-- في 21 فبراير 1946 قتل ودهس المصريين في ميدان التحرير علي يد الاحتلال البريطاني.. وفي نفس المكان 19 نوفمبر 2011 قتل المصريين علي يد رجال الداخلية!! نفس المسار الذي قطعه المتظاهرون المصير نفسه. إنها قصة ميدان ارتوت ارضه بدماء الشهداء من اجل الحرية. ففي يوم الخميس الموافق 21 فبراير 1946 والذي مر عليه اكثر من 65 عاما قُتل ودُهس واصيب عشرات الطلاب المصريين بدبابات قوات الاحتلال البريطاني في ميدان الاسماعيلية سابقا -التحرير حاليا- فما يحدث اليوم بميدان التحرير وشارع محمد محمود عاد بنا للخلف عشرات السنين لنتذكر ذلك اليوم المؤلم، لكن الفارق الوحيد في المشهد اليوم هو رجال الامن المصري هم من يطلقون النار علي اشقائهم في الوطن وليس علي اعدائهم! وتحية لشهداء الطلبة علي يد الاحتلال الانجليزي وتحية لاحفادهم شهداء اليوم علي يد جهاز الشرطة الوطني. فنموذج ميدان الاسماعيلية سابقا او ميدان التحرير حاليا، في الماضي. ميدان الاسماعيلية ولنعود الي ايام كان ميدان التحرير اسمه ميدان الاسماعيلية، كان فبراير 1946 شهرا حافلا بنضال الشعب المصري ضد الاحتلال، حيث خرج طلبة جامعة فؤاد الاول الي مظاهرة حاشدة لوقف المفاوضات والغاء معاهدة 1936 وجلاء القوات البريطانية. وفي هذا اليوم الذي فُتح عليهم كوبري عباس ليسقطوا الطلبة غرقي ومن لم يستشهد غرقا يستشهد برصاص جنود الاحتلال، وفي 17 فبراير 1946 تشكلت "اللجنة الوطنية للعمال والطلبة" ودعت إلي مظاهرة حاشدة في يوم 21 فبراير، وأطلق علي هذا اليوم "يوم الجلاء". سارت المظاهرة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة) متجهة إلي تمثال الزعيم مصطفي كامل وسط القاهرة باعتباره رمزا للمطالبة بالجلاء، حيث وصل الطلاب للمظاهرة من خمس جهات، من جامعة فؤاد، ومن السيدة زينب ومن الأزهر، ومن العباسية ومن شبرا، حتي امتلئ بهم الميدن، إذ قدر الجمع بحوالي مائة ألف مواطن مصري. وقصر النيل (جسر اسماعيل سابق) واتجهت إلي ميدان الإسماعيلية (التحرير الآن) وفيه أطلقت مصفحات إنجليزية النار علي المتظاهرين فاستشهد عدد منهم، وهو ما يعرف باسم "مذبحة كوبري عباس". وقد هاجمت المتظاهرين أربع سيارات مصفحة جاءت من شارع القصر العيني، شقت طريقها فوق اجساد الطلبة وسط الحشود، غير عابئة بمن تقتل او تدهس.. وهنا إلتهبت أعصاب المتظاهرين فانهالت علي السيارات ببعض اللافتات والأعلام والحجارة لاذت السيارات بالفرار داخل ثكنات قصر النيل التي كانت تنطلق من نفس الشارع الذي جاءت منه السيارات المحهولة ودهست المتظاهرين يوم 28 يناير 2011 جمعة الغضب الثانية، ونعود الي 21 فبراير مرة اخري حيث انطلقت الرشاشات من داخل المصفحات لافساح الطريق لها. ولحظتها تحولت إلي إعصار مدمر. انطلقت تهاجم ثكنات جنود الانجليز بقصر النيل بكل ما طالته الأيدي وبأي شئ.. تحت وابل الرصاص المنطلق من الثكنات. ووسط الحشد الذي اتجه ناحية شارع سليمان باشا ولم يكد يخطوا بضع خطوات داخل الشارع حتي انطلقت رصاصات من احدي العقارات ( هل كانوا قناصة ذلك الزمن؟!) وسقط الشهداء. وأطاحت وحشية الانجليز إذ بلغ ضحايا هذا اليوم المجيد 32 شهيدا و 321 جريحا. يوم الطالب العالمي: وتقديرا لشهداء مصر يحتفل بيوم 21 فبراير من كل عام كيوم للطالب العالمي، وقد تقرر ذلك عندما تشكل اتحاد الطلاب العالمي وقتها. وقد اختار الاتحاد هذا اليوم تمجيدا لكفاح الطلبة المصريين ضد الاستعمار البريطاني، وقد شهد العالم، خصوصا الهند مظاهرات كبيرة تحتج علي ما حدث في مصر من القوات البريطانية رافعة شعار ارفعوا أيديكم عن مصر. وواجهتها قوات الاحتلال الانجليزي بنفس العنف، حيث كانت الهند محتلة ايضا من انجلترا . ونعود لايامنا التي نحياها الان، نعود الي مجزرة شارع محمد محمود المسمي نسبة الي رئيس وزراء في عهد الملك فؤاد الاول، واشتهرت باسلوب سياسة "القبضة الحديدية" ضد الشعب وقتها عندما تولي منصب وزير الداخلية في الفترة ما بين يونيو 1928 واكتوبر 1939، وقد تم تعيين محمد محمود باشا بعد ذلك في منصب رئيس الوزراء الا انه احتفظ بمنصب وزير الداخلية ايضا، واليوم مقر وزارة الداخلية المصرية بالقرب بالشارع الذي سمي باسم محمد محمود وحتي اليوم يمارس رجال الداخلية سياسة مشابهة لسياسة محمد محمود ولفترة طويلة. وهو نفس الشارع الذي يشهد الان مواجهات بين المتظاهرين وقوات الامن المركزي ولمدة خمسة ايام بدات في 19 نوفمبر الجاري وسقط خلالها اكثر من خمسين شهيدا واربعة الاف مصاب. والفروق ليست كبيرة كما نتخيل، واليوم وقع عشرات القتلي والآف المصابين بميدان التحرير وتحديدا شارع محمد محمود احد الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية والذي شهد حالات اعتداء متواصلة لاربعة ايام كاملة من قبل جنود الامن المركزي والمتظاهرين السلميين، مستخدمين في ذلك الاسلحة والطقات المطاطي والخرطوش وقنابل مسيلة للدموع تؤدي لحالات تشنج عصبي وشلل.. حيث تحول الامر الي حرب شوارع بين قوات الامن المسلحين والمتظاهرين العُزل. مع حرص جنود الامن المركزي علي ضرب عدد من المتظاهرين في عيونهم. ومن الاناشيد التي رددها الطلبة في 12 فبرابر 1946 ياشعب قم خض بحر الدماء لاتبك فالآن وقت الفداء هيا نحطم قيود العبيد هيا جميعا لنيل الجلاء.