يوم الاحد الماضي شهدت مصر ما يقرب من 50 احتجاجا عماليا في عدد كبير من القطاعات خاصة الغزل والنسيج وشركات الاسمنت والبترول والنقل العام و عدد من البنوك خاصة "الاهلي" و"مصر" و"المصرف المتحد"وغيرها تطالب بعودة دور الدولة وإلغاء الخصخصة وتدعو ايضا الي مساواة في الحقوق و حياة اجتماعية عادلة تتمثل في تثبيت العمالة وأجور تتناسب مع الاسعاروصرف الحقوق المالية المتأخرة. وإذا كانت المجموعة الاقتصادية بحكومة أحمد شفيق تنوي فتح ملف بيع شركات القطاع العام خلال فترة الخصخصة منذ عهد الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق، عن طريق مراجعة جميع عقود البيع التي تم علي أساسها بيع تلك الشركات بشأن تقييم الأصول وتقدير القيمة في عقود البيع وتشمل تلك الشركات عز الدخيلة وعمر أفندي إضافة إلي عدد آخر من شركات القطاع العام التي تم بيعها لمستثمر رئيسي سواء مستثمرا عربيا أو أجنبيا أو مصريا، فهنا يري المستشار مصطفي أبو صافي رئيس لجنة البيع في الشركات القابضة أن احتمالات فتح ملف بيع شركة حديد الدخيلة التي تم بيعها لأمين التنظيم السابق بالحزب الوطني قوية الآن بعد صدور قرار النائب العام بمنعه من السفر والتحفظ علي ثروته، موضحا أنه في حال الكشف عن وجود أخطاء قانونية في عملية البيع فمن حق الحكومة استرجاع الشركة والاستحواذ عليها والرجوع عن العملية برمتها ، فمعروف أن أحمد عز دخل في الشركة كمستثمر رئيسي عام 1999، وكانت تعرف سابقاً باسم شركة "الإسكندرية الوطنية للحديد والصلب".مصطفي أبو صافي يري أيضا أن هناك شركات كثيرة من شركات القطاع العام تم بيعها بصورة أضرت بأموال الشعب وتم تقديرها بأسعار أقل من السعر الحقيقي في ظل سياسة الخصخصة وبيع القطاع العام في عهد حكومة عاطف عبيد، وأن فتح ملف الشركات المبيعة سيكشف العديد من المخالفات في البيع وهذه القضايا لا تسقط بالتقادم، وبالتالي يعود المال العام للشعب. رأي الخبراء وبنظر سريعة علي رؤية بعض الخبراء حول انهاء حالة الخصخصة وعودة الشركات التي جري بيعها بشكل مخالف الي القطاع العام خاصة بعد بيان ل7 شركات مختلفة طالبوا فيه المسئولين بضرورة الانتهاء من تنفيذ الاحكام الصادرة والمطالب والوعود التي صرحوا بها وذكر العمال في بيان مشترك أنهم عمال شركات أمونسيتو وسالمكو والمعدات التليفونية والنصر للسيارات وتليمصر والشركة العربية الأمريكية وطنطا للكتان والزيوت أنهم يطالبون بعودتها إلي القطاع العام ، وقال هؤلاء العمال انهم يجهزون مذكرة تفصيلية سوف يرسلونها الي المجلس الاعلي للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع، وهنا تقول د. ليلي الخواجة أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: إن خطة الحكومة كانت تعتمد علي بيع الشركات الرابحة أولا لجذب المستثمرين، الأمر الذي يعني أن الدولة تبقي لنفسها الشركات الخاسرة، التي تكلفنا سنويا 1ر3 مليار جنيه أي 20% من قيمة كل ما تم بيعه من شركات ويعني أنه بعد خمس سنوات ستكون مصر خسرت كل أموال الخصخصة، إذا استمرت في هذه السياسة. وأكدت د. ليلي وجود شبهات في برنامج الخصخصة وغياب الشفافية في عملية تقييم الشركات التي يتم بيعها، وذكرت أن وزارة قطاع الأعمال العام أصرت علي منع الجهاز المركزي للمحاسبات من مراقبة عمليات الخصخصة حتي عام 1999، وسمح له بعد ذلك بالمتابعة بعد أن تم بيع 69% من الشركات!! احمد السيد النجار الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام يري أنه في كل مرة تتم فيها خصخصة احدي شركات القطاع العام تصدمنا الأسعار المتدنية التي يتم بها تقييم الأصول العامة وتتجه أسهم النقد إلي رؤساء الشركات القابضة أو لجان التقييم. وقال د. مصطفي الرفاعي وزير الصناعة الأسبق: إذا كانت الخصخصة هي استجابة لضغوط خارجية أو لتغطية عجز الموازنة فإننا نري أنها علاج وقتي لا يعالج أصل الداء، بيع الأصول هو طريق الاستسهال، العلاج الحقيقي يكون في التنمية وبناء قواعد إنتاج بمؤسسات عصرية توجه لها مدخرات المصريين بالداخل والخارج. وقال د. ابراهيم العسيوي الخبير الاقتصادي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع أن الخصخصة لا تمثل إضافة لجهود التنمية ، فهي مجرد نقل أصل من الأصول من الملك العام إلي الملك الخاص ، دونما زيادة في قيمة هذا الأصل ، ووجود قطاع عام قوي ضروري للتنمية السريعة مثلما هو ضروري للتخطيط الجيد الذي هو أحد متطلبات التنمية الجادة والسريعة ، فالقطاع الخاص أضعف من أن ينهض بمهام التنمية ، والتنمية في بلاد نامية مثل بلادنا لا يمكن أن تترك للسوق ، ودروس التاريخ تفيد أنه لا تنمية دون دور نشط للدولة. المواطنون ايضا يطالبون بعودة الشركات الي القطاع العام والغاء نظام الخصخصة فمنذ أيام قليلة أصدر مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام دراسة عن الفساد، تضم العينة 1737 مواطنا ،أكد 90% منهم أنهم مع دور الدولة في إدارة الاقتصاد ، وهو ما يمثل اعترافاً شعبياً بأهمية دور الحكومة الذي فرطت فيه وتركته للقطاع الخاص مقابل عمولات يكشف عنها التاريخ كل فترة ويعترف بها عدد كبير من المسئولين أثناء عودة الضمير.