خلال الأيام الأخيرة - فوجئ الرأي العام وكذلك الخبراء الاقتصاديون بأن الحكومة قررت فجأة احالة مشروع القانون الجديد للتأمينات والمعاشات إلي مجلسي الشعب والشوري بعد اقراره في مجلس الوزراء، لكن في المقابل مازالت تتحفظ علي مشروع القانون الجديد للتأمين الصحي. وفي الوقت الذي تردد فيه عن عزم الحكومة احالة المشروع إلي مجلسي الشعب والشوري لإقراره خلال الدورة البرلمانية الحالية والأخيرة من عمر مجلس الشعب الحالي- إلا أنها قامت فجأة بسحب المشروع.. وتردد داخل مجلس الوزراء نفسه أن الحكومة لم تقدمه أصلا إلي المجلس. وتبقي القضية المطروحة علي الساحة : هل هناك علاقة بين القانونين الجديدين، التأمينات والمعاشات من جانب والتأمين الصحي من جانب آخر، وما سر إقرار أحد المشروعين وهو التأمينات والمعاشات واحالته إلي مجلسي الشعب والشوري دون الآخر؟!في الحقيقة- أن هناك علاقة وثيقة بين المشروعين. ونتيجة ارتباط كل منهما بالاخر خاصة فيما يتعلق بالأعباء المالية المترتبة في حال تطبيقها فإن هناك محاولات حكومية لإقرار أحدهما أولا وهو الذي يسمح للحكومة باستثمار جزء من أموال التأمينات والمعاشات، علاوة علي تعديل بنود الاستقطاعات المالية من الرواتب والأجور خاصة في القطاع الخاص والاستثماري وحتي الحكومة والسماح بانشاء صندوق استثمار لأموال التأمينات والمعاشات.. وبالتالي فإنه في حال اقرار التأمينات والمعاشات أولا.. فإنه سيكون عاملا أساسيا في تشجيع الحكومة علي الدخول في الخطوة الثانية وهي إقرار قانون التأمين الصحي الذي أثار جدلا شديدا في الأوساط الحزبية والسياسية وبالتحديد حزب التجمع الذي كان دائما صاحب السبق فيما يتعلق بمشروع قانون التأمين الصحي الجديد. وطبقا لما قاله أحد المسئولين في الحكومة ل «الأهالي»: هذه الحالة متعمدة.. بل من شأنها إفراز انكار ليس شرطا أن تعلن الحكومة علي الملأ قبولها.. ولكن لابد من أخذها في الاعتبار خاصة أن هناك آراء تطرح في وسائل الإعلام جديرة بالاحترام علي حد قول المصدر. لكن لماذا كل هذا اللغط حول قانون دون الآخر.. وبالتحديد حول التأمين الصحي دون نفس الحملة فيما يتعلق بالتأمينات والمعاشات. تشير المعلومات إلي أن هناك فارقا بين الاثنين ، أحدهما من شأنه زيادة حصيلة المعاشات والتأمينات والآخر يحمل الحكومة أعباء مالية. وبالتالي فإن الثاني يعتمد علي الأول والتأمينات والمعاشات وبصورة أساسية . وتشير المعلومات إلي أن المشكلة الأساسية في تأجيل مشروع قانون التأمين الصحي الجديد تتمثل في الدراسات الاكتوارية اللازمة لضمان استمرارية المشروع، خاصة أنه يتضمن جميع فئات الشعب العاملة وحتي المتعطلة منه، وبالتالي فإن هذا المشروع يحتاج في بدايته إلي حوالي 30 مليار جنيه علي أقل تقدير في الوقت الذي لا تزيد فيه مخصصات وزارة الصحة من الموازنة العامة للدولة علي 13 مليار جنيه، وبالتالي من أين ستأتي وزارة الصحة بالمبالغ المتبقية في المرحلة الأولي، وكشفت مصادر مسئولة ل «الأهالي» أنه لابد من البحث عن آليات يمكن من خلالها أن يقوم القادرون والاغنياء بتمويل خدمات غير القادرين. لكن النقطة الأهم والتي تحاول الحكومة وضعها في الاعتبار هي ارتفاع متوسط الأعمار في مصر وبالتالي لابد أن تراعي الدراسات الاكتوارية كل هذه الجوانب. وأخيرا كما قالت المصادر- مشكلتنا الآن في الدراسات الاكتوارية لمشروع التأمين الصحي. وفي المقابل- كما قالت المصادر إن هناك مشكلة أخري تتمثل في وجود فئات وشرائح في القطاع الاستثماري وحتي الحكومي تتقاضي عشرات الآلاف كرواتب شهرية. لكن للأسف فإنه طبقا لقواعد التأمين الصحي المعمول بها في مصر الآن فإن نسبته في هذا التأمين وحتي نسبة صاحب العمل وكذلك المعاشات يتم استقطاعها علي حساب أساسي الراتب، فهل يعلم الناس أن هناك فئة تحصل مثلا علي عشرة آلاف جنيه راتبا شهريا لكن الاستقطاعات تتم علي أساس الراتب؟! ونتيجة هذه القضية - لم يخف رئيس الوزراء د. أحمد نظيف خلال الاجتماعات التي عقدها علي مستوي الوزراء المعنيين بإعداد المشروعين تخوفاته من طريقة عرضهما علي الرأي العام علي اعتبار أن لغة د. يوسف بطرس غالي وزير المالية في عرض مثل هذه الأمور غالبا ما تسبب نوعا من القلق بين المواطنين، ويكفي ما حدث خلال تطبيق قانون الضرائب العقارية ، لأن الناس عندهم الآن حساسية من النسب المئوية. فلا يجوز أن نقول إن من يحصل علي راتب كذا يدفع كذا في المائة، مثلما كان في الضرائب العقارية. ولكن طلب من وزير المالية عبر مخاطبة المواطنين أن يستخدم لغة الترغيب والتشجيع بمعني أن من يحصل علي راتب قدره 800 جنيه وكان يدفع مائة جنيه سوف يدفع 110 جنيهات مثلا علي كامل الراتب وليس الأساسي مثلما كان في السابق. وكشفت المصادر أن التأمينات والمعاشات والخطوة الأساسية في سبيل الانتهاء من مشروع قانون التأمين الصحي بغض النظر إذا كان في هذه الدورة أو غيرها.. لماذا؟ يؤكد المصدر أن قانون التأمينات والمعاشات يتضمن حق استثمار 80% من قيمة صناديق المعاشات في استثمارات علي شكل أوراق مالية حكومية في حين يمكن استثمار النسبة الباقية 20% من خلال لجنة يطلق عليهم اسم مجلس استثمار اموال المعاشات لضمان تحقيق عائد يحقق التوازن ومن حق المؤمن اختيار نظام لتحسين قيمة معاشه. كما يضمن النظام الجديد وضع ألية زيادة المعاشات سنويا لمواجهة نسبة التضخم دون الاعتماد علي الخزانة العامة.