محافظ كفر الشيخ يكرم 47 طالبًا من الحاصلين على دورات الI iCDL    نائب محافظ المنيا يستعرض خطط وأنشطة المديريات لتفعيل مبادرة "بداية"    برلماني: الميناء الجاف بمدينة العاشر من رمضان نقلة نوعية في مجال النقل    وزير الاستثمار: أولوية خاصة للاستثمارات اليابانية وبرامج الأمم المتحدة الإنمائية    مجلس النواب يوافق على مشروع قانون بإنشاء ميناء جاف بنظام المشاركة مع القطاع الخاص    وافي: قطاع البترول كان سباقا في تنفيذ برنامج التطوير والتحديث    ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على محيط مستشفى «الحريري» إلى 13 شهيدا    بعد وصول نظام «ثاد» إلى إسرائيل.. ما الفرق بينه وبين «إس-400» الروسي؟    أبو الغيط يستقبل المبعوث الأممي لليمن ويؤكد دعم الجامعة العربية لجهود خفض التصعيد    إنفراجة نسبية في أزمة محتجزي الزمالك بالإمارات    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وبوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا.. والمعلق    لاعبة منتخب الاسكواش تدعم محمد صلاح من «آنفيلد»    فوز 4 مصريين في انتخابات اللجان الفنية للاتحاد الدولي للترايثلون    «الطب الشرعي» يكشف نتائج عينة تحليل المخدرات للاعب أحمد فتوح    بعد التحرش بطالبات مدرسة.. رسالة مهمة من النيابة الإدارية للطالبات (تفاصيل)    مصرع شاب صعقا بالكهرباء داخل سوبر ماركت في أكتوبر    «قبل ضبطهم متلبسين».. إحالة عاطل وعامل وسائق إلى المفتي بتهمة قتل أمين شرطة بالقليوبية    «قصور الثقافة» مهرجان أسوان مع تعامد الشمس على معبد أبو سمبل قدم صورة مشرفة    لقاءات تثقيفية وورش فنية متنوعة للأطفال بثقافة الإسماعيلية    حركة حماس: ما تشهده جباليا وبيت لاهيا انتهاك صارخ لكل القوانين    المؤتمر العالمي للسكان يناقش مستقبل خدمات الرعاية الصحية من خلال الابتكار والتكنولوجيا    تحذير طبي.. المياه الغازية والوجبات السريعة خطر على صحة العيون    أريد التوبة من المعاصي ولا أستطيع فماذا أفعل؟ .. أمين الإفتاء يجيب    دار الإفتاء: لا يوجد في الإسلام صداقة بين رجل وأجنبية    حقيقة الفيديو المتداول بشأن إمداد المدارس بتطعيمات فاسدة.. وزارة الصحة ترد    الرعاية الصحية: انجاز 491 بروتوكولًا إكلينيكيًا ل الأمراض الأكثر شيوعًا    وزيرة التضامن تشارك في فعاليات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة    أيمن الشريعي: الأهلي المنظومة الأنجح ولكن لا يوجد أنجح مني    ضبط 271 مخالفة خلال حملات تموينية مكبرة على المخابز والأسواق بالمنيا    حفل هاني شاكر في مهرجان الموسيقى العربية الليلة «كامل العدد»    وزيرا الشباب والرياضة والتعليم يبحثان التعاون في إطار مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    فيفي عبده تتصدر تريند جوجل بسبب فيديو دعم فلسطين ( شاهد )    مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى يكرم الفنان علاء مرسى    وزير التربية والتعليم يكشف عن إجراءات جديدة لتحسين أوضاع المعلمين وتطوير المنظومة التعليمية في جلسة مجلس النواب    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    بث مباشر.. وزير التربية والتعليم يلقي بيانا أمام الجلسة العامة لمجلس النواب    هل يدفع الاستعراض النووي لزعيم كوريا الشمالية واشنطن لإعادة حساباتها؟    حيلة ذكية من هاريس لكسر ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.. النساء كلمة السر    مشيرة خطاب: خطة عمل متكاملة عن الصحة الإنجابية بالتعاون مع منظمات دولية    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    وزير التعليم :كان لدينا 32 مادة فى الثانوية وأهم 20 دولة يدرسون 6 مواد    واقعة فبركة السحر.. محامي مؤمن زكريا: اللاعب رفض التصالح وحالته النفسيه سيئة    عشرات النواب الأمريكيين يدعون بايدن للسماح بدخول الصحفيين إلى غزة    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    «الأزهر»: دورة مجانية لتعليم البرمجة وعلوم الروبوت للأطفال والشباب    أخواتي رفضوا يعطوني ميراثي؟.. وأمين الفتوى يوجه رسالة    إحالة مسجلين إلى الجنح لاتهامهم بسرقة شركة في المرج    وزير الشئون النيابية يناقش التقرير الوطني لآلية المراجعة الدورية الشاملة أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    سعر أسطوانة الغاز 380 جنيه وتباع ب150| وزير سابق يعلن مفاجأة للمواطنين (فيديو)    جامعة القناة تواصل دورها المجتمعي بإطلاق قافلة شاملة إلى السويس لخدمة حي الجناين    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    أحمد موسى: الكيان الصهيوني ركع أمام البحرية المصرية.. مفاجأة سارة من الإسكان للمواطنين.. تحذير عاجل من الأرصاد الجوية عن الطقس| توك شو    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليسار الأمريكي (12)
نشر في الأهالي يوم 23 - 02 - 2011


الأربعينيات عقد انتصار حركة العداء للشيوعية
مع اقتراب الحرب العالمية الثانية كان الحزب الشيوعي الأمريكي قد اقام لنفسه اوسع قاعدة من الحلفاء الليبراليين ومن اصدقاء النقابات العمالية، متجاوزا في ذلك كل ما أمكنه فعله في هذا المجال وفي اي وقت من الاوقات.
