"الإتاوة" هنا وهناك.. هكذا هو حال سائقى الميكروباص الذين يعانون من "الإتاوة"، وهى غير "الكارتة" الرسمية، وهو ما يسميه المصريون "يسلط أبدان على أبدان".. فى إيماءة منهم إلى ما يقوم به سائقو الميكروباص من رفع ثمن الأجرة أو معاملة الركاب ببلطجة. هم بلطجية "المواقف" الذين يتواجدون على بعض الطرق، ولا يسمحون بمرور السيارات إلا بعد دفع "المعلوم" كما يقولون، ويكون ذلك تحت تهديد السلاح، وإذا اعترض أحد تؤخذ منه سيارته فورا بأكملها، فما بين الخوف على الحياة والخوف على السيارة يجبر السائقون على دفع "الإتاوة"، وقمنا بمقابلة بعض السائقين فى معظم المواقف وكانت أقوالهم سيئة جدا حيث قال "طارق شوقي" سائق الميكروباص فى موقف رمسيس، أخرج من بيتى الساعة 5 صباحا، أقضى وقتا على الطريق أكثر مما أقضيه فى بيتي، عندى الكثير من المشكلات منها السولار وغيره، وهذا ما اتفق عليه كل السائقين تقريبا، وأيضا "الإتاوة" حيث يكون هناك شاب فى ال 27 من العمر، ولكنه هو وأخواته لا يسمحون لأحد بالمرور دون دفع الإتاوة، وتقدر يوميا بخمس جنيهات، أو جنيه واحد على كل "طلعة" على حد تعبيره. كما أضاف عم "أحمد" أنه اتفق من قبل هو وكل من فى "الموقف"، على الإبلاغ عنه هو وإخواته ولكنهم فيما بعد يترددون خشية من هذا الشاب، مما أدى لقيام هذا الشباب ومن معه بالتعدى عليه بالضرب. كما أشار إلى أن بعض السائقين يتجهون لرفع تكلفة الأجرة على الركاب لكى يقوموا بتعويض ما يأخذه البلطجة فى "الموقف" وهو ما يدخلهم فى الكثير من المناوشات مع الركاب، "نعمل إيه غصب عننا لازم نعوض اللى خده البلطجى فى الإتاوة"، هكذا تحدث طارق عن مشكلاته التى لا يخلو يومه منها. اتفق معه محسن بموقف المنيب، مؤكدا أيضا أن "الإتاوة" هى أكبر مشكلاتهم حيث سبق أن قام كل السائقين بعمل إضراب لمدة أسبوعين للتخلص من هذا الوضع، ولكن كل شيء كما هو ولم يتغير شيء، لذلك قرروا رفع الأجرة على الركاب، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء أو التظاهر! كما أضاف محسن أن قيمة المخالفات والغرامات، تتجاوز سعر السيارات، ورغم حالة الفراغ الأمنى التى يشهدها الشارع فى الفترة الأخيرة غير أن سائقى سيارات الأجرة يجدون أنفسهم مجبورين على دفع الغرامات دون اعتراض، وهذا يجعلهم دائما فى حالة غضب لعدم حل هذه المشكلات. ومن جانبه، قال محمد أحمد، سائق بموقف عبدالمنعم رياض، إنه لا يوجد موقف خال من أخذ "الإتاوة" والبلطجية، فعلى سبيل المثال يوجد الكثير منهم بالقرب من زهراء مدينة نصر على الطريق الدائري، وموقف العاشر، لا يستطيع أحد أن يمر دون دفع الإتاوة، وعلى كل سائق أن يدفع 4 أو 5 جنيهات على كل الوردية وربما أكثر، وإذا رفض أحد الدفع يمنع من العمل داخل الموقف، ولا يستطيع أحد أن يعترض على هذا لأن بحوزتهم أسلحة. وقال حمادة سعيد، هناك كثير من الضغوط الواقعة على عاتقي، بدءا من أسرتى التى تحتاج إلى المال لسد احتياجاتهم، مرورا ببلطجية الموقف الذين يفرضون على الإتاوات، ولا أستطيع أن أرفض حتى لا أتعرض إلى الخطر. بينما قال "خالد إبراهيم"، إن السائقين يتشاجرون كثيرا مع البلطجية فى الموقف، ونتيجة ذلك يتعرض الكثير من السائقين لتكسير سياراتهم ومنعهم من العمل بداخله، مشيرا إلى أنه لا يعرف حتى متى ستتحكم البلطجة فى رزقهم ورزق أبنائهم. وقال "الأسطى عصام" إنه رغم العلاقة السيئة بين السائقين والشرطة فإن غيابهم عن الشارع جعل الأمور أصعب بالنسبة لكل السائقين، وتمنى عودة الشرطة إلى الشارع، لحمايتهم من البلطجة وسرقة أموالهم، وأحيانا سيارتهم. بينما يقول "محمود" الشهير ب "حودة" وهو بلطجى يقوم بأخذ الإتاوة من السائقين، وكان محكوما عليه فى قضايا نصب ومخدرات، إن هذا ما يعيش عليه وليس له مصدر آخر للعيش منه، مشيرا إلى أنه حاول البحث عن عمل فى أكثر من مكان ولكن عند علمهم بأنه "مسجل" يطلبون منه الرحيل، مضيفا أنه مجبر على هذا العمل!