مابين الساعة 12 و1 بعد منتصف الليل كنت بالشقة في شارع قصر النيل، حتى والنوافذ مغلقة كنت اسمع صوت إلقاء القنابل المسيلة للدموع بكثافة، وصوت إطلاق رصاص وأصوات صراخ وهتاف جماعي. فتحت النافذة استنشقت رائحة الغاز على الفور ورأيت أعدادا من المتظاهرين قادمين من ميدان التحرير، ورأيت بعضهم يحملون مصابين ويحاولون البحث عن نجده بالصراخ وبالمحاولة مع الهواتف المحمولة التي لا تستجيب بسبب التشويش عليها، منذ الخامسة مساء وأنا في الميدان كان يمكن رؤية شبان وفتيات تدور أعمارهم حول العشرين شعاراتهم بسيطة وجذرية وبلا حسابات تحذف الترهل والرطرطه أمامها، كان البعض من محترفي العمل السياسي يرون أن هؤلاء الشبان مجانين كيف يصرون على المبيت في الميدان دون تخطيط مسبق ودون ترتيب لمسألة الإعاشة وتحديد مطالب، لقد كان هذا هو جوهر ما خرج عليه هؤلاء الشبان، العمل المؤسسي الذي يقصف الروح ويدجنها على انتظار عبثي، كانوا يراهنون على تتطابق القول والفعل، على الحلم بإمكانية التغيير، هنا والآن، هل تلاقى البعض من محترفي العمل السياسى مع نجاح آلة القمع عند منتصف الليل؟ يوم 25يناير2011 هو يوم اكتشاف بلاغة جديدة غير قابلة للتأسيس.