مع ذلك لم يكن الحزب في ذلك الوقت قد حقق نجاحا يذكر في صد موجات خصومه واعدائه المتتالية، ولا استطاع حتي ان يحيد هؤلاء الخصوم والاعداء الذين ظلوا لسنوات يتربصون به بانتظار فرصة لفرض عزلة تامة عليه.
وفي هذا الوقت بالتحديد حدثت داخل الحزب الازمة التي يمكن تسميتها بأزمة ايرل براودر. فقد تم عزل براودر من زعامة الحزب وشاع ان العزل تم نزولا علي رغبة موسكو التي كان لها اعتراض شديد علي بعض مواقفه، وبعد ان اصدر الامين العام للحزب الشيوعي الفرنسي رسالة علنية انطوت علي انتقادات حادة لبراودر. ادت هذه الازمة الي نوع من الالتباس داخل الحزب وخارجه حول مدي استقلالية الحزب ومدي خضوعه لتوجيهات قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي. وصدر نوع من الحكم العام من الراي العام الأمريكي بان براودر انما ازيح من زعامة الحزب لاسباب تكشف "خضوع الحزب لقوي اجنبية".
وعلي الرغم من ان فترة الحرب العالمية الثانية من عام 1939 الي 1945 كانت بمثابة فترة هدنة في المواقف العدائية تجاه الحزب _ وكان ذلك نتيجة تحالف الاتحاد السوفييتي مع الولايات المتحدة ومعسكر الحلفاء ضد ألمانيا ومعسكر المحور - لكن الحزب خرج بعد هذه الفترة اضعف مما كان قبل الحرب. ولم ينجح في تجاوز ازمة ازاحة براودر ولم يحقق رغبته في ان تبدو قيادته الجديدة قوية ومتماسكة. ذلك ان عمليات الطرد والتطهير استمرت بالنسبة لاعضاء كثيرين، كما سادت حالة من المرارة والسخرية لدي اعضاء قضوا سنوات طويلة في الحزب. وتصف "موسوعة اليسار الأمريكي" هذه الحالة بقولها "إن اخلاقيات اليسار واجهت فيضانا من اخلاقيات الطبقة المتوسطة واخلاقيات خصوم الشيوعية المتواطئين ضدها". وقد حدث هذا "في وقت كان الحزب يواجه فيه تأثيرات الحكم القمعي في روسيا وبلدان اوروبا الشرقية وبشكل عام القيود والضوابط الستالينية علي الحقوق والحريات المدنية".
وتبين للحزب في تلك الظروف ان تحقيق تحول حقيقي من جديد نحو الاخلاقيات والمبادئ اليسارية بصورة سريعة كان امرا مستحيلا او شبه مستحيل علي اقل تقدير.
كانت الحرب الباردة بين المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي قد بدأت، او بالاحري استؤنفت فور انتهاء الحرب العالمية الثانية دون اي انتظار. وبدأت تظهر مع علامات الحرب الباردة بوادر الحملة المنظمة ضد الشيوعية والشيوعيين الأمريكيين، ليس فقط من جانب المنظمات اليمينية، بل من جانب الوكالات الرسمية الحكومية وبمشاركة القوي والتنظيمات الليبرالية التي كانت تتعاطف مع مواقف اليسار السياسية والاقتصادية - الاجتماعية في السابق. وهكذا بدأت حملة طرد الشيوعيين من منظمات مثل "الأمريكيون من اجل العمل الديمقراطي". وبالمثل بدأ الاتحاد العام للعمال الأمريكيين عملية "ازالة لمراكز النفوذ الشيوعي" من تنظيماته المركزية والفرعية. وكان الهدف المعلن لهذه الحملة وشبيهاتها "تهميش دور المؤمنين بالشيوعية".
