دماؤهم تروي ميادين الأسكندرية في الذكري الأولي للثورة القوي المدنية والأحزاب السياسية تتجمع أمام المنطقة العسكرية مطالبة باستكمال مطالبها.. بينما القوي الإسلامية تستعد للاحتفال الفني مع المجلس العسكري. حين خرج ملايين المصريين منذ عام، كان يتردد صدي هتافاتهم عبر المحافظات، كان القاهري يهتف «الشعب يريد إسقاط النظام»، ليسمع صدي صوته عند زميله السكندري، غضب الجماهير انطلق من كل المحافظات، لكن الأحداث في ثلاث منها أشعلت شرارة الثورة وقادت الكفاح في الصفوف الأولي للثورة منذ الثلاثاء الموافق 25 يناير عام 2011 «القاهرة.. الإسكندرية.. السويس». وبعد عام من الإطاحة بمبارك، يجدد اليوم الأربعاء 25 يناير 2012 الشعب والقوي السياسية العزم علي استكمال مطالب الثورة، والقصاص لدماء الشهداء التي سالت في عهد مبارك وخلال المرحلة الانتقالية فيما عدا جماعة الإخوان المسلمين بشقيها الدعوي والسياسي فقد قررت المشاركة في احتفالات المجلس العسكري الرسمي بالغناء. وخرجت مظاهرات القوي السياسية والأحزاب الداعية للدولة المدنية من ميدان سعد زغلول ومحكمة الحقانية بالمنشية وميدان الساعة بفيكتوريا متوجهة إلي المنطقة التالية العسكرية فيما احتشدت القوي الإسلامية أمام مسجد القائد إبراهيم استعدادا لاحتفالات العسكر. من جانبها ترصد «الأهالي» في السطور القادمة، مشاهد كفاح شعب الإسكندرية وتضحيات شهدائه ال 52، خلال ال 18 يوما للثورة منذ الثلاثاء 25 يناير وصولا إلي مساء الجمعة 11 فبراير، حين أذاع اللواء عمر سليمان بيان التنحي الشهير، وذلك عبر روايات لشهود عيان منهم «عبدالرحمن الجوهري» منسق حركة كفاية، و«صفوان محمد» عضو الجمعية الوطنية للتغيير، و«الشوادفي العرابي» و«محمد عبدالرازق» من حزب التجمع، «يوسف شعبان» عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، وربيع إدريس الناصري الذي فقد أحد عينيه. الثلاثاء 25 يناير هدوء.. غضب مئات الآلاف.. تمزيق لافتات «مبارك وجمال» كانت كل الأجواء هادئة، فاليوم هو إجازة رسمية للموظفين بمناسبة احتفالات «عيد الشرطة»، فلا رئيس يلقي خطابه بمناسبة الاحتفالات فقد ألقاه مبارك يوم 23 يناير، ليستبق بذلك أحداث 25 يناير، ولا طقس يسمح بخروج. تظاهرات الإسكندرية حدد لها النشطاء مكانا رئيسيا هو ميدان مسجد القائد إبراهيم كمركز لتجمع كل التظاهرات المقرر لها الخروج من كل الأماكن الأخري وهي: ميدان المنشية «الجندي المجهول»، ميدان الساعة شرق الإسكندرية، ميدان محطة مصر، ومنطقة العصافرة، وشارك فيها مختلف الحركات السياسية مثل (6 أبريل وعدالة وحرية وكفاية وحملة دعم مطالب التغيير والاشتراكيين الثوريين) وعدد من الأحزاب مثل «الغد.. نور، و«الكرامة» و«الجبهة الديمقراطية»، وعدد من قيادات «التجمع» بالإسكندرية، والحزب الشيوعي المصري وعدد من شباب حزب «الوفد»، بالإضافة لقيادات الحركة العمالية بالإسكندرية. المشهد تحول لثكنات، واستنفار أمني في مختلف ميادين المحافظة الرئيسية، نشطاء وقوي سياسية وقيادات أمن الدولة «المنحل»، في حيرة من أمرهم، النشطاء «أون لاين» علي ال «فيس بوك»، وقوات الأمن تعتقد أن الأمر مجرد عشرات سيتظاهرون في أحد الميادين ومن ثم يتم محاصرتهم واعتقالهم. لكن مع دقات عقارب الساعة الثانية ظهرا، بدأ زحف الآلاف في شوارع الإسكندرية، بطوفان من المسيرات في مختلف أحيائها شرقا وغربا، رغم الحشود الأمنية الكبيرة، وبدأت المسيرات بواحدة شارع المعهد الديني بالعصافرة، وتردد صداها في منطقة العطارين وسط البلد، وغيرها من الميادين الرئيسية بالمحافظة. مع وصول العناصر الأمنية لحصار المتظاهرين، لجأ النشطاء للتحرك داخل الحواري والأزقة والشوارع الجانبية، لينضم لهم عدد أكبر أهالي المنطقة الذين استجابوا وقاموا بمنع قوات الأمن من دخول الشوارع الجانبية ورشقوهم بالحجارة وزجاجات المياه، لتصل بعدها قرابة 25 سيارة أمن مركزي ومدرعات، لتفريق المتظاهرين بالقوة، عقب اشتباكات بالأيدي بين الأمن والمتظاهرين استخدم فيها الأمن العصي والقنابل المسيلة للدموع. مع مغيب شمس 25 يناير 2011 كان المتظاهرون قد نجحوا في حصار قوات الأمن المركزي وتفريقهم أمام حي المنتزه شرق المحافظة، وتمكن متظاهرون انتشر مئات الآلاف في ميدان محطة الرمل وتمكنوا من تمزيق لافتات حملة ترشيح «جمال مبارك» رئيسا. وتواصلت عمليات الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن وصولا لمبني ديوان محافظة الإسكندرية الذي كان خاليا من أي حراسة، ليتم القبض والاعتقال للعشرات من المتظاهرين أثناء تحركهم في شارع أبوقير صوب شارع فؤاد، وبلغ عددهم حينها ما يزيد علي 100 متظاهر من النشطاء والأهالي منهم «عبدالرحمن الجوهري» منسق حركة كفاية، ويوسف شعبان الصحفي بالبديل، وأحمد ممدوح «المحامي»، ووجهت النيابة للمواطنين تهم قلب نظام الحكم ومقاومة السلطات والتعدي علي موظف عام أثناء تأدية عمله والتجمهر وتعطيل حركة المرور واتلاف الممتلكات العامة والخاصة ومنقولات مملوكة للغير، والخروج عن الشرعية، ومقاومة السلطات، والتسبب في إحداث الذعر بين المواطنين.