«وحدة» اليسار تشهد قاعة جمال عبدالناصر بالمقر المركزي لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي يوم الأربعاء القادم (14 سبتمبر) الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام السابع للحزب والذي يستمر لمدة يومين (14 و15 سبتمبر)، وفي ضوء الوثائق المطروحة علي المؤتمر، ونتائج مؤتمرات الأقسام والمراكز والمحافظات التي عقدت خلال الشهرين الأخيرين، فمن المرجح ألا يكون المؤتمر العام السابع مجرد تكرار لمؤتمرات ستة سبقته منذ تأسيس الحزب عام 1976، ويراهن غالبية أعضاء الحزب وقياداته علي نجاح هذا المؤتمر في أن يكون ميلادا وتأسيسا جديدا للحزب، يجمع بين الاستمرار والتواصل مع المبادئ الأساسية للحزب وممارساته ومواقفه الإيجابية خلال 35 عاما، وبين الجديد متمثلا في الاتفاق علي خط سياسي وجماهيري وتنظيمي يستوعب التطورات الجديدة في مصر انطلاقا من ثورة 25 يناير والتطورات الإقليمية والدولية، وسينهي المؤتمر العام السابع للحزب أعماله بانتخاب رئيس جديد للحزب و40 عضوا للجنة المركزية يضافون إلي ممثلي لجان الحزب في المحافظات في اللجنة، لتنتخب اللجنة المركزية بعد ذلك كل المواقع القيادية المركزية «نواب الرئيس - الأمين العام - الأمناء العامين المساعدين - المكتب السياسي - الأمانة المركزية - مسئول لجنة الانضباط». وتتحمل القيادة الجديدة مسئولية إدارة الحزب في السنوات الأربعة القادمة، وتنفيذ قرارات المؤتمر العام السابع، ومن ضمن هذه القرارات - والتي تحتاج إلي قدرة علي الإبداع والتعامل الذكي مع التناقضات - العمل من أجل «وحدة اليسار في مصر» و«توسيع جبهة الأحزاب والقوي السياسية الديمقراطية للدفاع عن الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة»، كما طرح مشروع التقرير السياسي المقدم للمؤتمر، والمنتظر تبني ما ورد فيه من توصيات. ونقطة البداية بالطبع هي وحدة اليسار. واليسار المصري هو الذي حمل حلم التغيير منذ مطلع القرن الماضي، وخاض ببسالة معارك الاشتراكية والعدل الاجتماعي ومقاومة الاستبداد وتحقيق الديمقراطية والدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان والتصدي للاستعمار والإمبريالية وقدم علي هذا الطريق عديدا من التضحيات. ورغم أن حلم كل أحزاب وقوي اليسار واحد إلا أن المصاعب والعقبات الموروثة والجديدة لا يمكن التهوين منها. وبداية العمل من أجل وحدة اليسار، هو الاعتراف بالتعددية داخل اليسار المصري فكما خاض اليسار معارك طويلة لتأكيد التعددية الفكرية والسياسية والحزبية في المجتمع ورفض فكرة الحزب الواحد، فمن الطبيعي أن يواصل الطريق علي استقامته ويؤكد إيمانه بالتعددية داخل كل تيار فكري أو سياسي، وفي المقدمة داخل اليسار المصري. واليسار في مصر يتنوع ما بين يسار ماركسي ويسار ناصري ويسار قومي. وبين أحزاب معترف بها قانونا وأخري مازالت لم تحصل علي الترخيص القانوني رغم وجودها الواقعي وفعاليتها في الشارع السياسي. من الأحزاب المعترف بها قانونا حزب التجمع الذي تأسس عام 1976 والحزب العربي الديمقراطي الناصري (1992) وحزب الكرامة الذي حصل علي الاعتراف القانوني منذ أيام. ومن الأحزاب التي لم تحصل علي الاعتراف القانوني بعد، الحزب الشيوعي المصري الذي تأسس في أول مايو 1975 وظل يمارس العمل سرا إلي أن قرر بعد 25 يناير العمل علنا واحتفل بهذا الإعلان في ميدان التحرير، وحزب التحالف الاشتراكي الشعبي الذي برز للوجود في 12 مارس الماضي عقب انسحاب 37 من أعضاء اللجنة المركزية لحزب التجمع - ومعهم عدد من أعضاء التجمع في المحافظات - من اجتماع اللجنة وإعلانهم تأسيس حزب يساري جديد، والحزب الاشتراكي المصري بزعامة أحمد بهاء الدين شعبان، وحزب العمال الديمقراطي بزعامة كمال خليل، والاشتراكيين الثوريين.. إلخ. والحوار بين هذه الأحزاب والتجمعات اليسارية - ومع الشخصيات اليسارية غير المنتمية لأي تنظيمات - لن يكون سهلا، فالبعض أسس وجوده علي رفض حزب التجمع وصيغته وأحيانا علي اتهام وإدانة قياداته والكتلة الرئيسية التي انشقت علي التجمع في 12 مارس بنت موقفها علي عدم إدراج بند سحب الثقة من القيادة المركزية لحزب التجمع في جدول أعمال اللجنة المركزية وتشكيل لجنة من 15 عضوا تتولي إدارة الحزب لحين عقد المؤتمر العام السابع، أي علي قضية إجرائية دون طرح رؤية سياسية توضح نقاط الخلاف بينها وبين الخط السياسي للتجمع الذي التزمت به القيادة المنتخبة منذ المؤتمر العام السادس (مارس 2008)، ويصعب معرفة موقفها من القيادة الجديدة التي سيتم انتخابها في المؤتمر العام السابع، وبعض التيارات الناصرية لايزال لها موقف سلبي من اليسار الماركسي، كما يعاني الحزب الناصري من الانقسامات. ومع ذلك فوحدة اليسار، بمعني تحقيق أشكال من التحالفات والائتلافات والتنسيق والعمل المشترك بين جميع التنظيمات والجماعات اليسارية، أمر لا يحتمل التأجيل مهما كانت العقبات والمصاعب، وعلي القيادة الجديدة للتجمع أن تأخذ المبادرة والخطوة الأولي بمجرد انتهاء المؤتمر العام السابع للحزب.