«مائة خطوة من الثورة.. يوميات من ميدان التحرير» هو عنوان الكتاب الذي صدر هذا الأسبوع للروائي أحمد زغلول الشيطي عن دار ميريت للنشر، وهو عبارة عن تجربة عاشها الكاتب في ميدان التحرير أيام ثورة 25 يناير، فيستعرض المؤلف في مقدمته للكتاب والتي يسمي فيها أحداث الثورة بأنها قدمت «بلاغة جديدة» يستعرض أهم مطالب الشباب في بدايتها حيث حملت شعاراتهم المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية وحل مجلس الشعب ومحاسبة الفاسدين. وتميزت الروح التي خرجوا بها بأنها كانت خارج «العمل المؤسسي الذي يقصف الروح ويدجنها علي انتظار عبثي، فقد كانوا يراهنون علي تطابق القول والفعل، علي الحلم بإمكانيةالتغيير». تبدأ اليوميات التي يضمها الكتاب بيوم 3 يناير «قبل الثورة» حيث نشر خبر يدعو إلي المشاركة في وقفة احتجاجية بالشموع السوداء لمدة ساعة احتجاجا علي تفجير كنيسة القديسين، وفي الوقفة تسابق المشاركون في إشعال الشموع، رغم محاولات «الأمن» المستميتة في إسكات الناس، الذين واصلوا مسيرتهم حتي وصلوا إلي الواجهة الجانبية لمبني حزب التجمع، حيث امتلأت بالكونة الحزب بالمشاركين أيضا الذين رددوا هتافات تدعو للمواجهة. الأيام الأولي ويكتب المؤلف يوم 25 يناير عن الأيام الأولي للثورة مشيرا إلي أن كتابة «اليوميات» أمر صعب للغاية فكتابتها تتضمن التعامل - علي حد تعبيره- مع مادة ملتهبة في طور التشكل وأنا أفضل الانتظار، لظني أن الانتظار مدعاة لصفاء المادة من الشوائب ، وللمزيد من التأني والفهم». ويقدم المؤلف وصفا للأحداث حيث تم تطويق الشوارع بوسط البلد بقوات اضافية من الأمن، وبحواجز حديدية اضافية منذ صباح الثلاثاء 25 يناير، وعند الساعة الثانية ظهرا كانت حركة السيارات قد منعت تماما من الشوارع المؤدية إلي ميدان التحرير، وتم إغلاق شارع قصر النيل بحواجز حديدية ما بين جروبي والخطوط الجوية الفرنسية، وأغلق شارع طلعت حرب بحواجز حديدية » لكن الشباب دخلوا الميدان وهم يهتفون أمام صف الجنود «سلمية.. سلمية» ومن اللحظة الأولي أعلن المتظاهرون أنهم سيبيتون في الميدان في ليلتهم الأولي. ويورد المؤلف رأيه في الثورة في بدايتها حيث يقول : «كتبت صباح اليوم التالي علي الفيس بوك : «إنهم ثوار ثورة غير قابلة للتأسيس، وبالتالي فهي غير قادرة علي التكلس والسقوط في الرتابة»، لكنه يعلن أن يوما بعد يوم بدأ يتغير وجه الحياة في الميدان، فكتب نصا انشائيا أسماه «سجل مدني ميدان التحرير» يقول من خلاله : «إنه من الآن في ميدان التحرير يمكن استخراج شهادة وفاة، أو شهادة ميلاد، أو بطاقة شخصية، أو تغير محل اقامة أو تغيير مهمته في أقل من ثانية، دون حاجة إلي أوراق أو أجهزة كومبيوتر، أو طوابير انتظار، أو تقديم ايصال كهرباء ، أو شهادة من اثنين من الموظفين الرسميين، ودون ضامن، أو شهادات فقد، أو محاضر في أقسام الشرطة، ففي الميدان في هذه اللحظة بالذات يقوم رواد الميدان الذين وفدوا إليه يوم 25 يناير 2011 بإنشاء وتشغيل أكبر مكتب سجل مدني في مصر، هو سجل مدني ميدان التحرير القائمون عليه شباب في العشرينيات، خريجو جامعات ومدارس ومعاهد متوسطة ، وأنهم يرغبون في تحرير شهادة وفاة للسلطة الشائخة، وتحرير شهادة ميلاد للجميع». أمل جديد ويصف الشيطي الميدان قائلا: «لا شيء هادئ في ميدان التحرير» واصفا الوقفة المليونية التي كانت في اليوم الثامن للتظاهر. حيث علت هتافات مثل «حسني مبارك مش هيغور احنا قاعدين تسع شهور». ويعبر الكاتب عن شعوره مع تطور الأحداث قائلا: «كنت أذهب إلي الميدان كصلاة يومية في ساحتهم، ساحة التحرير، وأشعر أن البلد يعاد صنعها، وأن هذه الوقفة لن يمكن لها أن تتكرر في حياتنا، ولا في حياة أولادنا، وبالتالي إما أن يجتث النظام الفاسد الآن، وإما إلي الذل الأبدي، كان هناك وعي بأن النظام سيخرج أشد شراسة، وإنه سيسعي إلي الانتقام من معارضيه». ويصف المؤلف اليوم الحاسم في الثورة يوم 11 فبراير والمعروف بيوم «التنحي» اللحظة التي أعلن فيها عمر سليمان خبر تنحي مبارك عن الحكم بلهجة تراجيدية. مضيفا : «أعتقد أنني لم أسمع البيان كاملا، أو أن البيان تجمد عند كلمة «تخليه» لأنني ربما طرت، أو قفزت، أو سرت، وربما تجمدت، لأنني في زمن لا أقدره، أظنه غير قابل للتقدير». وبعد :فالكتاب مكتوب بلغة أدبية مضمخة بعبير اللحظة وبنزقها وألقها الذي لن يتكرر، عبر كتابة حية وشهادة موضوعية عن أحداث الثورة وتفاصيلها الصغيرة. جدير بالذكر أن المؤلف قد صدر له من قبل رواية «ورود سامة لصقر» وثلاث مجموعات قصصية هي «شتاء داخلي» و«عرائس من ورق» و«ضوء شفاف ينتشر بخفة».