خطايا حزبنا الحاكم كان من الواضح أن الحرب التي بدأت منذ سنوات ضد حركة التحرر العربي.. سوف تستكمل مهمتها بتمزيق المنطقة إلي دويلات طائفية ومذهبية متناحرة وهشة وكيانات وقبائل متصارعة.. حتي يتحقق الهدف النهائي، وهو تفكيك دول المنطقة وشرذمة شعوبها لضمان تكريس المشروع الاستعماري الصهيوني، وجعل إسرائيل.. القوة الوحيدة الباطشة في هذه المنطقة تحت رعاية وحماية الولاياتالمتحدةالأمريكية. وسارت حكومات الحزب الحاكم- معصوبة العينين- إلي الفخ، لأن كل ما كان - ولايزال- يهمها ويعنيها هو التشبث بالسلطة. دخلت حكومات الحزب الحاكم في سباق مع قوي التطرف الديني الأعمي.. للمزايدة علي التشدد والتعصب، وأصرت علي الزعم بأنه لا توجد مشكلة، وتركت مناهج التعليم وبرامج الإعلام والخطاب الديني في قبضة دعاة تقسيم الأمة والتفرقة بين ابنائها، ووجدت في الدروشة والهيستريا الطائفية ما يبعد الانظار عن خطاياها، ورفضت تقديم أي حل أو الإقدام علي أي خطوة لإقامة دولة مدنية حديثة بل تصرفت علي النحو الذي يؤدي إلي تعزيز القوي الظلامية ودعاة الردة. وهكذا نشأ المناخ العام والثقافي الذي يفرز الاحتقان الطائفي ويسهل عمل الارهابيين . ومنذ أحداث الخانكة حتي جريمة كنيسة القديسين في الإسكندرية - مرورا بمأساة الكشح ومذبحة كنيسة أبو قرقاص ومجزرة نجع حمادي- لم تتحرك حكومات الحزب الحاكم.. ولم تفكر في اتخاذ أي خطوة عملية للدفاع عن الوحدة الوطنية والنسيج الواحد. ظلت مشكلات التمييز واللامساواة بلا حل، وكذلك مشكلات بناء الكنائس أو ترميمها، وأصبحت الصلاة المسيحية داخل أحد البيوت سببا لحالة من الهياج والاحتشاد في مواقع عديدة رفضا لهذه الصلاة! ولم تبذل حكومات الحزب الحاكم أي جهد لترجمة مبدأ المواطنة إلي خطوات محددة عملية أو للتوعية بمفهوم الشعب الواحد. ولم تدرك حكوماتنا أن المؤامرات والمخططات الأجنبية المعادية تتطلب تحصين مصر وتقوية كل أجهزة المناعة لديها.. للتصدي للخطر الزاحف الذي يجتاح السودان والعراق ولبنان واليمن والبحرين والصومال.. وحتي الكويت. وتعلم حكوماتنا أن أي تنظيم إرهابي في الخارج لابد أن يحاول الاستعانة بعملاء يقوم بتجنيدهم في الداخل لتنفيذ جرائمه، ومن هنا أهمية المناخ العام والثقافي الذي يقطع الطريق علي هيستريا التعصب الأعمي وفتاوي الدم والتكفير، ولا يمكن إغفال الدور الأمني، وخاصة إذا كانت ميزانية اجهزة الأمن في بلادنا تصل إلي أرقام فلكية.. إلا أن الملاحظ هو أن النشاط الأمني يعطي الأولوية لحماية الحكام وإجهاض المظاهرات السلمية، كما يحرص علي إرسال طابور طويل من عربات الأمن المركزي لتقف - في حالة تأهب- علي مقربة من موقع أي حزب سياسي شرعي يجتمع في داخله أكثر من خمسة أشخاص!!