كان العالم الوطني الراحل الدكتور مصطفي الجبلي وزير الزراعة الأسبق شديد الدقة، عندما وضع يده علي القضية الرئيسية المدمرة للمجتمع، بتأكيده - في مجلة الأهرام الاقتصادي في 8/4/1985 - أن «الطريق الوحيد لتحرير إرادتنا السياسية هو التخلص من التبعية الغذائية.. وليس ذلك بالأمر العسير». ولقد حاولنا - علي مدي أربعين عاما - أن يكون نضالنا الأساسي - إعلاميا وحركيا - موجها بشكل رئيسي ضد سياسات نظام الحكم المخلوع الذي جعل من التبعية للولايات المتحدةالأمريكية في المجالي الزراعي والغذائي، مستهدفا لهما وغاية نسعد بتحقيقها، ونالنا من جراء ذلك الكثير، بدء من الرفض والتكذيب حتي القضايا والسجون. وكرؤية حق من داخل ذلك الواقع، أكد ووثق الدكتور محمود شريف الوزير الأسبق للإدارة المحلية صحة ودقة وضرورة موقفنا هذا، مستخدما - كطبيب بارع في جراحة الأورام - مبضعه الحساس لكشف ذلك الورم السرطاني القاتل للزراعة وللمجتمع المصري بأسره، مؤكدا من خلال حديثه لجريدة «المصري اليوم» في 6/5/2011 علي ما يلي: د. يوسف والي - كصديق للأمريكان - دمر الحملة القومية التي كانت تستهدف زيادة إنتاج القمح المصري لصالح استمرار اعتمادنا علي استيراده منهم، واستبدلها «بموضة» زراعة الكانتالوب والفراولة. استعان د. والي - لتنفيذ سياسته - ليس فقط بالكثيرين من «الخبراء» الأمريكيين، بل أيضا «بالخبراء» الإسرائيليين الذين توغلوا في وزارة الزراعة. حاول المهندس أحمد الليثي كوزير للزراعة، أن يستكمل حملة زيادة إنتاج القمح المصري، ولكن النظام الحاكم عزله وأتي بالسيد أمين أباظة ليتولي مسئولية الوزارة، فدمر كل هذه المحاولات وأصبحت مصر في مقدمة الدول المستوردة للقمح. التبعية هي الخطر الرئيسي الذي يجب بعد ثورة 25 يناير واحتراما لأرواح شهدائها ودماء مناضليها، أن يكون تغييره الجذري هو الأساس لإنقاذ الزراعة ومصالح الوطن.