ردا علي هذه الحملات المنظمة والقوية قاد الحزب الشيوعي الأمريكي جهدا قويا ضد الحرب الباردة في القطاعات المختلفة علي امل اعادة روح الوفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، كذلك اعادة النظرة الايجابية والوئام الي الشخصيات اليسارية. وفي هذا الصدد قامت منظمة "مواطنو أمريكا التقدميون" بنشاطات عديدة جندت فيها شخصيات شهيرة وذات ميول تقدمية - منهم عدد من نجوم السينما والغناء والمسرح - لمناهضة سياسات الرئيس هاري ترومان انذاك التي كانت مزيجا من الاصلاحات الداخلية والعدوانية الخارجية. وعندما اقترب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية التالية في عام 1948 وضع الحزب كل تأييده بلا تحفظ وراء حملة المرشح المستقل هنري والاس. وكان من نتيجة هذا العمل اليائس ان دفع الحزب ثمنا غاليا من شعبيته بعد هزيمة والاس القاسية امام الرئيس ترومان. وكان من نتائج هذه الهزيمة ان اجبر عدد من المنظمات المتعاطفة مع اليسار علي الانتقال الي صفوف اليمين لتنأي بنفسها عن اي علاقة وثيقة مع الحزب الشيوعي. وواجه الذين بقوا علي تعاطفهم او تاييدهم للحزب الشيوعي عقوبة الطرد من تنظيماتهم، بما فيها النقابات العمالية.
في هذا الوقت بدأت في الظهور اساليب الحملة الحكومية التي حملت في التاريخ الأمريكي اسم "الذعر الاحمر" ولم تتاخر عن استخدامها منظمات رجال الاعمال والشركات والمؤسسات المملوكة لهم. وعلي الفور بدأت حملة الاستجواب لكل من يشتبه في ميله لليسار من جانب مكتب التحقيقات الاتحادية (اف.بي . اي. ،اي المباحث الجنائية) وقد شبهت عمليات الاستجواب بعملية الشواء علي النار. واتسعت العملية لتشمل الاقارب والاصدقاء والمعارف والزملاء ولتشمل مراقبة التليفونات والبريد. وقد صاحبت ذلك كله حملات المنظمات اليمينية وصيحاتها بضرورة التعامل مع "الحمر" بكل الشدة الممكنة. ولم تكن الاجهزة الرسمية بحاجة الي تحريض.
بوجه عام اتخذ الحزب الشيوعي اتجاها بعيدا عن تأييد المرشحين المستقلين في كل انواع الانتخابات نتيجة للهزيمة التي مني بها والاس. وفي الوقت نفسه بدأت حركة هجرة واسعة النطاق من جانب الافراد من التنظيمات اليسارية او التي عرف عنها الميل الي اليسار، كذلك بدات عملية هجرة جماعية من نوع اخر من جانب التنظيمات التي كانت تأخذ مسارا يساريا بدرجة او باخري، معلنة لنفسها مواقف "مستقلة". بالنسبة لهؤلاء الافراد ولهذه التنظيمات كف الحزب الشيوعي عن كونه "مركز القوة للسياسات التقدمية".
باختصار كانت حركة العداء للشيوعية قد اكتمل بناؤها في القطاعين العام والخاص. وجاء ذلك في وقت اصاب فيه الحزب في نهاية عقد الاربعينيات من القرن العشرين اقصي درجات الضعف. ساعد علي ذلك الموقف المبدئي المفهوم من جانب الحزب ضد الحرب الكورية التي بدأت مع بداية العقد الخامس من القرن واستمرت لثلاث سنوات. فقد استخدمت حركة العداء للشيوعية هذه المعارضة للحرب علي انها دليل جديد علي ولاء الشيوعيين الأمريكيين لموسكو واعتبارهم "طابورا خامسا" يقوم باعمال هدامة ضد الدفاع الوطني الأمريكي. وفي هذا الجو العام استمرت حملات الصحافة التقليدية الأمريكية (التي تسمي في الولايات المتحدة "صحافة المؤسسة") في اطلاق مانشيتات معادية للشيوعيين واليسار بوجه عام من نوع "المباحث الجنائية توجه ضرباتها ضد 20 الفا من الحمر". وزاد الطين بلة عند ظهور قضية الزوجين الشيوعيين روزنبرج اللذين اتهما بنقل اسرار القنبلة الذرية الي الاتحاد السوفييتي، ثم ادانتهما واعدامهما. وكان انتصار الشيوعيين في الصين علي حلفاء أمريكا بصورة نهائية وقيام جمهورية الصين الشعبية عاملا اضافيا لزيادة حملات الكراهية ضد الشيوعيين في أمريكا والعالم. وقد ادت هذه الحملات الي الزج بالآف الشيوعيين في السجون والمعتقلات ابتداء من الولايات المتحدة غربا الي المالايو شرقا.
لكن الامر الجدير بالاعتبار ان كل حملات القمع ضد اليسار الأمريكي كانت قد بدات واتسعت واكتسبت اقصي درجات الحدة حتي قبل ان تظهر "المكارثية" لتمارس هذا القمع من خلال استجواباتها للمسئولين المدنيين والعسكريين خاصة في وزارتي الخارجية والدفاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.