انتخاب مجلس الشعب للجنة لصياغة الدستور، ثم يلي إقرار الدستور انتخاب رئيس الجمهورية وانتخابات جديدة لمجلس الشعب طبقا للصلاحيات المحددة في الدستور لرئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية من ناحية وللسلطة التشريعية الممثلة في مجلس الشعب، وإلغاء وجود مجلس الشوري الذي استحدث في دستور 1971. وتتفق كل هذه المبادرات والمطالب علي رفض البرنامج الذي تبناه المجلس الاعلي للقوات المسلحة في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 لإنهاء الفترة الانتقالية، والذي حدد ستة أشهر منذ صدور الإعلان الدستوري للبدء في انتخابات مجلسي الشعب والشوري، علي أن يجتمع المجلسان بدعوة من المجلس العسكري «خلال ستة أشهر من انتخابهما» لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولي اعداد دستور جديد للبلاد في موعد غايته «ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع خلال خمسة عشر يوما من اعداده علي الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب علي الاسفتتاء». ولم يحدد الإعلان الدستوري موعدا لانتخاب رئيس الجمهورية مما ترك انطباعا لدي كل الاحزاب والقوي السياسية أن الفترة الانتقالية ستمتد إلي منتصف عام 2013. وأمام ضغط الرأي العام أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية في ابريل القادم وأن الفترة الانتقالية تنتهي في 30 يونيه، أي قبل الانتهاء من صياغة واصدار الدستورالجديد، وهو ما ترفضه أحزاب وقوي ديمقراطية مدنية تطالب بصياغة الدستور الجديد فورا وقبل انتخاب رئيس الجمهورية. ويحتاج الأمر لمناقشة هادئة لكل المبادرات والبرامج المطروحة لإنهاء الفترة الانتقالية. فالمطالبة بتسليم إدارة وحكم البلاد فورا إلي ملجس الشعب وتولي رئيس مجلس الشعب منصب رئيس الجمهورية (أو انتخاب مجلس الشعب لرئيس مؤقت للجمهورية) أمر يصعب قبوله. فإضافة إلي أنه يتعارض مع الإعلان الدستوري. فالأهم أنه يركز السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد مجلس الشعب بما يخلق وضعا استبداديا ويخلط بشكل فج بين السلطات، ويلغي الدور الرقابي للمجلس علي السلطة التنفيذية. وتصحيح هذه الخطيئة بانتخاب المجلس لرئيس مؤقت للجمهورة. كما اقترح د. البرادعي لا يحل المشكلة فالسلطات التي سيتمتع بها الرئيس المؤقت طبقا للإعلان الدستوري، هي سلطات استبدادية لا تختلف كثيرا عن السلطات التي تمتع بها السادات ومبارك طبقا لدستور 1971. وفي الوقت نفسه فالبرنامج الذي حدده المجلس الأعلي للقوات المسلحة والذي يتم في ظله انتخاب الرئيس قبل صياغة الدستور وانتهاء الفترة الانتقالية في 30 يونيه يحمل الاخطار الاستبدادية نفسها للرئيس المنتخب السابق الاشارة إليها. والحل- كما اتصور- هو اصدار إعلان دستوري جديد يتضمن إلغاء وجود مجلس الشوري وانتخاباته بالتالي، وتشكيل الجمعية التأسيسية المختصة بصياغة الدستور فورا وطبقا لأسس تتوافق عليها كل الأحزاب والقوي السياسية والاجتماعية علي أن تنتهي من صياغة الدستور واقراره خلال ثلاثة أشهر يتم بعدها انتخاب رئيس الجمهورية، علي أن يتضمن الدستورالجديد حكما انتقاليا ينص علي انتخاب مجلس شعب جديد بنظام القائمة النسبية غير المشروطة، كما اتفقت الاحزاب قبلا ولم يستجب المجلس العسكري لتوافقها علي ذلك.