ما موقف حزب الجبهة الديمقراطية من الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلي للقوات المسلحة مؤخرا ، وما رؤيته المستقبلية للحياة السياسية في ضوء الأحداث والتطورات علي الساحة. عن هذه الأسئلة وغيرها، يدور الحوار التالي مع د. إبراهيم نوار القائم بأعمال الأمين العام لحزب الجبهة. ما تقييمك لخطوة الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة مؤخرا؟ هذا الإعلان عليه عدد من الملاحظات أولها كيف يأتي إعلان دستوري يضم 63 مادة ليكون بمثابة دستور مؤقت دون أن يستفتي عليه الشعب في حين تم الاستفتاء علي تعديلات لتسع مواد فقط، فكان من الأولي أن يحدث الاستفتاء عليه وإن كان في الحقيقة المواد ال63، ما هي إلا مواد مأخوذة من الدستور القديم وليست تعديلات لها، فمثلا رغم إسقاط بعض السلطات الممنوحة لرئيس الجمهورية في الدستور لكن السلطات الممنوحة للمجلس العسكري في هذا الإعلان تعادل سلطات الرئيس ويمكن تفوقها، فالمجلس له سلطة التشريع، وكذلك السلطة التنفيذية وله أيضا سلطة الاعتراض علي القوانين. مع كل هذه الملاحظات لماذا لم تأخذ الأحزاب موقفا واضحا من الإعلان؟ للأسف الشديد كل الأحزاب الموجودة حاولت عقد صفقات لصالحها الشخصي وهو ما وضح ليس بعد أحداث الثورة، وإنما خلال أيام الثورة فرغم وجود تلك التحفظات علي الإعلان الدستوري وقرارات المجلس الأعلي للقوات فإن بعضاً من هذه الأحزاب والقوي السياسية دخلت في حوار وطني ولذلك فأنني أطالب الآن تلك القوي السياسية المدنية بأن تتوحد وتتفق أكثر من أي وقت مضي حتي يكون هناك عامل مشترك يتم العمل من خلاله لأن أي انقسامات داخل هذه القوي في هذا الوقت أمر مرفوض إذا كنا نتحدث عن مصلحة مصر وليس مصلحة حزب معين. تحالف سياسي معني كلامك إن التحالفات قد بدأت؟ يمكن أن نصف ما يحدث حاليا بمحاولات عقد صفقات ولكن التحالفات بالمعني المعروف لم تظهر حتي الآن بوضوح وفي حالة ظهورها أتمني أن تكون تحالفات سياسية مبنية علي أرضية سياسية وليست فقط أرضية ايديولوجية لأن السياسة هي أساس العمل علي الساحة حاليا. ما رأيك في الإعلان عن ميعاد الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية؟ في الظروف الطبيعية تكون الانتخابات البرلمانية أولا ثم تأتي بعدها الرئاسية ولكن نحن في ظروف طارئة ليست عادية لذلك كان لابد من وجود هيئة تأسيسية تضع الدستور أولا ثم تجري علي أساسه الانتخابات البرلمانية ولذلك رفضنا الاستفتاء علي التعديلات الدستورية الأخيرة، وطالبنا بدستور جديد فلا يصح أن نستفتي علي الشيء المؤقت وغير المستمر، فالطريقة كانت فاسدة من الأساس! لجنة مشوهة وصفت اللجنة التي جاءت لإجراء التعديلات الدستورية بأنها مشوهة ماذا كنت تقصد؟ هذه اللجنة بها عوار شديد فكيف تكون لجنة أساس عملها يتطلب العلانية والشفافية، وتكون قائمة علي الحوار المجتمعي الوطني وتكون جلساتها سرية، وهو ما يمكن وصفه بأنه «كلام فارغ» ومن عجائب تاريخ مصر، بالإضافة إلي أنه من الطبيعي ان تتضمن هذه اللجنة أفرادا منتخبين وبعضا من الخبراء لتنظيم تلك التعديلات، وهو ما لم يحدث فقد وصلت توجيهات من أفراد غير منتخبين لهذه اللجنة وهم أعضاء المجلس الأعلي، ثم عمل الخبراء وفق هذه التوجهات للمواد المطلوب تعديلها بالأخص. تيارات دينية ما تفسيرك للقصور الإعلامي في تغطية أحداث هذا الاستفتاء؟ كانت هناك تعليمات واضحة وشديدة لوسائل الإعلام بعدم التعرض لهذه التعديلات إلا فيما يخص التركيز علي المادة (77) والخاصة بمدة ولاية رئيس الجمهورية فقط، وهو ما يعني التعتيم الإعلامي المتعمد لتضليل الرأي العام. ما رأيك في الظهور الواضح للجماعات والتيارات الدينية مؤخرا علي الساحة السياسية؟ في أعقاب أي ثورة في أي بلد علي نظام شمولي أو دستوري تظهر الجماعات والتيارات الدينية علي وجه التحديد حيث خلط الدين بالسياسة واستخدام دور العبادة في الدعاية السياسية وكذلك الشعارات الدينية، وهو ما يقود الشعب في حقيقة الأمر بعيدا تماما عن السياسة، وما يجب أن يحدث فعليا من تغييرات حقيقية حتي يصبح الرأي العام مشغولا بأمور تخص هل حرق الأضرحة حلال أم حرام؟ وليس مشغولا باختياره للمرشح الحقيقي والصحيح والمناسب له، وهذا يعني أن هذه التيارات تحاول خلق معركة ليست لها معني وليس هذا وقتها حتي نرجع للعصور الوسطي مرة أخري، ولذلك نأكد أن خلط الدين بالسياسة أخطر شيء علي البلاد في الفترات القادمة. حوار وطني ولماذا لا تدعو الأحزاب لحوار وطني في هذا الشأن؟ لقد أرسلنا فعلا رسالة لمشيخة الأزهر ومشيخة الطرق الصوفية نطالبهما باستعادة دورهما في توعية الرأي العام من هذا الخطر القادم، ونلفت نظر الأزهر إلي تراجع دوره في العشر سنوات الأخيرة نتيجة أنه أصبح جزءا من الدولة، وهو أمر مرفوض فالطبيعي أن يكون مستقلا ولكن الأخطر هنا هو سيطرة الوهابيين علي الأزهر من الداخل ، فنحن لم نقم بالثورة من أجل لبس الجلاليب القصيرة أو حرق الأضرحة. القوانين المكملة ما رؤيتك للقوانين المكملة للدستور والتي من ضمنها قانون الاحزاب ومباشرة الحقوق السياسية؟ كلها قوانين لايزال فيها الكثير من العوار ويجب إعادة النظر فيها فأي قانون يتعارض مع القيم الإنسانية أو قيم الدولة المدنية الديمقراطية مرفوض وجميعها سيتم تعديلها في حالة انتخاب مجلس شعب صحيح بشروط النزاهة والشفافية لأنه إذا لم يتم ذلك سيكون هناك برلمان مشوه وضعيف. أما عن قانون إنشاء الأحزاب ففي اعتقادي ضرورة ترك الحرية كاملة لمن يريد إقامة حزب فلابد إلا يخضع مستقبل الأحزاب لأي قيد أو شرط والأهم هو أن بقاء أي حزب داخل البرلمان لن يأتي إلا عندما يكون له فكر وقضية يدافع عنها حتي يمكن الاستمرار في الحياة السياسية. وماذا عن قرار تجريم الاحتجاجات والاعتصامات؟ هو قرار مرفوض فالتجريم يقف حائلا للحريات ولكن المطلوب هو تنظيم الاعتصام فقط، بالإضافة إلي إنه من حق المعتصمين حمايتهم في اعتصامهم مادام سلميا، فالأمن ليس دوره منع أي مظاهرة، كما كان يحدث ففي الدول الديمقراطية دوره حماية المظاهرة ومتابعة خط سيرها فقط. أهداف الثورة في رأيك ماذا تحقق من أهداف الثورة حتي الآن؟ الثورة اسقطت رأس النظام وحلت مجلسي الشعب والشوري واسقطت حكومة شفيق وكلها من الانجازات المادية الملموسة لها في حين نجد هناك إنجازات أخري غير ملموسة إلا وهي أنها اسقطت حاجز الخوف لدي الشعب وجعلته يشعر بقيمة نفسه وبأنه قادر علي صنع سياسة بلده. ملف الحوض ماذا عن رؤيتك لملف حوض النيل باعتبارك أحد المهتمين؟ لقد ارتكبنا جريمة ضد هذا الملف وأطالب فايزة أبو النجا بترك مكانها باعتبارها جزءا من الأزمة ومعها كل الأجهزة التي كانت معنية به والتي أجرمت في حق مصر ودول الحوض خاصة في ظل التعامل بسياسة الاستعلاء الشديد والتي مازلنا نتعامل بها حتي الآن حيث «السادة والعبيد» ولم نحترم حقيقة أن النيل شريان الحياة وإنه قادم من هذه الدول والحل هو إعادة بناء علاقات ودية مرة أخري مع هذه الدول وبشكل سليم بالإضافة إلي محاولة الاستفادة من الفاقد من مياه النيل بشكل يفيد جميع الأطراف وعلينا الاستفادة بالسياسة كطرف في الملف للخروج من عنق الزجاجة.